في السابق، في أوروبا تحديداً لحظة الانتقال الحقيقي إلى الدولة القومية الحديثة، كانت النقاشات تُثار حول الدولة وطبيعية اللوحة الاقتصادية – الاجتماعية للسلطة وآثارها على الشعوب. بمعنى أدق طبيعية الاقتصاد والمستفيدين منه، نقاش حول مالكي وسائل الانتاج وعلاقاته ووضع الطبقات الاجتماعية من السلطة والدولة، وموقفها من عملية الانتاج وما يتمخض عنه على المستويين الاجتماعي والثقافي.
هذه النقاشات التي كانت ومازالت تهدف إلى تحريك عجلة الدولة وتطوير اقتصادياتهاالمتنوعة وتمتين اطارها السياسي – الاجتماعي بهوية واحدة وجامعة تستوعب في داخلها جميع افراد الدولة بعيداً عن تداول مفاهيم مثل الأغلبية والأقلية القائمة على أساس العرق والدين واللغة والسلالة والجنس مكَّنتها من استيعاب مفهوم الأقليات في ثقافتها الشاملة والتي جاءت كنتيجة متوقعة لسعيها في تكوين الدولة / الأمة وهي تعمل على ذلك لجديتها في حفظ التاريخ الإنساني وتراثه المتنوع، الحوارات التي كان فضاؤها واسع ورحب مهد لبعث أوروبا وشعوبها.
على العكس من ذلك، لم تُثار عندنا نقاشات وحوارات من هذا النوع تؤكد على أهمية بناء دولة ذات هوية واحدة وجامعة لجميع افرادها، يكون محورها تكوين لوحتها الاقتصادية –الاجتماعية، وتعمل على تنمية مواردها لتوسيع دائرة المستفيدين منها. وبالتالي نشوء ثقافة شاملة تضمن حفظ تاريخ وتراث الاقليات العراقية المتنوعة وتمنع استغلال المفاهيم وتكريسها في المستوى السياسي الذي يرسخ لأحقية وجود حكومات قائمة على المحاصصة الطائفية والاثنية.