22 ديسمبر، 2024 11:28 م

ضيف كتابات الشاعر والناقد علي حسن الفواز

ضيف كتابات الشاعر والناقد علي حسن الفواز

الحوار مع الشاعر والناقد علي حسن الفواز يشعرك بدفء رؤاه وعمق إحساسه بعصره , الفواز الذي يكتب بلغة شديدة ألشفافية وألعارف  كيف يحرث في أرض جديدة بسلسلة مدهشة من المنجزاتالشعرية والنقدية , لذا أتفق  كليا” مع الناقد د خالد جاسم  في مقال صانع البهجات ( يبدو أنه من الصعب أن نلمَّ بأطرافاشتغالات الشاعر والناقدعلي حسن الفواز، أولاً لتعددها،وتنوعها، ومن ثمَّ لتقدمه في التجربة شعراً ونقداً واعلاماً)

ومن  يتابع  كتابات الفواز يدرك مدى حرصه  على ألانسان في بلادتعيش إزمة أنسانية عميقة  وأدراكه  أن الحوار العقلاني  خلاصة للجهد الانساني  الحالم بحياة  أفضل  , ويؤمن بان أمام صناع الجمال فرصة تاريخية  للتغيير  , ماداموا يمتلكون  القدرة على  ألامساك بها بقوة .

ألفواز أحد رموز الثقافة العراقية  والمتعدد ألمواهب , الممتلىء حيوية ونشاط

 ضيف موقع كتابات فمرحبا كبيرة به

لاجدال ان مجد بودليير ينبع من ديوانه الشهير ( أزهار الشر )  كيفتفسرون هذا الكم الهائل من الاصدارات الشعريةوهل الشعر فيالعراق بعافية بعد هذا الانفتاح الكبير  وتعدد منصات التواصلوالمؤسسات الثقافية ؟

جالنشر العشوائي للاصدارات الأدبية بشكل عام يعكس واقعالاضطراب الذي تعيشه الثقافة العربية، ومنها العراقية، عبر غيابالجدّية النقدية، وحتى عبر تقوّض الأطر الثقافية، وللأسف هذهمسؤولية سياسية أكثر مما هي ثقافية، بحكم الاختلاط غيرالآمنمابين السياسي والثقافي. لكن رغم كلّ هذه العشوائية تبقىللحساسية الشعرية حضورها وفاعليتها، فوسط   هذا الركامالعبثي يمكن أنْ نتحسس رائحة المغامرة، ووهج القصيدة، وطاقتهاعلى النفاذ في اللغة وفي الوجدان، حيث يتحرك الشعراء المغامرونخارج السياق، خارج المراقبة، ليوحوا لنا بأنّ الشعراء  يمكنهم أنْيصنعوا المكوث أيضا

تعدد المنصات الثقافية ليس بالضرورة ظاهرة صحية، أو أنهاانعكاس لما يُسمى بالمرجعيات الديمقراطية، فهذه الظواهر قد تكونمُخادعة، وقد كون جزءا من الوعي المزيف، ومن تعدد منصاتالصراع الايدولوجي والحزبوي، والذي ظهربشكلٍ عجولوغرائبيبعد أنْ تقوّضت المركزيات القديمة، بما فيها الاشكالالدولتية والمؤسسية، وهي ظواهر تحتاج الى المراجعة والتوصيفوالتأطير، لكي تكون جزءا حقيقيا من الانسان، ومن منظومة التنميةوالتحوّل الاجتماعي والسياسي..

امام رهبة الورقة البيضاء , هل من طقوس محددة للكتابة ؟

ج.. بقدر ما أنّ الكتابة لحظة وعي، أي إنها تُكتب بقصدية، فإنهاأيضالحظة مزاج، وتوهج وتوجّس، ومحاولة لامساك الوجود..

القصيدة كائن شبحي، يتسلل أو ينفر، لكنه يحضر بوصفه تحفيز،شغفا، أو ربما لذةً أو تعويضا. عند كتابة القصيدة أشعر وكأنيأتعالى، وأنْ املك قاموسا، أو حتى مكتبةً، لأنّ الشعر هو البنيةاللغوية التي تملك لوحدها لعبة الاستعارات والتوريات والمجازات،والاقنعة، وهذا مايجعلها تحوز الاختلاف، والتنوع، مقابل ماتحوزهمن الحميمية والتواصل، حتى تبدو كتابة القصيدة وكأنها كتابةفي الشخصي، واللذوي بعيدا عن اوهام العمومي والرقابي..

من الصعب عليّ أنْ أكتب قصيدة كاملة في مقهى أو في شارع عام،حيث الفرجة، واشتباك الأشياء، واحيانا انتهاكها، لأني اجد فيهذه الامكنة ماهو ضدي، وماهو خاضع لرقابة الاخرينوحساسيتهم، ولأنّي مقتنعٌ جدا أن القصيدة لعبة شخصية خالصة،لذا احتاج الى زاوية ما، أو طاولة ما، حتى تمارس هذه الكتابةبوحها، وتكشف عن عريها.  

هل تضع في ذهنك قارئا مثاليا محتملا عند الكتابة وهل  احدىالمشاكل التي تواجه الكاتب انه بدون قارىء حقيقي ؟

ج..لكلِّ كاتبٍ قارىءٌ ضمني، أو افتراضي، لأننا نكتب الى آخر ما، قدلاتبدو ملامحه وسماته واضحة، لكنه يشاطرنا خيار الكتابة، وربمايعاتبنا على اخطاء قد نتورط فيها، أو نندفع اليها تحت هواجسالغواية..

الكتابة الثقافية تفترض قارئا مثقفا، وهذا ما يضع تلك الكتابة أماممسؤولية هذا القارىء، الذي يبدو مشاركا وحاضرا كما تقول بعضنظريات القراءة والتلقي، وأية محاولة لتعسير وجود هذا القارىءسيجعل الكتابة اشبه بمحاولة التدوين العمومي، أو الحكي الذيلاحدود، ولا اسرار له، ولا خبايا تتطلب نوعا من الحفر والتأويل،وحتى المواجهة، وحتى افتراض هذا القارىء  لايلغي الطابعالخطابي او الرسالي للمادة الثقافية، إذ إنّ هناك قراء آخرين، قراءعموميين لهم علاقة بالطابع الاشهاري للكتابة، أي بعد أنْ تتحولالقصيدة او الرواية او القصة او حتى المقالة الى منجز واقعي..

في مقال لكم (يظلُّ البيان الشعري عام 1969 بالعراق والجماعة التيوقعت عليه مثار جدل واسع، في النظر إلى موضوعات الهويةالشعرية، والتجديد الشعري والموقف من الوجود والمعنى واللغةوالتاريخ، وفي التعاطي مع أسئلة الحداثة )  بعد مايقارب الخمسينعاماهل انتهى زمن اصدار بيانات الشعر في العراق  فردية كانتام جماعية   ؟

جطبعا البيان الشعري بنسخته الستينية قد انتهى، لأنه كانتعبيرا عن لحظة زمنية فارقة، وعن وعي تاريخي بصياغات الكتابةالشعرية، وأنّ النظر اليه الآن يبدو اشبه بالكوميديا، إذ استغرقتالكتابةَ الشعرية كثيرٌ من المعطيات والمتغيرات والأسئلة، وهي بلاشك أفق لتوليد مزيد من تلك الاسئلة، وربما  أجد  في الأمر حاجةوتحريضا على كتابةِ بيان شعري جديد، وهو ماعملت على كتابتهقبل مدة، ونشرته في جريدة الصباح، وفي وسائل التواصلالاجتماعي استشرافا لوعي شعري آخر، ول(أجيال) و(جماعات) شعرية جديدة، لها فضاؤاتها واسئلتها وهواجسها إزاء الحريةوالوجود والمعنى..

في كتابة نقدية سابقة لكم  أوضحتم طبيعة القراءة ألنقديةكيفتقرأ ألمشهد ألنقدي في ألعراق في ظل هذا العدد  الهائل من ( النقاد) ؟

ج..لايوجد في الوسط الثقافي عددٌ هائلٌ من النقاد كما تقول، لأنشرط النقد بمعناه العلمي والمعرفي غير متوافر في هذا(العددالافتراضي)لاسيما وأنّ مجال الكتابة النقدية يتطلب توصيفا دقيقالمفهوم الناقد، ولأطر وظيفته في المجال الثقافي والأبي، فضلا عنفرضية مايمكن تسميته ب(الناقد الاكاديمي) والتي لايمكن عدّهاحضورا ل(الناقد المُعلِم) أو في السياق العددي لظاهرة النقاد الجدد. تسمية(الناقد الاكاديمي) تسمية مُضبَبة، وغير دقيقة علميا ومهنيا،وتفتقر كثيرا لدلالة ماتحمله التسمية من معان، ومن فاعليات لهاسياقاتها، ولها اجراءاتها، فهذا الناقد التعليمي هو الاقرب الىتوصيف الباحث، أو مَنْ يُعلّم تاريخ النقد، طبعا هناك استثناءاتمعروفة ومحدودة، ولها منجزها وحضورها النقدي في لحظتناالتاريخية والثقافية..

اين  يجد نفسه الفواز بين الشعر الذي بدأ به ام النقد  ؟ولنبقى فيحضرة  الشعر بعد دواوين اربعة  – فصول التأويل –  مرايا لسيدةالمطر –  مداهمات متأخرة، الون باسلة  … هل من ديوان جديد فيالطريق  ام توقفت هنا ؟

جأصدرتُ بعد هذه المجموعات، مجموعتين شعريتين هما( وجهٌضالع في المرايا) صدرت في بيروت، ومجموعة(الواح الحضوروالغياب) صدرت في دمشق، وهناك مجموعة جديدة في طريقها الىالصدور..

الشعر خلاصي الشخصي، فأنا اجد لذتي وسحري في القصيدة. النقد مسؤولية ثقافية ومعرفية، وهي محاولة دينامية للتواصل  معالعالم، في تحولاته وفي اسئلته، فالقصيدة هي لعبة في الاتصالالشخصي، والنقد لعبة كبرى في النظر الى الوجود والعالم، واعتقدأنّ وظيفة المثقف بمعناه النقدي والعضوي والانساني تتطلب هذاالجهد، وهذه المغامرة، وحتى هذا الالتزام الذي يجعله يسعى دائماالى تغيير ماحوله، في السياسة والاجتماع والتعليم، فالناقد لم يعدالعدّاء القديم، إنه صاحب العربة الان، وهو من يملك بوصلتهاوموجهاتها..

شغلت عدة مواقع في الاتحاد العام لاتحاد الادباء والكتاب فيالعراقهل اثر العمل الاداري  على نشاطك الادبي  والاعلامي ؟

جلا اعتقد أنّ هناك تأثيرا مباشرا على طبيعة العمل المهني، لأنيأجد في مسؤولية المثقف الآن ممارسة أكثر سعة، في التعاطي معحاجات التنظيم الثقافي، وتفعيل البيئة الثقافية التي تعاني منالعشوائيات، وهي مسؤوليات لايجيدها غير المثقف ذاته، فضلا عنالفاعل الثقافي صار أكثر قدرة على تجاوز لعبة تقاطع الطرق،والتماهي مع الصورة الشاحبة للمثقف المتعالي والمنعزل،والرومانسي الحالم والهروبي،  مقابل الانخراط   فيوظائف(عضوية) و(مؤسسية) تتطلب جهدا، ووعيا استثنائيينلمواجهة تاريخ طويل من العنف، والمركزيات الحاكمة، وبإتجاه أنيسهم المثقف في تأهيل الادارة الثقافية، وفي حتى في تنشيطالعمل الثقافي النقابي، لاسيما وأن لهذا العمل تعقيداته، وحاجتهالى أطر تشاركية وحقوقية، لأنّ الحكومات العراقية للأسف مازالتتُهمّش الوظيفة الثقافية، ولاتعطي لملفاته الأهمية التي ينبغي أنْتكون، ولا حتى لدوره في مواجهة الصراعات الكبرى مع الاستبدادوالعنف والكراهية والتطرف والطائفية، وهي تمثّلات ثقافية،وتحتاج الى معالجات ثقافية ايضا..