23 ديسمبر، 2024 3:42 ص

طاغيةُ المستقبلِ

طاغيةُ المستقبلِ

لعل القارئ يتشائم من عنوان هذه المقالة!! فليكن ذلك مادام مثل هذا التشاؤم يؤدي الى الحيطة والحذر والانتباه والحيلولة دون رجوع الدكتاتورية الطاغوتية!!!!
وبطبيعة الحال أن الطاغوت لا يتسلط على رقاب الناس إلا من خلال غفلة الناس وسذاجتهم وعدم وعيهم وتقصيرهم في مسؤولياتهم الأخلاقية من خلال إهمالهم لأهم الأمور الضرورية كالمصالح العامة مثلا!!!!
ولابد أن يكون هاجس الخوف من رجوع الدكتاتورية الطاغوتية حياَ في وجدان جميع أبناء الشعب العراقي على حد سواء بما فيهم قادة العراق وساستهم!!!!
وحسب فهمي أن صدام الهدام هو ليس آخر دكتاتور وطاغوت جثم على صدرالعراق الجريح!! وإن كنت أتمنى ويتمنى الجميع أن يكون صدام آخر طاغية ودكتاتور!! ولكن ومن خلال إستقراء التأريخ عموما وتأريخ العراق خصوصا نلاحظ بوضوح ظاهرة تسلط الطغاة والجبابرة الظالمين على رقاب شعب العراق بصورة لم يشهد لها نظير في تأريخ الإنسانية جمعاء من حيث الكم والنوع!!!
فمن تسلط نبوخذ نصر ومعاوية ويزيد وبن زياد والحجاج ومروان والمنصور وهارون وغيرهم مرورا بأعظم طاغية في التأريخ (المقبور صدام) منذ ذلك التأريخ المأساوي لم يهنأ الشعب العراقي بعيش وأمان سوى المآسي والإبادة والقتل والتهجير والسجون والمعتقلات والنفي والتعذيب والتجويع والحصار الشامل والمقابر الجماعية وشن الحروب والقلم يعجزعن وصف ألوان التجبر والطغيان الذي أصاب العراقيين خلال تأريخهم الطويل الذي يمتد لألآف السنين والأعوام!!!ولسنا بعيدين عن تلك المرحلة الطاغوتية الصدامية المظلمة والتي عشناها بأعصابنا ودفعنا الثمن غاليا… فإن أعدام المراجع العظام والملايين من أبناء الشعب العراقي بمختلف طوائفهم وأعمارهم شبابا وكهولا وشيبة ونساءا وأطفالا هي من أهم مميزات هذه المرحلة المظلمة!!!!
كيف ننسى محاربة صدام وحزبه المشؤوم للدين وشعائره وإعدام المؤمنين بسبب إلتزامهم وحسن خلقهم!!!
إن الذي يحز في النفس ويقرح الفؤاد أن هناك الكثير من السياسيين لازالوا يدافعون دفاع الأبطال عن البعث وطاغيته الهدام الى درجة المساومة بحيث يصبح ثمن برائتهم من البعث ورقة رابحة للتسلط على المناصب ورقاب الناس من جديد!!!
مع أن الدفاع عن الطاغية وبعثه هي من أعظم الجرائم التي يحاكم عليها أي مجرم لأنها جرائم بحق شعب كامل سالت على أرضه الحبيبة بحورا من الدماء!!!
وبدل المحاكمة وإجتثاث الظلمة يكون الجزاء هو تسليمهم المناصب القيادية والسيادية وغيرها على طبق من ذهب!!!!
وكما يقولون شبيه الشئ منجذب إليه فالذي يرضى بذلك من (ساسة اليوم قادة المعارضة بالإمس القريب) لايفرق كثيرا عن صدام وبعثه المشؤوم بل هو مثله وخليفته شاء أم أبى !!!!!
وبعد أن فتحوا بوابة جديدة للصداميين البعثيين ماذا يمكن أن تكون نتيجة ذلك؟؟؟؟
إنها مسألة وقت لأننا لسنا في نهاية التأريخ!!
لأننا الآن في مخاض جديد لولادة دكتاتورية طاغوتية جديدة!!!
وقد يخطر في البال هذا السؤال المزعج المرعب:
ياترى من يكون خليفة صدام المقبور في الظلم والعدوان ويجثو من جديد على صدر الشعب العراقي العنيد!!!؟
من يكون طاغية هذا الشعب الذي لازال ينزف وينزف؟؟؟
إن من المؤسف جدا أن هذا الشعب بالرغم من كل مميزاته وخصائصه فإن الكثير من أبنائه لحد هذه اللحظة لا يميز بين الجلاد وغيره!!!
إن الحيلولة دون رجوع الدكتاتورية الظالمة هي من أعظم المسؤوليات التي تقع على عاتق جميع أبناء الشعب العراقي وخصوصا القادة الوطنيين الشرفاء من مراجع ورجال دين وزعماء شعبيين وساسة وكتاب وفنانين وأدباء وشعراء ومثقفين….الخ
ونحن نطمح الى تحمل المزيد المزيد من المسؤولية مادام العدو يتربص بهذا الشعب في كل لحظة…..
وهناك مسؤوليات تقع على عاتق جميع أبناء هذا الشعب المظلوم أخطرها هو عدم المساهمة في صناعة الطاغوت الجديد!!! والمشاركة الايجابية في بناء العراق هذا البيت العظيم الذي ذقنا الحلو والمر فيه وترعرعنا في أرضه المقدسة الطاهرة وقاسينا المصاعب فيه وتحملنا سوط العذاب وقدمنا لأجله القرابين فالواجب يحتم علينا أن نتبع العدل والحق وأن لا نظلم ونساهم في الظلم كي لا يسخط علينا الرب ويسلط علينا من لا يرحمنا.