18 ديسمبر، 2024 8:43 م

ضمائر… وبنادق للإيجار :  من يورط العراق في الحرب على سوريا ؟

ضمائر… وبنادق للإيجار :  من يورط العراق في الحرب على سوريا ؟

رئيس غائب عن الوعي منذ أشهر طويلة لا يتحدث احد عن خلافته ولو همسا رغم انه أصبح عاجزا عن رئاسة الجمهورية الرابعة … ورئيس إقليم لا يشغل باله في (العراق الفدرالي) سوى الكونفدراليه والمناطق المتنازع عليها و مليارات النفط وحلم ألدوله القوميه والبقاء الى ابد الآبدين على العرش الجبلي  ولو بتغيير الدستور إما دون ذلك فليذهب الى الجحيم ….. و برلمان مشلول مشرذم فاقد للحيادية  وموغل في الطائفية والخلافات معزول تماما عن هرم سلطات ألدوله غير الهرمية بل المتراصفه أفقيا بعد صراع عقيم …..و حكومة لم تفق من هول صدمه (صولات الإرهاب) التي  أمسكت بزمام المبادرة وأظهرت عجز ها  عن حماية مواطنيها  بل   نجحت في إظهارها بغير القادرة حتى على اختيار القرار الأمني  الصحيح حيث لم تجد إمامها سوى حلين وحيدين عقيمين وهما (تبديل الطرابيش) أي استبدال أسماء ومواقع أمنية  باخرى لا تبديل قيادات في مكافحة الإرهاب او العمل ألاستخباري  لا تمتلكها هذه المؤسسة الأمنية أصلا بل توجد خارجها ا(في طي الإهمال او التقاعد او خارج العراق)  والثاني  توجيه قواتها نحو الحدود مع سوريا   في عمليه دونكيشوتيه تركت العاصمة وباقي المدن مكشوفة تماما بيد جنرالات يتباهون كالطواويس برتب لا يستحقونها واغلبهم لا يمتلكون الخبرة الأمنية ولا العقيدة العسكرية بعد أن تحولت المؤسسة العسكرية المخترقة الى مجرد مصدر للارتزاق ليس بمستوى مسئوليه مواجهة التحدي إرهابي من هذا النوع السريع المباغت الوحشي المدار من قبل أجهزه استخبارات ظليعه رسمت هذا السيناريو الخطير وأوكلت لخلاياها بتنفيذه في ساعة الصفر بعد ان توعدت الحكومة بقصم ظهر الإرهاب لكن ظهر الشعب هو من كسر وروحه وإرادته وثقته بقيادته!

 يعبر عن وجهة النظر هذه  ضابط سابق في الجيش العراقي بقوله :ا ن القيادات الامنية بمستوييها التخطيطي والتنفيذي بحكم عدم كفاءتها وافتقارها للمهنية التخصصية وفقدان المرونة في التفكير تلجأ للكذب وتجاهل الحقائق والتعتيم على الوقائع الميدانية خصوصا مع غياب مصادر الرقابة المباشرة على الأنشطة العملياتية في الميدان ، وهم يمارسون الكذب والتعتيم في كل تفاصيل عملهم بغية الحفاظ على مكاسب المنصب الذي أصبح مصدرا للكسب والتربح والغنى السريع وان معظم هؤلاء قد تم تأمين أوضاعهم المعيشية خارج العراق تحسبا لانكشاف حقيقة أمرهم في الداخل.
 
 المعلومات التي وصلت من الخارج إلى جهات عراقيه عليا وبالتحديد مكتب القائد العام للقوات المسلحة قبل أشهر وتسرب بعضها لوسائل الإعلام  أظهرت بالا دله القاطعة أن هناك قياده ميدانيه تعمل منذ عده أشهر  ومقرها غير بعيد عن العاصمة  بالتنسيق مع قاده مجاميع في مناطق مختلفة من بغداد وبابل والموصل والرمادي  وبابل وكركوك يديرها ضباط استخبارات عرب و احانب  هي التي قامت بادراه الأزمة وتصعيدها بين الحكومة والمتظاهرين لمنع التوصل لاي حل وهي التي حركت هذه الخلايا والمنظمات التي وحدت صفوفها وعملياتها لرفع جاهزيتها لتحقيق أهداف ميدانيه وسياسيه لا تخفى على احد لضرب اكثر من عصفور بحزام ناسف.
 
لعل ما أدلى به محافظ صلاح الدين وما كشفه رئيس لجنه الأمن والدفاع في البرلمان مؤخرا  عن هوية الجهات التي تحرك خيوط الصراع  وتأججه هي مجرد لقطات من حقيقة خطيرة كبيره ومؤلمه تظهر لنا ان الصراع السياسي  في العراق بين الاخوة الأعداء   في ظل عدم  وجود سياسة خارجية واضحة  خاصة تجاه تركيا وحلفاءها الاقليميين وافتقار العراق للنخب القادرة للتعامل مع الأزمات والملف الأمني  في ضوء تداعيات الحريق الدمشقي لا تدع مجالا للشك بأننا وصلنا الى  حافة الهاوية …
.فلا القيادات الدينية ممثله بالشيخ السعدي او السيد السستاني قد ارتقت الى مستوى التحدي ولا الكتل الثلاث مستعدة للنزول من خيولها وتوحيد كلمتها في مواجهة الخطر الذي يعصف بالبلاد و الشعب المسكين ولا حكومة المالكي راضيه بالاعتراف بعجزها عن أداره الملف الأمني  حيث لم يجد رئيس الوزراء من سبيل  أمام الضربات الإرهابية الموجعة في قلب بغداد والمناطق الشيعية بالتحديد التي انتخبته وأيدته وكانت جراحها أكثر نزفا من غيرها  سوى الدعوة لصلاه موحده يوم ألجمعه كرد باهت وحيد عاجز غير مقنع على مخطط دولي إقليمي يسعى لجرنا للعبه الحرب الطائفية القذرة وتوسيع دائرة الصراع لنقله من  دمشق إلى بغداد لا خيار لنا فيها ولا سبيل لمواجهته سوى بوحدة ألكلمه وردع الإرهاب لان الشعب بكل طوائفه ليس هو المشكلة بل أن الأزمة تتعلق بالمشروع السياسي والعقلية التي تصنع القرار وتعطل قنوات الحوار والثقة السياسية.

  دخول حزب الله على خط الأزمة السورية بثقل كبير وتضخيم دور لواء( ابي الفضل العباس) المدافع عن المراقد  الشيعية في سوريا  وانتقال شرارتها للبنان  والعراق معا  بتزامن مدروس وزيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم لبغداد في وقت تم فيه  زج ألاف النخبة من القوات العراقية عند الحدود مع سوريا بتنسيق بين البلدين لوقف تدفق السلاح والمقاتلين  للحيلولة دون  نجده المعارضة السورية التي تلقت ضربات نوعيه غيرت من ميزان الصراع الميداني على الأرض   مع تردي الوضع الأمني في لبنان بعد ان قتل عدد من جنود الجيش اللبناني من قبل متعاونين مع المعارضة السورية  بعد ساعات من  تهديد عبد الحليم خدام (بان الجيش السوري سيدخل الى لبنان ويقتلع حزب الله لان الدولة اللبنانية عجزت عن الإيفاء بالتزاماتها في كبح جماح هذا الحزب)….
 كل هذه المؤشرات كانت “إعلانا، بان العراق ادخل رغم انفه في الصراع  المسلح الدائر ألان في سوريا وهو صراع له أوجه إقليميه ودوافع دوليه   لم تعد خافيه على احد خاصة مع صدور قرارين خطيرين من قطبي الصراع الدوليين: الأول يتعلق برفع حظر التسليح الأوروبي للمعارضة السورية الذي أيدته واشنطن وسبق ان عارضته ألمانيا ودول أخرى أعضاء في المجموعة الأوروبية  والذي وصفه احد قاده (الجيش الحر) بأنه جاء متأخرا وربما بعد فوات الأوان علما ان تقريرا غربيا أكد ان لدى مقاتلي( جبهة ألنصره) ألان أفضل أنواع القناصات وأجهزه الاتصالات والألغام  والمدافع الخفيفة والمتوسطة التي لا تمتلكها أي من جيوش الدول العربية!!!
 والثاني هو  قرار موسكو بتزويد سوريا بصواريخ( سي 300) وهو سلاح استراتيجي نوعي يصل مداه الى 150 كم  والتي تمثل مقدمات فشل لمؤتمر( جنيف )2 احيث وجدت الإطراف المؤيدة للمعارضة السورية نفسها قبل أسابيع في حرج شديد بفعل التقدم الميداني  الذي حققه الجيش السوري في القصير وغيرها واستعادته لمناطق استراتيجيه كثيرة وتقطيع شرايين مهمة لتزويد المعارضة وخطوط إمداداتها  اللوجستيه….. أي ان إطراف الصراع الدولي والإقليمي  الداعمة للمعارضة السورية لم  ترضى ان يحقق الجيش السوري تفوقا ميدانيا على المعارضة قبل الجلوس على مائدة المفاوضات في جنيف  خاصة وان موسكو وطهران تعتبران هذا الصراع مصيريا بالنسبة لهما  وقد هددا بالمضي فيه الى ابعد حد برفض سقوط النظام في دمشق مهما كلف الثمن  حيث نقل عن وزير الدفاع الإيراني قوله (  إذا لم تتوقف الدول العربية على إرسال المسلحين لسوريا..سنقوم بإرسال 600 ألف جندي من الحرس الإيراني لسوريا لمساعدة سوريا وفق اتفاقية الدفاع المشتركة بين البلدين).

 هذه التطورات دفعت الإطراف الأخرى  التي لم ترى من بديل سوى تحقيق نصر تكتيكي في الخواصر خارج ميدان المعركة الأصلي  وهو الشام باعتبارها فرصة لتصفية الحسابات واستنزاف الإطراف المؤيدة لنظام الأسد أي العراق ولبنان ؟  انه امر غريب في التاريخ فبعد إحداث 11 سبتمبر عام 2001 التي كان 16 من المتهمين فيها من السعوديين كان من المتوقع ان يتم معاقبه الجناة بالقصاص من دولهم لكن القوات الامريكيه انقضت بدلا عن ذلك على بلدين لا ناقة لهما ولا جمل وهما أفغانستان والعراق بحج واهية أي إننا كشعب ودوله ندفع دائما فواتير غيرنا!!!!

 في خضم هذا المأزق الأمني والسياسي  يسعى اللاعبون الكبار الى الدفع بالعراق  نحو مفترق حرب أهليه لا تبقي ولا تذر من خلال توريط شعب اثبت انه يعي تماما حقيقة ما يدبر له  رغم  نجاح العامل الخارجي في أداره العنف في العراق  على مدى عشر سنوات  اعتمادا على مناطق وبنادق سياسيه  معروضة للإيجار بلا ضمير او شرف أثبتت للجميع ان اغلب هذه النخب هم مجرد زعماء عصابات لا ساسه  او قاده دولة بل  مجرد سماسره لا يجيدون سوى ألمناوره والكسب السياسي ولا يشعرون بالخجل من التقاط المكاسب حتى لو تعلق الأمر بمصير الشعب ودمه لأن العراق أمسى بفعل المحاصصة التي قبلوا بها على حساب الهوية الوطنية  دوله بلا أسوار يحرك ايقاع العنف فيه  تبعا لإيقاع لعبه الصراع في المنطقة خاصة بعد ان نجح هؤلاء  في اختراق المظاهرات في بعض مناطق العراق واستخدامها كصاعق لتفجير التعايش بين مكوناته وهي مرحله جديدة في مصفوفة الأزمات المتلاحقة منذ الانسحاب الأمريكي من العراق حيث تقوم واشنطن  بإدارة الأزمات(بالروموت كونترول) دون التورط بمغامرات المحافظين العسكرية  الباهظة الكلفة في الشرق الأوسط دون تغير في الأهداف ألاستراتيجيه وعلينا ان نتذكر دائما ان الإطراف الإقليمية المتورط في مجازر العنف الأخيرة  في العراق ما هي إلا مخالب للضبع الكبير الذي لا يظهر في ألصوره لكن الجميع يعرفه !!!! .
 هذه الأزمة كشفت للمواطن العراقي الخاسر الوحيد  انه أصبح في العراء وان عليه ان يدفع فاتوره مواقف حكومته  ومعارضيها ومواقف حلفاءها وأعداءها الخارجين في صراع أقحم فيه رغم إرادته  وبالتالي فان ما يروجه البعض هو  العودة إلى الوراء وحمل السلاح للدفاع عن نفسه من خلال الميليشيات كحل أخير…  ولكن ضد من؟ هنا يكمن الفخ الكبير لإشعال الحرب الطائفية في العراق والمنطقة.