ذكرني الكاتب التراثي الاستاذ سالم خلف الجاسم، عند اشارته الى (رحية) عبدالله السبيعي،في مقاله المنشور في صفحة محبي قرية النعناعة على الفسيبوك،عن تاريخ نشوء قرية النعناعة،بمقولة العارفة عبدالله السبيعي الشهيرة (طاكة العمام).والطاكة مفردة تراثية كادت تنقرض من الاستعمال في الحياة اليومية مع التحضر،وتعني (كوة) نافذة في الحائط.فمن المعروف انه لم تكن منازل الطين في الريف في الماضي مسورة بحائط،وانما كانت حواش المنازل مفتوحة على الفضاء الخارجي في الغالب،وكأن دور الحارة بيتا واحدا،في حين كان البعض منها يحاط بسياج من الحطب والأدغال يطلق عليها الصيرة،مما يسهل التواصل بين الجيران.وعندما بدأت ظاهرة تسييج الدار بحائط، تمشيا مع مقتضيات التحضر،نبه العارفة عبدلله السبيعي الناس يوم ذاك، الى ان يتركوا في الحائط عندما يشرعون ببنائه،كوة مفتوحة بين الجيران،اطلق عليها (طاكة العمام)، للتواصل السريع عند الحاجة،وتبادل الزاد بين الجيران، بما كان يعرف بالطعمة.وظلت عبارة عبدالله السبيعي تلك، مثلا يتداول بين الناس في الريف حتى الان.
والمتأمل في تلك الحكمة الشعبية،يلاحظ الفراسة التي كان يمتع بها العارفة عبدالله السبيعي، بما تحمله من دلالات الحرص على التواصل الاجتماعي بين افراد مجتمع القرية،وحدسه المبكر بما سيؤول اليه الحال من عزلة مع الزمن،وهو ما بتنا اليوم نتلمسه بوضوح في منازلنا المعاصرة،حيث اضحت منازل القوم محاطة بأسيجة عالية، وابواب موصدة،رافقتها ظاهرة عزلة الجيران عن بعضهم البعض، مع خفوت وهج الدفء الاجتماعي، الذي كان المجتمع الريفي ينعم به في سالف الايام،وانقرضت عادة تبادل اطعام الجيران بعضهم بعضا مما يعملونه من الزاد.
_رحية:اسم عين ماء كان يستخدمها لأسقاء انعامه،وري مزرعته.
_الصيرة: سياج متواضع من الحطب تحاط به الدار لإيواء الغنم.
_الطعمة: تبادل الزاد بين الجيران مما يعدونه من طعام.
_العمام: ابناء العمومة والاقارب.
_الحوش: فناء الدار.