23 ديسمبر، 2024 12:36 ص

طالبوا بالخبز فأعطوهم الرصاص

طالبوا بالخبز فأعطوهم الرصاص

في البدء كانت مجرد مظاهرة سلمية لشبان عاطلين عن العمل اصطفوا إمام مقر إحدى الشركاتالنفطية الأجنبية في قضاء المدينة شمال البصرة، خرجوا محتجين على تهميشهم وحرمانهم منفرص العمل لصالح جنسيات أجنبية وأقارب وإتباع الأحزاب الحاكمة، وكالعادة تسلك الحكوماتالقمعية أسهل الطرق وأسرعها في الرد على إي خطر قد يهدد مصالح أحزابها ومصادر أموالها،بفتح فوهات البنادق بوجه المتظاهرين، ومن ثم اتهامهم بحمل السلاح والادعاء بوجود مندسينيتربصون بزعزعة الأمن والاستقرار.

فلا حق للتظاهر في العراق الجديد حتى وان كفله الدستور، ومن يتظاهر للمطالبة بحقوقه يكونبعثيا ويكون مدفوعا من مخابرات إقليمية معادية ويكون فقاعة نتنة ويكون ملحدا ويكون إرهابيااو عميلا إسرائيليا. جميع التهم جاهزة ولأريب في ذلك.

مشكلة الزعماء السياسيين أنهم لا يستفيدون من تجاربهم السابقة، هاهو ألعبادي يسير خلفخطى سلفه المالكي الذي تسبب بسقوط ثلث العراق بيد تنظيم داعش الإرهابي حين انتهجسياسة البطش والقمع ضد متظاهري المحافظات الغربية الذين خرجوا للمطالبة بالإصلاح آنذاك، فبعد ساعات من وصول ألعبادي الى بغداد قادما من البصرة امرقوات مكافحة الإرهابوقوات التدخل السريعوقوات مكافحة الشغببإنهاء المظاهرات التي تمددت الى كافةالمحافظات العراقية، فنفذت تلك القوات مهامها مخلفة سقوط العشرات بين شهداء وجرحى منصفوف المتظاهرين السلميين واعتقال العشرات من المشاركين في الاحتجاجات والاعتداء عليهم. كل هذا حصل وسط تكتيم إعلامي وقطع خدمة الانترنت كمحاولة من الحكومة تغييب الحقائق عنالرأي العام المحلي والعالمي. ان استمرار الحكومة بانتهاج سياسة القمع ضد المتظاهرينسيؤدي حتما الى ردة فعل مضادة من قبل المحتجين مثلما حصل في المحافظات الغربية ودولالربيع العربي.

ما لا يفهمه ألعبادي ان العراقيين عازمون اليوم على محاسبة الفاسدين واسترداد حقوقهم بشتىالوسائل المتاحة، وان هذه المظاهرات، هي تأكيد على نبذ العراقيين للطبقة السياسية الحاكمة،بعد ان بدؤوا برفض المشاركة في الانتخابات الأخيرة التي لم تصل نسبة المشاركة فيها إلى أكثرمن ١٨ بالمائة، النسبة التي كانت تقتصر على الجمهور الحزبي والمنتفعين وبعض بائعي الذمم.

وقد ظهرت بالفعل أصوات مطالبة بإنهاء هذا النظام السياسي القائم منذ ٢٠٠٣ علىالمحاصصة الطائفية التي لم تجلب للعراقيين سوى الموت والخراب.

فلا حكومة ألعبادي ولا الحكومات القادمة، التي ستولد من تزاوج هذه الأحزاب، قادرة على تلبيةحاجات المواطنين وتقديم الخدمات الأساسية من امن وماء وكهرباء وتوفير فرص عملالخ، لأنهذه الأحزاب ليس لديها مشاريع وطنية ولا رؤية سياسية واضحة من شأنها النهوض بواقع الدولةوخدمة المواطنين، كل ما يهم أحزاب السلطة هو الصراع على المناصب والامتيازات وليذهبالعراق إلى الجحيم، وتجربة الخمسة عشر سنة الماضية مع هذه الطبقة السياسية خير دليل علىذلك.