القسم الثاني
الحقوق كلمة ذات مفاهيم ومعاني ومقاصد ومدلولات متعددة ، ونراها في الخدمة والوظيفة العامة ، هي الثابت من الموارد المالية الشهرية مما يتمكن كل موظف من الحصول عليها لقاء بذله للجهد الفكري أو الجسدي الذي يتعلق بتأمين ضرورات الحياة في السكن والمتاع الآمن . والتمتع بهما دون تمييز على أساس الجنس أو الجنسية أو الدين . أما الإمتيازات فهي المؤقت مما يتم الحصول عليه بالإضافة إلى الحقوق المادية أو المعنوية ، لقاء قيامه بعمل يظهر فضله وتميزه وتفرده بصفة أو عمل عرف به واشتهر ، شأن منح المخصصات المقترنة بموقع وظروف وطبيعة عمله الإداري أو الفني ، وعليه أجد وتيسرا للبحث ، الإنطلاق من الأسباب الموجبة للتشريع ، لضمان صحة وسلامة التنفيذ ، بالإبتعاد عن الإجتهادات غير المؤسسة على قواعد العدل والإنصاف في منح الحقوق والإمتيازات المتوازنة ، التي تسبب عدم مراعاتها والأخذ بها ، نشوء أسس وقواعد شيوع جميع حالات الفشل والفساد وأركانها الأساسية ، التي نخرت جسد الوظيفة العامة ، إلى الحد الذي أصبحنا فيه نرى دائرة وطوق الخشية من الواقع الإقتصادي المتردي حاليا ، وغير المستجيب لرؤيتنا في تأمين الرواتب الشهرية للموظفين والمتقاعدين ، مما يلزمنا التذكير والتأكيد على بعض ما يتوجب بيانه ، رغبة في إعتماد قانون للرواتب وآخر للمخصصات ، في ضوء ما قدمناه من مقترح يمنع أو يحد من التوسع العشوائي في التخصيص والمنح المالي ، البالغ حد الغلو والتطرف غير المتوازن ، من خلال :-
أولا – أصدرت هيأة التقاعد الوطنية – الشؤون القانونية ، كتابها المرقم قانونية 97 في 25/3/2015 ، الموجه إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي / الدائرة القانونية والإدارية ، والمعطاة نسخة منه إلى وزارة التربية / قسم الشؤون القانونية لنفس الغرض ، بعنوان مكافأة نهاية الخدمة ، إجابة على مضمون كتاب الدائرة المذكورة المرقم ( ق/4/5/3032) في 8/3/2015 ، بالإشارة إلى كتاب وزارة المالية / دائرة المحاسبة / الدراسات والمتابعة ذي العدد ( 5072) في 17/3/2015 .
*- إن موضوع الإستفسار محدد ب ( مكافأة نهاية الخدمة ) المعرفة بموجب البند ( الرابـع عشر) من المادة (1) من قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 ، على إنها ( مبلغ مالي يدفع للموظف المحال إلى التقاعد وفقا للقانون ) ، كما نصت المادة ( 21/ تاسعا ) على أن ( أ- يصرف للمحال إلى التقاعد ولديه خدمة لا تقل عن (25) خمس وعشرين سنة مكافأة نهاية الخدمة ، وتحتسب على أساس كامل الراتب الأخير والمخصصات مضروبا ب (12) ويسري على الحالات من تأريخ نفاذ التعديل . ( أي في 31/12/2019 ) .
ب. يسري حكم الفقرة (أ) من هذا البند على الموظف المتوفي في الخدمة ، ممن لديه خدمة تقاعدية لا تقل عن (25) خمس وعشرين سنة ، ويصرف مبلغ مكافأة نهاية الخدمة إلى خلفه المستحق ، ويشمل الحالات السابقة الواقعة بعد 1/1/2014 ) . ويعود سبب الإستثناء وبأثر رجعي للموظف المتوفي في الخدمة فقط ، كون الوفاة من حالات القوة القاهرة ، مع إن المادة (21/تاسعا) قبل التعديل قد نصت على أن ( يصرف للموظف المحال إلى التقاعد لإكماله السن القانونية أو بناء على طلبه أو لأسباب صحية ، ولديه خدمة تقاعدية لا تقل عن (30) ثلاثين سنة ، مكافأة نهاية الخدمة وتحتسب على أساس كامل الراتب الاخير والمخصصات ×12) . وفيها من حالات القوة القاهرة الأخرى ما يتوجب مراعاة شمولها بالإستثناء ؟!. مثل الإحالة إلى التقاعد بسبب إكمال السن القانونية ولأسباب صحية ، وإن كان لنا رأي فيما نشرناه في صحيفة كتابات وعلى صفحة الفيسبوك بعنوان ( في قانون التقاعد الموحد ) بتأريخ 8/9/ 2018 ، بإعتبار ذلك من الإمتيازات التي لابد من منحها للمتميزين على وفق أسس وقواعد محددة سلفا ، لأن مدة الخدمة البالغة (30) سنة ليست مؤشرا للتميز والتفضيل ، فكم من أمضى تلك المدة وخرج من الوظيفة وهو تارك لها وما فيها وما عليها دون وجود ما يستشهد به لصالحه ، من جودة الأداء والمشاركة الفاعلة في إنجاز الأعمال بأقل جهد ووقت وكلفة ، أو من خلال الإبداع في تطوير وتبسيط الإجراءات ، وتقديم البحوث والدراسات المتميزة ، إضافة إلى الكثير من حالات التميز التي يمكن إعتمادها لتكريم المستحقين أثناء الخدمة وبعدها ، ومنها الإلتزام بقواعد الإنضباط الوظيفي .
وبذلك لا نجد ما له علاقة بموضوع ( مكافأة أعضاء الهيئات التدريسية والتعليمية ) الممنوحة بمقدار الراتب الأساس أو الراتب والمخصصات لموظف الخدمة الجامعية لمدة ستة أشهر ؟!. سيما وأن الأسباب الموجبة لتشريع القانون رقم (12) لسنة 2012 ، تحت مسمى ( قانون مكافأة أعضاء الهيئات التدريسية والتعليمية ) بدلا من قررات مجلس قيادة الثورة (المنحل ) ذات الشأن بالموضوع ، قد نصت على أنه ( بغية عدم حرمان شريحة من أعضاء الهيئات التدريسية والتعليمية المحالين إلى التقاعد في النصف الأول من السنة الدراسية بسبب إكمالهم السن القانوني ، ولغرض شمولهم بالمكافأة المخصصة للذين يحالون إلى التقاعد في النصف الثاني من السنة الدراسية شرع هذا القانون ) . كما نصت الأسباب الموجبة لتشريع القانون رقم (32) لسنة 2012- قانون التعديل الأول لقانون الخدمة الجامعية ، على أنه ( ثمينا لجهود الكوادر العلمية العراقية ، ومن أجل تشجيع البحث العلمي وإيجاد قاعدة علمية رصينة ، وتوفير الفرص لدعم شريحة أعضاء الهيأة التدريسية من حملة الألقاب العلمية ، واستقطابها ، ومعالجة موضوع تقاعدهم , شرع هذا القانون ) . ونصت الأسباب الموجبة لتشريع القانون رقم (1) لسنة 2014- قانون التعديل الثاني لقانون الخدمة الجامعية النافذ ، على أنه ( تثمينا للملاكات العلمية في بلدنا ، ومن أجل توفير الفرص لدعم شريحة أعضاء الهيئات التدريسية ، وتشجيعهم على البحث العلمي والجودة العالية ، وبما يتلائم مع الحاجة الحقيقية للعاملين في المؤسسات التعليمية , شرع هذا القانون ) .
ثانيا – نص كتاب هيأة التقاعد إستكمالا (( ونود أن نبين أنه بموجب البند (أولا) من المادة (38) من قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 ، تم إلغاء كافة النصوص القانونية الواردة في التشريعات والأوامر التي تقرر للمتقاعد أو المستحق حقوقا تقاعدية ( راتبا أو مكافأة ) خلافا لأحكامه )) .
*- نصت المادة (38/أولا) من قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014- المعدل ، على أن ( تلغى كافة النصوص القانونية الواردة في التشريعات والأوامر التي تقرر للمتقاعد أو المستحق حقوقا تقاعدية ( راتبا أو مكافأة ) خلافا لأحكام هذا القانون ) مع تثبيت عدد من التشريعات ومنها قانون الخدمة الجامعية . ولما كانت الحقوق التقاعدية معرفة بموجب المادة ( 1/ عاشرا ) من القانون المذكور آنفا ، على أنها ( الراتب التقاعدي أو المكافاة التقاعدية أو المبلغ المقطوع ) . وأن كل منها معرف بذات المادة وفي أحد بنودها التالية ( حادي عشر- المكافأة التقاعدية : المكافأة البديلة عن الراتب التقاعدي / ثانـي عشر – المبلغ المقطوع : المبلغ الشهري الذي يتقاضاه المتقاعد اثناء حياته والذي لديه خدمة تقاعدية لا تقل عن (10) عشر سنوات وأقل من (15) خمسة عشر سنة / خامس عشر – الراتب التقاعدي : الراتب الشهري الذي يستحقه المتقاعد ) . وأن المكافآت معرفة فيها أيضا ، وليس من بينها مكافأة أعضاء الهيئات التدريسية والتعليمية ، لخصوصية نوعيتها وإختلاف شروط منحها ، وحيث حدد الإلغاء ( للنصوص القانونية الواردة في التشريعات والأوامر التي تقرر للمتقاعد أو المستحق حقوقا تقاعدية ( راتبا أو مكافأة ) خلافا لأحكام هذا القانون ) ، مما يعني فك الإشتباك ومنع التداخل والتعدد ، بتوحيد النصوص القانونية التي تترتب عليها إستحقاقات تقاعدية ، والإكتفاء بما تضمنه قانون التقاعد الموحد في هذا الجانب فقط ، وليس إلغاء تلك التشريعات بالكامل وإنما على جزء منها ، لما في المتبقي منها من تحديد للمعالجات اللازمة لمواضيعها ذات الطبيعة الإجرائية في التحقق وما يترتب عليها إداريا وقانونيا من حقوق ، ومنها على سبيل المثال ما تضمنه قانون العجز الصحي للموظفين رقم (11) لسنة 1999 ، الذي ألغيت منه المواد (6و7و8 ) تبعا لما تقدم ، لتعلقها بموضوع ( مكافأة العطل ) وكيفية إحتسابها وإضافتها إلى راتب تقاعد الإصابة بنسب محددة تتناسب ونسب العطل المؤدية إلى الإحالة إلى التقاعد ، حيث نجد ( مكافأة العطل ) قد ثبتت في المادة ( 1/ ثالـث عشر) من قانون التقاعد الموحد ، والمعرفة على أنها ( مكافأة تعويضية عن العطل الناجم عن إصابة عمل ) . دون المساس بمنح المكافآت الأخرى وحسب أغراضها ، مما نعده تناقضا في معالجة الأحكام المتشابهة من حيث الجوهر لموضوع البحث .
تابع التكملة في القسم الثالث اللاحق رجاء .