23 ديسمبر، 2024 5:51 ص

ضيعة ضائعة .. يا سيادة الرئيس – بشار الأسد

ضيعة ضائعة .. يا سيادة الرئيس – بشار الأسد

أستهلال : هذا مقال مختصر مؤسس على خطاب الرئيس السوري بشار الأسد في جامع العثمان في يوم 7.12.2020 / يمكن للمهتمين مشاهدة الخطاب كاملا على اليوتيوب ، والخطاب جاء تعقيبا على خطاب وزير الأوقاف السوري عبدالستار السيد – الذي أوضح فيه ( أنه ” لولا المؤسسة الدينية لكان التطرف والفكر التكفيري قد انتشر في مناطق كثيرة من الجغرافيا السورية ” ، محذرا من خطر ” فصل الدين عن الدولة ” ، الذي يخدم جماعات ” الإخوان المسلمين والجماعات المتطرفة ” .. / نقل من موقع سبوتنك ) . وأرى أن عملية عدم فصل الدين عن الدولة ، معقدة ! ، وذلك لأن النسيج الديني السوري أكثر تعقيدا ، لأنه يتكون من الأطياف التالية ( المسلمين – السنة ، الشيعة الأثني عشري ، العلويون ، الأسماعيليون ، والدروز والمسيحيون واليهود واليزيديون .. ) . فكيف سيكون التوفيق بكل هذه الحزمة الدينية المتشعبة !! .

الموضوع : أنبرى الرئيس ” المؤمن ” بشار الأسد ، خطيبا كشيوخ الأسلام ، في جامع العثمان متناولا قضايا عقائدية ” معقدة ” ، هو أبعد الناس عن مضمونها ! – أمام جمع غفير من رجال وشيوخ الدين السنة وسيدات يعملن بالحقل الديني .. ، مخاطبا الجمع ب ” العلماء والعالمات ” !! ، من هذه المواضيع : عروبة سوريا ، عربية القرآن ، عروبة الرسول / على أساس أنه كان مستعربا وليس عربيا ! ، وتكلم بأسهاب بالأخص عن لغة القرآن / مبررا وجود بعض المفردات غير العربية فيه كالسريانية .. ومؤكدا في الوقت ذاته ، على خطاب وزير الأوقاف في مقولة ” عدم فصل الدين عن الدولة ” ! .
القراءة : أولا – من الذي أوجد التطرف في سوريا ! ، ومن الذي جذره في المجتمع السوري ! ، ومن أي كتب نهل النشأ ليكون متطرفا ! ، وكيف تأسست المنظمات الأرهابية الأسلامية في سوريا ، كجبهة النصرة والقاعدة وداعش والأخوان المسلمين وجبهة تحرير سوريا الإسلامية وغيرها . فمن المؤكد أن الجوامع والمساجد والجمعيات التي تعمل تحت مظلة المؤسسة الدينية في سوريا ، هي التي نهلت منها الجماعات الأسلامية لتكون متطرفة وتكفيرية ، فالكلام من أن المؤسسة الدينية منعت التطرف ، هذا كلا عار عن الصحة : فأن المؤسسة الدينية هي التي ساهمت في التطرف ، وليست هي التي منعته !! .
ثانيا – أن المؤسسة الدينية بكل قطاعاتها وبكل مفاصلها وبكل قياداتها ، كانت تبث خطبا ، وتنشر كراريس ومنشورات وكتب ، وتعطي دروسا ومحاضرات ، ضمن الفقه السني ، وأن التثقف بهذه الأفكار تهيأ وتعبأ الفرد فكريا للتطرف الديني ، والذي أسس لاحقا للمنظمات الأرهابية . فالمؤسسة الدينية هي بذرة الأرهاب في المجتمع السوري ، حالها حال الأزهر ! ، ولم تكن يوما رادعا له ، لأجله أنتشر الأرهاب في أكثر المدن السورية .
ثالثا – أما قضية فصل الدين عن الدولة ، فهي أشكالية في أي دولة ! ، خاصة الدول العربية ! ، فكيف للتعايش والمواطنة أن يتحققا في أي دولة تخضع فيها قوانين الدولة المؤسسية للدين ، دون القوانين المدنية . فأن ما أكده وزير الاوقاف السوري والرئيس بشار الأسد معا ، بعدم فصل الدين عن الدولة يخالف الدولة المدنية الحديثة ، هذا من جانب ، ومن جانب أخر أن الرئيس الأسد هو قائد لحزب البعث الذي يحكم سوريا ! ، والبعث حزب علماني وليس حزبا دينيا / أي أن حزب البعث يفصل الدين عن الدولة بمعظم أدبياته ! . فكيف للرئيس أن يؤيد وزيره في مقولة عدم فصل الدين عن الدولة ، لأن هذا المبدأ يتقاطع مع مبادئ البعث الذي يقوده الرئيس . وهذا يعني من جانب ثالث ان الأسد يؤمن بشي ويطبق شيئا اخر!.
سيدي الرئيس : 1 . أذا لم تكن المؤسسة الدينية هي المسؤولة عن الأرهاب في سوريا ، أذن من أين جاء الأرهاب / بكل تنظيماته وجماعاته الى سوريا ! . فهل يمكن أن يفرخ الأرهاب صدفة دون حاضنة رسمية وشرعية ، من داخل الأراضي السورية .
2 . وللتذكير .. من أين جاء هذا العطف على المؤسسة الدينية ! ، والوالد / حافظ الأسد ، والعم / رفعت الأسد ، قد فتكا فتكا بالجماعات الأسلامية السنية قبل عقود ، الجماعات التي هي الأبن الشرعي للمؤسسة الدينية التي تدافع عنها ، ومجزرة حماة أكبر مثال على ذلك ( مجزرة حماة : هي مجزرة حصلت في شُباط/فبراير من عام 1982 حينما أطبقت القوات البرية العربية السورية وسرايا الدفاع حصارًا على مدينة حماة بناءً على أوامر من رئيس البلاد حافظ الأسد وذلكَ لمدة 27 يومًا من أجل قمع انتفاضة الإخوان المسلمين ضدّ الحكومة ، قد أنهت المذبحة التي نفذها الجيش السوري بقيادة اللواء رفعت الأسد فعليًا الحملة التي بدأت في عام 1976 من قِبل الجماعات الإسلاميّة السنية وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين ضدّ النظام .. وقد أختلفت عدد ضحايا المجزرة باختلاف المصادر ولا أحد يعرف الحصيلة النهائية لعدد القتلى خلال ذلك الهجوم ، حيث وثّقت اللجنة السورية لحقوق الإنسان مقتل 40 ألف مدني ، غالبيتهم قضوا رمياً بالرصاص بشكل جماعي ثم تمّ دفن الضحايا في مقابر جماعية . أمّا ” روبرت فيسك ” الذي كان متواجداً في حماة بعد المجزرة بفترة قصيرة يقول إن عدد القتلى كان 10 آلاف شخص تقريباً. أما ” جريدة الإندبندنت ” ، فقالت إن عدد ضحايا مجزرة حماة وصل إلى 20 ألفا . / نقل من موقعي عربي بوست والويكيبيديا ) .
3 . سيدي الرئيس ، البلد يحترق منذ عام 2011 ، والسبب الرئيسي لكل هذه النيران هو التطرف الأسلامي ! ، التطرف الذي يدعوا الى توحيد سوريا أسلاميا تحت رايته بقوة الرصاص ، وهذا هو سبب خراب البلاد ! ، فعدم فصل الدين عن الدولة سيزيد من هذه الحريق ، في بلد هاجروا معظم سكانه / المسيحيين بالتحديد ! ، من أجل السلام والأمان ، سيدي : أن الجماعات الأسلامية / المنبثقة من المؤسسة الدينية ، هي النار التي حرقت البلد ! ، وحتى لم تحاول أطفائه .
خاتمة : سيدي الرئيس ، أنتم من ناحية تتحالفون مع أيران / الشيعية – وتنضمون للمحور الشيعي للمنطقة ، ومن ثم تستوردون عدة وعتادا وخبرة من روسيا / ذات الجذور الشيوعية ، وتستقبلون مليشيات شيعية / لبنانية عراقية و.. ، كي تحارب معكم ضد المنظمات التكفيرية ذات الأغلبية السنية ، ومن ناحية ثانية ، خطابك الديني الأخير في جامع العثمان يغازل الجماعات السنية – دون غيرهم ، ومن ناحية ثالثة تعمل على تدريس المذهب الشيعي في سوريا ، فقد جاء في موقع / أيلاف ، بهذا الصدد التالي ( يخاف معظم السوريين من أن يكون مرسوم بشار الأسد بتدريس المذهب الشيعي الاثني عشري في المناهج الدراسية السورية مقدمة جدية لمأسسة التشيع في سوريا .. ) ، وفي الأخير مذهبيا ، أنت لست أثني عشريا ، بل انك علويا ! … حقا سيدي الرئيس المؤمن : ” أنها ضيعة ضائعة ” ! .