23 ديسمبر، 2024 5:39 ص

ضمانات المؤامرة التركية_الإيرانية على الشرق الاوسط؟

ضمانات المؤامرة التركية_الإيرانية على الشرق الاوسط؟

ابدأ من حيث انتهيت في مقال سابق نشرته بعنوان ( الولي الفقيه وسلطان الإخوان المسلمين شياطين السياسة في لباس التدين ).. كان التساؤل فحواه إمكانيّة أن تعطي إيران وتركيا ضمانات للغرب وأمريكا برعاية مصالحهم وتكريس نفوذهم الاستعماري في الشرق الاوسط؟.. يعلم الجميع أن منطقة الشرق الأوسط مثار لصراعات دولية وإقليمية ومحليّة تشتبك فيما بينها على أكثر من نطاق، يضاف لذلك المشاريع والأجندات التي تتقاطع عليها، على سبيل المثال نذكر
1. مشروع الشرق الأوسط الكبير.
2. مشروع الإمبراطورية الفارسية المؤطر بالجمهورية الإسلامية.
3.مشروع الخلافة الإسلامية بشقيه الداعشي والإخواني.
4. مشروع إسرائيل الكبرى.
5. مشروع إحياء السلطنة العثمانية.
إذا أردنا فهم السياسة الدولية بمنظور يتجاوز المصالح الاقتصادية فيجب علينا أن نقرأ التاريخ لكي نلاحظ عوامل المتغيرات ودوافعها التي تحرك الأحداث.. فالتاريخ ليس مجرد وقائع تطرأ بدون إرادة وعقول تدرس حيثيات تلك الوقائع ثم تخطط لها وتنفذها على الأرض.. إضافة لذلك يجب أن لا نغفل عن طبيعة البشر ونزوعهم إلى امتلاك عوامل القوة واستخدامها في تحقيق أهداف كثيرة ومنها فرض النفوذ والتوسع. تعتبر منطقتنا العربية على مر التاريخ دائرة حرب مستمرة بسبب موقعها الجغرافي الذي تتقاطع عليه جميع الحضارات والثقافات البشريّة..وبحق إن من يفرض سيطرته على هذه المنطقة يمكنه أن يهيمن على العالم، لذلك لا يتوهم البعض أن البترول رغم أهميته هو العامل الأساس في دفع التكالب على منطقتنا العربية.. وجلّ الموارد الأخرى لا تكاد تغطي حاجة الإنسان الذي يعيش في المنطقة لكونها فقيرة المياه..ثم لا نتجاهل العمق الحضاري والثقافي لإنسان هذه المنطقة،ويُشهد كذلك لمنطقتنا العربية بأن أعناق غالبية البشريّة تدين اليها، حيث منها انبثقت رسائل السماء بعناوين التوحيد في الديانات الثلاث الإسلام والنصرانية واليهودية.. بديهيّا لا ينجح أي مشروع سياسي مالم يستند على شرعيّة تؤهله للبقاء والديمومة؟ والسيطرة لوحدها لا تكفي مالم تتبعها عملية احتواء والإحتواء لا يمكن أن يدوم مالم يتحقق بعده استقرار، ومن خلال الاستقرار تبدأ عملية البناء العام في إرساء كيان يلبي متطلبات العصر وحاجات الإنسان. عند هذه الحقيقة وبسبب المعلومات الخاطئة والمزيفة فشلت أمريكا وهزمت في العراق وأفغانستان وقبل ذلك في فيتنام ومناطق أخرى من العالم. الحديث سيطول بما لا تحتمل المقالة إذا حاولنا إستعراض المشاريع التي أشرنا اليها آنفا باعتماد تحليلها وبيان صلاحها من فسادها وسخف التنظير الذي تقوم عليه.. لكن بشكل عام يمكن أن تُصنّف كمشاريع رجعية صورية مستهلكة تاريخيّا ولا تنسجم بأي حال مع طبيعة ونسيج شعوب منطقتنا،أو منطق التقدم الحضاري الذي تسير عليه ركاب البشريّة. من الخطورة بحال علينا الإنتباه بأن الأمريكان مع بعض حلفائهم في أوروبا لن يغضوا الطرف عن كل ما يجري في منطقتنا العربية، وبما أنهم فقدوا أهليّة تقبل وجودهم شعبيّا مع تكشف وفضح غالبية أوراق الخداع الاستعمارية فلن يكون امامهم سوى قبول التعاون مع دول مثل تركيا وإيران لتحقيق مآربهم؟ وهذا ما تم فعليّا مع إيران خاصة قبل وبعد غزو أفغانستان والعراق.. بتعبير آخر إذا أردنا أن ندقق أكثر ونتابع فصول الأحداث سنجد التنسيق كان يجري على اعلى المستويات، ولم تحدث أية تحركات على الأرض مالم تسبقها اجتماعات واتفاقات تنظمها..ولعلّ اجتماعات الخمسة زائد واحد( اتفاقيّة التعاون والتنسيق المشتركة ) وهي خطة تعاون سريّة تعتبر تتويجا لهذا التآمر؟ هنا سنفهم ماهو الثمن الحقيقي لدور إيران في منطقتنا، إذ لم تكن مكافأة ايران بما يزيد على 150 مليار دولار امريكي سوى فاتورة تكاليف انجازات عسكرية على الأرض. الجدير بالذكر أيضا إن السياسة الأمريكية لا تضع وزنا أخلاقيا لمن يتعاون معها ويخدم مصالحها، المؤكد بديهيّا بأن الذين يتبرعون بالعمالة والخيانة يتمتعون بأرذل أوصاف الفساد والدونيّة والاستعداد لإرتكاب كل الجرائم في تنفيذ مهماتهم. بدون تحفظ لا يزال الخطر الداهم الأكبر قادما..ما تزال فصول تدمير الدول العربيّة لم تنتهي بعد. الجيش العربي المصري العظيم مازال يحتفظ بكامل تشكيلاته وسلاحه.. الجيش العربي السعودي وقوات درع الجزيرة العربية زادت قوتها واستعداداتها من خلال حرب اليمن العادلة، إضافة للجيش الأردني وجيوش المغرب العربي التي لم تنهار أمام المؤامرة الإخوانية الخبيثة وذيول الإرهاب المدعوم من قبل تركيا وإيران. وان طبيعة الحكومات والأنظمة العربية فهي قائمة بحفظ الأمن القومي لبقايا ما تبقى من وجودنا العربي. لابد من الإشارة ولو بلمحة سريعة الى دور الحكومة القطرية التي لا تساوي في حجم مكانتها في المنطقة العربية أكثر من كونها حاملة طائرات وقاعدة عسكرية للناتو وأمريكا، وإلا كيف نفهم إنزال قوات تركيّة على جزيرة قطر وهي تحتضن قيادة العمليات العسكرية الأمريكية الوسطى مالم يتم ذلك بتنسيق مشترك بينهما؟ أما الخطر الأكبر المحدق بنا نحن العرب فهو يكمن بمؤامرة تسليم مفاتيح الشرق الاوسط لتحالف تركي إيراني وإتخاذ جزيرة قطر مقرا استراتيجيّا لمنظومة أمنيّة مشتركة بينهما، وبتنسيق دولي وفق أجندة تضع كل الضمانات المطلوبة في تحقيق أهداف ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها. لعلّ البعض ممن تنطلي عليهم فنون وألاعيب السياسة لا يتصورون بأن غالبية التصريحات الإعلامية وحتى اللقاءات الصحفية على اعلى المستويات هي مجرد تشويش وتغطية على تصريف المياه وتمريرها تحت أقدام الشعوب النائمة وحكوماتها الغافلة عن حجم المؤامرات.. لنركز على الإعلام القطري والتركي والإيراني ونقارن بين المنابر الإعلامية لهذه الدول، ومن خلال التركيز سنجد تنسيقا وتقاسم واضح لأدوار مشبوهة يمكن ان نعتبرها تدار من مركز قيادة إعلامية موحدة.. سنجد كذلك شخصيات متخصصة ومأجورة ومدربة في تناول الأحداث واستثمار الوقائع في سياق يخدم المشروع المشترك لهذه الدول، ومنذ حدث مقتل الصحفي جمال خاشقجي لم تفتر هذه المنابر عن التحريض والتشهير وإعطاء هذه القضية حجما كبيرا لا يتناسب مع حيثياتها وبعدها القضائي؟ مئات الحوادث المشابهة لها تم وئدها في يومين ولن نذهب بعيدا عن الاشارة لقضية الجاسوس سكريبال في بريطانيا؟ ولا نغفل عن جرائم الإبادة بالسلاح الكيماوي لبشار الأسد أو آلاف الجثث التي لا تزال تحت انقاض بيوت الموصل والرقة وغيرها.. مشاهد رعب رهيبة تتعدى في منظرها ماحدث لهورشيما ونكزاكي اليابانيتين ولم نجد لقناة الجزيرة سوى مرورا سريعا وباهتا؟ بل حتى سياق تعتيم اخباري لكل الجرائم البشعة التي حصدت مئات آلاف الضحايا في العراق وسوريا وليبيا؟ وكأن كاميرات قناة الجزيرة متخصصة في تسليط اضواء على جانب التحالف العربي في حرب اليمن ولا ترصد جرائم ميليشيات ايران. على العربي أن يعرف عدوه الحقيقي.. ويفتش عن القواسم المشتركة لأعداء امتنا؟ تنظيم القاعدة في جميع تفرعاتها، ايران وميليشياتها، الجزيرة والميادين وقناة العالم ومثيلاتها، جماعة الإخوان المسلمين أبواق تركيا الأردوغانية، القرضاوي وجلاوزة الفقه الإرهابي.. كل هؤلاء هم أجندة واحدة يجمعهم مشروع واحد بتحالف إخواني إيراني يستهدف أمتنا العربية والاسلامية. لقد تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود، ما عاد لأي مثقف عربي من عذر في إقالة لسانه أو قلمه أو حتى حمل السلاح عند لزومه. لا خيار لأمتنا سوى وحدة الصف والكلمة والموقف بالتصدي لتحالف العدوان الإرهابي الإيراني الإخواني الذي يستهدف تدميرنا شموليّا. إن الظرف شديد الحساسية والتعقيد لا يسمح لكل عربي ومسلم غيور على دينه وأمته سوى أن يدعم قيادته.. لم اتطرق في هذا المقال الى القضيّة الفلسطينية؟ لسبب بسيط جدا هو أن هذه القضيّة تحولت الى ساحة تسويق وإستثمار سياسي لمن هب ودب بما يشبه أسواق المناطق الحرة في العالم، وإذا كان لابد من الإدلاء بالرأي اتجاهها فسوف أكتفي بالمبادرة العربية التي اجمعت عليها الدول العربية وقدمتها الى الأمم المتحدة.. ولا يحق لأي طرف دولي أن يزايد على أهل القضية في حلها. تبقى أن قضية الصراع العربي الاسرائيلي شائكة ومعقدة جدا.. وإننا نتطلع الى تسوية سلمية عادلة تضمن حقوق كل أطراف القضية.
قبل أن أختتم مقالي أود توضيح شأن مهم بخصوص السياسة الإيرانية.. المرجّح إن المشروع الإيراني لا يتفق مع المشروع الإخواني إلا من باب حيثية التكتيك السياسي لأسباب جوهريّة تتعلق بعمق الخلافات التاريخية والتنافر الطائفي مع الخلافات الفقهيّة المتجذرة في جميع مراجع أدبيات وأفكار الطرفين، وليس مستغربا أن يتم بينهما ما يشبه زواج المتعة. هذا ما دأبت عليه إيران وأفتت بذلك عمائم ومراجع الشيعة بجواز التحالف مع كل عدو يستهدف الأمة العربية والإسلامية والتاريخ يشهد على ذلك من إبن العلقمي والطوسي وتعاون خامنئي مع العدوان الأمريكي على العراق.