23 ديسمبر، 2024 10:19 ص

ضوء على الاعتصامات وطريقة اجتماع قادة الكتل السياسية

ضوء على الاعتصامات وطريقة اجتماع قادة الكتل السياسية

لا اريد الخوض في تفاصيل الاحداث المتلاحقة التي تجري على الساحة السياسية في العراق، من تظاهرات وصولا الى الاعتصامات، حيث باتت معروفة للجميع، من حيث اسباب اندلاعها، ومطاليبها في الاصلاح ثم المطالبة بالتغيير الجذري على طريقة ادارة الحكم.في الاشهر الماضية تغاضت السلطة الحاكمة على استمرار تلك التظاهرات، وسدت آذانها عن سماع مطاليب الجماهير التي كانت تنحصر في بدايتها، المطالبة في الاصلاح، ولما لم تجد الجماهير اي استماع او تحرك حقيقي لتلبية تلك المطاليب، بسبب مراهنة السلطة  على عامل الزمن، عسى ان يكل او يمل المتظاهرن، لكن الصدمة صعقتها بعد عملية اقتحام الجماهير، للجسور التي تربط بين جانبي بغداد، هذه الجماهير الغاضبة على ادائها السيء ، وبدأت الجموع المنتفضة بنصب خيامها قبالة المنطقة الخضراء لعل ساكنيها يستفسيقون من سباتهم الذي طال اكثر من عقد من الزمن، بالفعل كانت الصدمة قوية كصاعقة نزلت على رؤوس الفاسدين والفاشلين، حيث تسارعت القوى المتنفذة المتصدية للعملية السياسية البائسة منذ عقد من الزمن، واستدعت بعض قادة الاحزاب الاخرى لاشراكها في عملية جديدة الغرض منها خداع الجماهير وامتصاص غضبها على السياسين بمجملهم.عندما شاهد العديد من المواطنين اجتماع ما يسمون بقادة الكتل السياسية، التي نقلت عبرشاشات الفضائية العراقية، اصيبوا بخيبة أمل كبيرة، عندما عكست تلك الصورة، اصرارا من قادة الكتل على الاصطفاف الطائفي، حتى حينما يعقدون اجتماعا لبحث الخروج من الازمات التي خلقوها بانفسهم، حيث وجدنا في الجانب الايسر من طاولة المجتمعين، يجلس رئيس الوزراء حيدر العبادي ويجلس الى جانبه السادة عمار الحكيم وهمام حمودي وحسين الشهرستاني وخضير الخزاعي وعلي العلاق (المعمم) وغيرهم من قادة الاحزاب الطائفية الشيعية، وكان ملفتا للنظر، ان يصطف كل من الاستاذ حميد مجيد موسى سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، هذا الحزب الذي هو حزب اممي جامع لكل اطياف الشعب العراقي، طوال عمره السياسي والنضالي، لقد اصيب كل ديمقراطي ومدني وعلماني بصدمة كبيرة، على طريقة جلوس قادة الكتل على طاولة الجلسة، ويجلس بجانبهم الاستاذ ابو داود، اضافة لجلوس السيد كاظم الشمري ممثل الكتلة البرلمانية للسيد اياد علاوي، الذي يصف كتلته بانها عابرة للطائفية ويقول باستمرار انه ليبرالي وعلماني الاتجاه، وجلس الى جانب الفريق الشيعي ايضا، السيد ضياء الاسدي، ممثل التيار الصدر الذي تبنى منذ فترة خطابا بعيدا عن الطائفية، وفي الجانب المقابل، احاط السيد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم نفسه بمجموعة ممثلي الكتل السنية واصطف معهم ممثلو الكتل الكردية، الذين تغلبت طائفيتهم على اتجاههم القومي، وهو محسوبين على القوى اليبرالية.ان طريقة هذا الاجتماع  واصطفاف السنة قبالة ممثلي الشيعة من اسلاميهم الى علمانيهم عكست صورة سلبية سيئة للغاية للمواطن العراقي، ويتساءل الناس، الم يكن حريا بالسيدين حميد موسى وكاظم الشمري بصفتهما ممثلين عن التيارات المدنية والعلمانية، ان يكسرا هذا الاصطفاف ويتوزعا مابين الكتل، كذلك هذا الامر ينطبق على ممثلي الكرد. ان طريقة هذا الاجتماع وهذا الاصطفاف الطائفي المقيت عكست للشعب العراقي، مدى انغماس كل السياسيين العراقيين بدون استثناء في الاصطفاف الطائفي ولا يحاولون الابتعاد عنها، مما يولد شعورا باليأس عند اوساط جماهيرية واسعة بالاخص الفئات المثقفة والواعية منهم، من تخليص البلاد مما عليه  من فوضى في شتى المجالات، لأن الجميع مدرك ان أس البلاء هي المحاصصة الطائفية التي تبنتها هذه الكتل والتيارات السياسية ومصرين على الاستمرار فيها، العيب ليس، بالاحزاب الطائفية من كلا الطائفتين، لكن العيب في القوى السياسية اليبرالية والعلمانية واليسارية، المفروض بها انها عابرة للطائفية والاثنية القاتلة، فكيف ترتضي لنفسها وتبرر اصطفافها مع الطائفيين في جلوسهم، امام الشعب وجماهيرها ايضا!؟.والمصيبة الثانية التي انتجها عن هذا الاجتماع، هو تشكيل لجنة من السادة حميد مجيد موسى ومحمد الكربولي وضياء الاسدي ويونادم كنة، الغرض منها اجراء حوار مع المعتصمين لمعرفة اسباب اعتصامهم وما هي مطاليبهم! اليس هذا مقلب وقع فيه الاستاذ حميد؟ فكيف يرتضي لنفسه القيام بهذه المهمة؟ ولماذا وقع الاختير عليه بالذات ليكلف بهذه المهمة الفاشلة حتما؟ وهل هذه بداية لايجاد مخرج لانسحاب حزبه من ساحة الاعتصام؟ كل هذه الاسئلة تطرح نفسها وتريد الاجابة عنها دون لبس وغموض، سيما وان حزبه من المشاركين النشيطين في التظاهرات كذلك في الاعتصام الحالي، هل سيتحاور مع رفيقه جاسم الحلفي، ليسأله عن مطاليب المعتصمين؟ (ظهر بأن هذه اللجنة اليتيمة لم تجرؤ على مواجهة المعتصمين بشكل مباشر في باكورة عملها، بل اكتفت بالاتصال عبر الهاتف مع بعض المعتصمين، هذا ما جاء على لسان الاستاذ ابو داود اثناء اتصال فضائية الشرقية به ليلة الاثنين الماضي) وهذه اول نكسة لعمل اللجنة التي لا ندري من تمثل، هذه هي المفارقات في السياسة اللعينة، التي يتم تمريرها على الشعب العراقي.  من حقنا ان نتساءل نحن معشر الديمقراطيين ومن اصدقاء الحزب الشيوعي العراقي، كيف قبل السيد ابو داود ان يكون في لجنة مع اشخاص لا يتمتعون بسمعة حسنة في الاوساط الشعبية؟ وماذا سيكون موقف الرفيق ابو داود لو استقبلوا من جماهير المعتصمين بشكل يسيء الى مكانته السياسية، كما فعل المعتصمين مع السيد امير الكناني وهو قيادي في التيار الصدري الذي يقود هذا الاعتصام؟ وهل ان الحزب الشيوعي لا يعرف اسباب هذه النقمة الجماهيرية على الاداء السيء للقوى السياسية التي تتقاسم السلطة فيما بينها وهل ان الرفيق ابو احلام اصبح يغرد خارج سرب سياسة حزبه، وهو الذي بح صوته ويتعرض الى مخاطر الاستهداف، من قبل العصابات التي هي الذراع المسلح للمتنفذين الفاسدين؟، جراء مشاركته الفعالة في التظاهرات واخيرا في الاعتصام ويلتقي بشكل شبه يومي مع العديد من وسائل الاعلام، ويبدو ان السيد الاسدي اعلن انسحابه من هذه المهمة غير الموفقة اطلاقا بعد ان تلقى ايعازا او امرا من قائده  وحسنا فعل بانسحابه، وهل ارتضى الرفيق ابو داود ان يكون محايدا او يمثل السلطة في مفاوضات الالتفاف على مطالب المعتصمين؟.هكذا اصبحت تدار العملية السياسة المخيبة لأمال العراقيين وخيبتهم من كل من يساهم في هذه المهازل، والشعب ينزف دما ويذرف دموعا على المصير الذي آلت اليه الاوضاع في بلده. اذا كان السياسيون باسلاميهم وليبراليهم وعلمانيهم، يؤدون هذا الاداء السيء، فمن ينقذ البلاد اذن ويخرجه الى شاطئ السلامة الذي اصبح بعيد المنال على يد هذه الطغمة الحاكمة وبقية القوى السياسية؟ انها مأسات العراقيين وقدرهم السيء، بعد ان عانوا من ويلات الدكتاتورية حتى وقعوا تحت انياب الذائب الكاسرة التي لا تشبع من اكل لحوم العراقيين.