بعد تدمير النخلة وشيخوختها سواء بعوامل الطبيعه وغيرها يصبح الأمل بالفسائل وقيل شعر شعبي كثير في ذلك عندما تحل النكبات والهزائم والتراجعات ، فالذين تبلور وعيهم في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي لمسو لمس اليد نخلاتنا الياسقات بقامات عاليه مثل جواد سليم وعبد الجبار عبد الله وعبد الكريم قاسم وجواد علي وطه باقر ومحمد سلمان حسن والجواهري والسياب ورفائيل بطي وكثيراً غيرهم من الانداد والتلاميذ الذين ورثوا الوطنيه العراقيه من جعفر بو التمن وساسون حسقيل وانستاس الكرملي ومحمد رضا الشبيبي والنايئني والخالصي ثم جاء التصحر بعد السبعينات وقضى على النخلات الباسقات حتى أسقط الجنسيه عن بعضهم . وبعد 2003 انبرت اقلام محترمه لورثه هؤلاء مباشرة ليصدر لنا حوالي عشرة كتب متتاليات بهدف نشر الوعي الوطني( سياسياً واقتصادياً ونفطياً وغازياً ومياهاً وطاقه ) وكان خالي الغرض لا طمعاً بمال أو سلطه ومع ذلك لم يلق مثل هذا الباحث الغزير العميق ما يستحقه من اهتمام رغم أنه وضع خارطه طريق توحد جميع الهم العراقي في السياسه والثقافه والاقتصاد .
وبعد حزيران الاسود لعام 2014 يتجدد الامل في تسليط الضوء على ما كتب الباحث فؤاد قاسم الامير وهو على أبواب الثمانينات من عمره فمثلاً في كتابه الأخير ( الدولار دورة وتأثيره في أسعار الذهب والنفط والعملات الأخرى ودور لعراق المقبل في تسعير النفط ) يحذرنا من النموذج اللبرالي الذي تصدره أمريكا وسياستها الخارجيه ترسمها وفق لذلك بخلق ذات النموذج في الدول ذات الاقتصادات والقيادات الهشه . وهذا النموذج كما يتناوله عبد الحي زلوم الذي يشير اليه المناضل الباحث الأمير ( بأن 1% من سكان أمريكا يمتلكون 50% من مجموع الثروه بينما يمتلك 80% من السكان أقل من 8% من تلك الثروه . وأن هذا النمط الاقتصادي غير العادل يتم تصديره للعالم عبر العولمه ، وأن طبقه ال 1% هم في كل مجتمع هي ( عبر قطريه ) الولاء ويتشارك أصحابها القيم والمبادئ والمصالح بما هو أكثر بكثير مما يشاركون البقيه من أبناء وطنهم ( عبد الحي زلوم / نذر العولمه ص 5 ) فالنموذج الصيني أو نمور اسيا ابتكروا نماذجهم حيث اتخذت مسارها الخاص إذ استغلت واستثمرت الانفتاح الاقتصادي بشكل عقلاني وموضوعي لصالح الشعب الصيني وهكذا نمور اسيا
والهند وتجربه أمريكا اللاتنيه في البرازيل وفنزويلا . فاين نحن منها ، ولا يملك لحد الآن من يقول لنا غير الأمير مقولته .
ففي كتبه العديده والصادره مباشرة بعد عام ( 2003 ) لتضعنا أمام مفاتيح لا نسخه ثانيه مزوره لها ( مثل كتاباته حول النفط التي كانت لها حصة الاسد في ما كتب لأنها تعكس حصة الاسد في الاقتصاد العراقي 95% بفضل السياسات الخرقاء والعميله . ثم كتب عن المياه وخطورتها علينا والتي أيضاً كانت وراء تصحرنا في الانسان والأرض ثم في الطاقه لستشرف موقعنا كدوله نفطيه ودوله مياه ومتشاطئه مع جيران اللداء .
ثم يكمل استشراقه لنا في ظل دوشة العولمه ونماذجها المصدرة الينا من المصدر الاساس التي تقسم المجتمع بين طبقه 1% وطبقه 80% وافرازاتها في التهميش التي انجبت لنا داعش والقاعده استكمالاً للمافيات والمخدرات الدوليه التي تتناغم مع الاقتصاد المتعولم ففي كتابه الاخير الصادر هذا العام 2014 الموسوم ( الدولار دورة وتأثيره في اسعار الذهب والنفط والعملات الأخرى ودور العراق المقبل في تسعير النفط ) . يضع كثير من النقاط على حروف جائعه منذ قرابه النصف قرن تقريباً . فهو مثلاً يدعو للتخلص من هيمنه الدولار بالاشاره للتجربه الفرنسيه ويلمح للعودة إلى قاعدة الذهب كما طرحها ديخول عام 1965 في خطابه الذي يعتبر أول قنبله فجرت النظام ( نظام النقد الدولي ) المذكور والت فعلياً إلى ضعفعته . ( د . هشام حيدر / أزمة الدولار 1971 ص 110 ) فالدولار كما تناول أزمته د . هشام حيدر أنذاك هو فوق الحلفاء وفي خدمته جميع منظمات البرتون وودز ( صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمه التجارة العالميه ) بل حتى المواطن الامريكي ، ويزيدنا الباحث المناضل فؤاد الأمير ، قائلاً ففي نهايه عام 2012 ، ونتيجة لسياسات استمرت عقوداً ، مثّل الفقراء فيها 15% من سكان الولايات المتحدة واذا اعتمدنا المعدل نفسه لسنه 2013 سيكون عدد الامريكان الفقراء ( 47 مليون نسمه ) وهناك مؤشرات أكثر دلاله على غياب ( العداله الاجتماعيه ) ، وهي أن واحد من كل أربعة أمريكين دون سن البلوغ يعيش تحت خط الفقر . ولهذا نجد أن وصف البابا بالماركسي من قبل اقصى اليمين الأمريكي ليس بالامر الغريب ( ص 356 ) فالدولار كما يسعى اللوبي الامريكي العراقي ليضعنا في فلكه تماماً ومن خلال الارتباط المصيري معه دخولاً من ثغرة الخصخصه ولبرلة الاقتصاد العراقي وجعل أبواب العراق مشرعه لا ستقبال( التمر واللبن والماء والمشتقات النفطيه) أمراً يعزز من مصالحهم ويكون سبباً أساسياً في تدمير صناعتنا نهائياً حيث أنه لا يمكن لاي بلد أن ينمو أو يصبح ديمقراطياً بدون صناعه التي هي على الأقل تشكل الرافد الثاني للنفط الذي يبتزنا بريعه ومشكله اسعاره التي تعصرنا وتنفخنا في فترات قصيره كما أن الصناعه هي البنيه التحتيه للمجتمع المدني والوحدة الوطنيه .
فالصناعه والزراعه لا يشكلان سوى أقل من 5% من الناتج الوطني هذا ما آلت اليه بلاد السواد والنهرين . ووصل الأمر بعد لاستيراد العار ( لبن تمر نفط ماء ) إلى استيراد الطابوق المسلفن ولدينا من الصحارى والرمل يعرفه المستوردين وسياسيهم وفسادهم أكثر مني ومن فؤاد الأمير .
كما تناول الاستاذ المناضل الأمير الاتفاقيه الأمنيه مع أمريكا في مؤلفاته وعقود النفط والغاز واراءة السديده في جميع الاتفاقات ومشاريعها من قانون النفط والغاز إلى التراخيص وصولاً للعلاقه بالاقليم نفطياً وغازياً .
هذا العقل الكبير والمناضل وابيض اليدين اليس له مكاناً في دوشة السياسه والاقتصاد والنفط بعد حزيران الاسود الذي يبشر به العبادي ومستشاريه . لسماع رايه والاستئناس به وبدون دوشه حمايه وامتيازات وشاشات ؟ والذي لا يعرفه لحد الآن لا اعتقد أنه لديه أي معلومه عن عمالقه الوطنيه العراقيه ولا يسعه السباحه بدون هذه السواعد النقيه في التباسات وغياهب العولمه واختلاط الأوراق محلياً واقلمياً ودولياً .
في الختام مقوله الأمير لاشائبه في وطنيتها وعلميتها ولم يتصدى أحد لمواجهتها من أعضاء اللوبي الأمريكي العراقي سواء من أهل التراخيص أو أهل و دهاقنه الفساد والتخلف أو اعمده التحاصص ومنظري قانون التوازن بين الطوائف في لدوائر لتعميق الهشاشه الاقتصاديه والسياسه لكي نكون ملعباً وحديقه خلفيه ليغرنا . ولكن عار حزيران بدواعشه سوف نغسله بهذه الاقلام والارادة الوطنيه كما تتبلور الان بخطوات تبعث على الأمل أذ لم نجد أكثر وطنيه ولم نسمع من غير اليسار العراقي صوتاً أعلى من هذا الصوت الذي لا يخشى في الوطن لومه لائم .