طاحونة الشياطين تعاود  طحنها في الغوطه

طاحونة الشياطين رواية للكاتب السوري شريف الراس صدرت في منتصف ثمانينات القرن الماضي وهي تسرد قصص القتل العلني الذي راح ضحيته ألاف السوريين في حمص وحماه ودير الزور وغيرها من المدن السوريه تصف الرعب والموت وبشاعة القاتل الذي لم يسلم من قتله حتى الحيوانات والطيور المحلقة ناهيك عن اطفال ونساء وشيوخ وفتية  قضوا نحبهم في تلك المطحنه  لكن يبدو ان تلك الروايه لم تكتمل فصولها بعد وان مات كاتبها فاليوم نسمع  طاحونة جديدة لشياطين جدد  تطحن في الغوطة  بمطحنة جديده وقودها غاز الاعصاب وغازات  سامه لتقتل  اطفالا ونساء وشيوخا وفتية لتعلن عن استمرار مطحنة الموت بذبح متواصل لأبناء سوريه الحبيبه  مجزره مروعه مرعبه   باستخدام ابشع وسائل القتل والدمار لتقلب الحجر والشجر وتقضي على الحرث والنسل  انها حرب  اباده وليس للترويع  او لإثبات الذات  مجزرة يندى لها جبين الضمير الانساني وتقشعر منها ابدان البشر  مجزرة حولت الغوطه من واحة غناء وبساتين عامره وحدائق مبهجه الى اشلاء بشريه  وبقايا  من ثياب الضحايا  وصعدت ارواح  الاطفال الملائكيه الى بارئها بفجر يوم مشئوم  ليوم دموي مروع ماتت فيه الطفولة وتشوهت وجوه النسوة  وزاغت الابصار  وفاضت الدماء   واختلط العظم بأغصان الاشجار وشعر الصبايا بريش الطيور واختفت زقزقت العصافير من جنائن الغوطه ليحل محلها نعيق الغربان والبوم . ان ما حدث في يوم الاربعاء الدامي  جريمة بحق الانسانية جمعاء وان كان الضحايا من ابناء سوريه وان العار سيلاحق  المجرمين  على مر الزمان وطول الايام وسيصفهم التاريخ بأبشع العبارات  . لا ندري كيف حدثت الجريمة وعلى مقربة من فريق التفتيش الأممي والذي جاء ليتحقق من استخدامات سابقه لغازات وأسلحه كيميائيه  وإذا بعجزه عن الوصول الى موقع الجريمة الجديه مكتفيا بصمت مخزي او بتصريح مخجل .هل الفاعل اراد بفعلته ان يظهر عجز الامم المتحدة  ولجانها ومجلسها عن فعل اي شيء ازاء الجرائم التي ترتكب بحق الانسان العربي ؟ ام شبيحة مجهولة الهوية اطلقت صاروخها الشبح المسوم لتخلط الاوراق وتضيع حقيقة الافعال السابقه ؟ ام هو انحدار للدرك الاسفل من السفالة لبعض المرتزقة  . اسئلة مطروحة تنتظر اجابات حقيقيه  بتشخيص الفاعل وإشهاره على الملا  . ليس المطلوب تبادل الاتهامات ولا عقد المؤتمرات او اصدار البيانات التي لم ولن تجدي نفعا ولم توقف  سيل الدماء الذي بات يسقي ارض سوريا الحبية من اقصى شماها الى اقصى جنوبها ومن شرقها الى غربها مرورا بوسطها وقلبها الى متى يبقى الصمت العالمي  ازاء ما يحدث والى متى تبقى المنطقه العربية ساحة قتال وأبناء الضاد وقودها . ان المجزره التي حدثت  تقدم الدليل الفعلي والشاهد الموثوق والموثق بالصوت والصورة ليس عن استخدام الاسلحة بل عن تأمر المجتمع الدولي برمته على الشعب السوري فمجلس الامن  يعرب عن صدمته ولا ندري متى يفيق من تلك الصدمة والجامعة العربية تشجب وتدين والرئيس الامريكي يوجه استخباراته بالتحري عن  الموضوع ومنظمة المؤتمر الاسلامي  ربما لم تقرا الخبر  بسبب التشويش على القنوات الفضائيه ومنظمة (هيمن رايت وتج ) لم تشاهد الانتهاكات بعد وكاترين اشتون تتوعد بقطع المساعدات وتعليق العلاقات والحكومات العربية منهمكة ومشغولة في ربيع اصبح شتاء بلا مطر والشارع العربي مشتت بين المشهد المصري والمسرح السوري . اما الاقمار الصناعية التي تجوب سمائنا فهي مخصصه للتجسس وليس لنقل الحقائق وطائرات الاستطلاع لم تتمكن من الاطلاع  . ان الذي حدث جريمة اباده جماعية والسكوت عنها مشاركة في ذات الجرم  وانتهاك صارخ لكل القيم  وعدوان وقح على حقوق الانسان انها جريمة مكتملة الاركان حيث الضحية والأداة الجرميه  في مسرح الجريمة لكن اين شريف الراس او راس فيه شيء من بقايا الشرف ليعلن عن المسبب وفضحه على اقل تقدير ويقدم الدليل للعالم على بشاعة وجرم الفاعل  . ان صمت الامم المتحدة ولجانها ومجلسها عن  الجريمة دليل اخر على ازدواجية المعايير التي باتت تتحكم في السياسة الدوليه , يا للعار على دعاة الانسانية والتمدن  ويا للخزي المخزي للصمت العربي ويا لبؤس  الاجتماعات والمؤتمرات والتصريحات العربيه امام وسائل الاعلام  حين يكتفون بشرب القهوة العربية المرة دلالة على عروبة الحاضرين  ليتبرع احدهم  بعقد مؤتمرا صحفيا ليتلو علينا من قصائد المعلقات السبع لكن بعد ان ينتهي منهل ينسى ان يعلقها  احتراما فيرميها في سلة المهملات احتقارا , هكذا هو حالنا ياعرب الكل بنا شامت ونحن بشماتة اعدائنا فرحون وختاما اذكر صناع  القرار العربي اصحاب الفخامة  والجلالة والسمو والسيادة  والحق بهم  اصحاب السعادة والفضيله  والمعالي والشيوخ والعلماء والوجهاء والوزراء  من المخلصين منهم والعملاء وأقول لهم انكم مسئولون عن الدماء  المراقة على ارضنا العربية من محيطها حتى خليجها وان الله سيسألكم عنها يوم القيامة حين يأمر من علاه   (وقفوهم انهم مسئولون  ) .
[email protected]