-1-
كانت المساجد في مختلف الحواضر الاسلامية تشهد من يُطلق عليهم وصفُ (القصّاصين) .
وهؤلاء – في الغالب – دجّالون ، يتحدثون – كما شاء لهم الهوى – ليصطادوا هبات الناس ومعوناتهم المالية ..!!
ويكثرون من الاستشهاد بالأحاديث التي لا صحة لها ولا أساس ، يدعمون بها أقاويلهم وما يُزخرفونه من مبتدعات ..!!
وكان لبعضهم القدرة الفائقة على اجتذاب قلوب الناس ،فكانت لهم حلقات واسعة تضم انماطا مختلفة من سائر الطبقات .
انهم يسربون الى الاذهان ما يريدون، بأكاذيب يحرصون على تمريرها بشكل فنيّ بحيث لا تظهر عليه علامات الاصطناع ..!!
والكثير من ” الاسرائيليات ” المبثوثة في كتب الأخلاق والمواعظ ، هي من انتاج هذه الطبقة المتمرسة بتزويق الكلام وتنميقِهِ وإرساله إرسال المُسلّمَات …
-2-
وقد تكون مواجهة هؤلاء بشكل مباشر ، مغامرةً محفوفة بالمخاطر حيث ينتصر لهم فريق كبير من المعجبين بهم وبخرافاتهم، ويقع الصدام بين الطرفين ..، والاغضاء عنهم وترك الحبل على الغارب فيه إفسادٌ للعقول ، ورضاً بالتحريف والتزييف وهذا مالايجوز .
اذن فما هو البديل ؟
-3-
قرأت في كتاب الانساب للسمعاني ج1/ص100-101 :
ماحدّث به القاضي الأكفاني عن أبيه حيث قال :
” حججتُ في بعض السنين ، وحجّ في تلك السنة ابو القاسم البغوي، وأبو بكر الآدمي القارئ ، فلما صرنا بمدينة رسول الله (ص) جاءني أبو القاسم البغوي فقال لي :
يا أبا بكر :
ها هنا رجل ضرير قد جمع حلقة في مسجد رسول الله (ص) وَقَعَدَ يقص ويروي الكذب من الاحاديث الموضوعة والاخبار المفتعلة .
فانْ رأيت أنْ نمضي بنا اليه لِنُنْكِرَ عليه ذلك ونمنعه منه ،
فقلتُ :
يا أبا القاسم !
انّ كلامنا لايؤثر مع هذا الجمع الكثير والخلق العظيم ،
ولسنا ببغداد فيُعرف لنا موضعُنا ، وننزل منازلنا ،
ولكن ها هنا أمر آخر هو الصواب ،
وأقبلتُ على أبي بكر الآدمي فقلتُ له :
إستعذْ واقرأ ،
فما هو الاّ أنْ ابتدأ بالقراءة حتى انفلت الحلقة
وانفض الناس جميعا ،
فأحاطوا بنا يسمعون قراءة ابي بكر ،
وتركوا الضرير وحده
فسمعتهُ يقول لقائده :
خذ بيدي ،
فهكذا تزول النعم “
ان البديل الصالح يجتذب الكثيرين من ذوي النباهة والوعي والحرص على إشاعة النافع من الممارسات ، الامر الذي يؤدي الى ضمورٍ تدريجي للأضداد .
ان عملية شجب (التطبير) من دون تقديم البديل لم تؤد الى تحجيمه ، حتى برزت ظاهرة (التبرع بالدم) يوم عاشوراء ، وبدأت تتدفق مجاميع شبابية واعية تتبرع بالدم لمحتاجيه من الفقراء والمستضعفين فكانت البديل الصالح .
كما أنّ ” مواكب الطلبة ” انطلقت في الستينات من القرن الماضي ، وكانت النموذج الصالح للمواكب الحسينية .
إنّ تقديم البديل هو الحل العملي
وهكذا يجب ان تكون الحلول ..