الخطة الامنية تعتبر اهم العوامل المساعدة لنجاح عمل أية مؤسسة أمنية في تحقيق أهدافها، في حال تم تطبيقها بشكل جيد، ومن جانب اخر، فانها تكون اهم اسباب الفشل في حال لم يكن مناسباً ولم يحقق أهدافها المنشودة، بل تؤدي الى مضاعفة المسؤولية للمخططين قبل غيرهم، ويكون تخطيطاً للفشل لا لشيءٍ اخر.
الخطة الامنية تعتبر ركناً مهماً من اركان أية عملية أمنية، بدونها لا يمكن الوصول الى الهدف المرسوم من قبل القيادة الامنية المعنية بالمهمة.
الخطة الامنية تتطلب وجود صفات معينة منها: الواقعية ومنطقية ومحددة الهدف الأساسي والثانوي ومرحلية وواضحة ومرنة وسرية ووجود البدائل وشاملة.
من اكثر الأخطاء شيوعاً واخطرها على الإطلاق، التي يقع فيه القائمون برسم الخطة الامنية، هو ان يتم بناء الخطة وفق أسس ومواصفات مثالية ومحكمة وصلبة بدلاً من وضعها بصورة ذكية ومرنة .
ان الخطة الامنية في عصرنا هذا، عصر التطور العلمي والتكنولوجي الذي يتصف بالتشابك والتغيير، تتاثر بها بشكل كلي، فلا يمكن وضع خطة أمنية دون مراعاة خطط الدولة في المجالات الاخرى، وان كانت الخطط الاخرى تعتمد على الخطة الامنية عند رسمها، كذلك يجب ان يراعي مخططوا الخطة الامنية التغييرات الحاصلة والمستمرة على المستوى الداخلي والخارجي خاصةً فيما يتعلق بتغير مصادر التهديد وتنوعها، فما يكون صالحاً لليوم ليس بالضرورةِ ان يكون صالحاً للغدِ.
الامر المسلّم به، ان حماية امن اقليم كوردستان العراق وحفظه يتم وفق خطة أمنية رصينة مرسومة من قبل الجهات الامنية المعنية بالتعاون واستشارة الجهات الاخرى سواء داخل الحكومة او خارجها، لكن هذه الخطة تحتاج وللأسباب التالية الى ترميم وإصلاح مثلما يتم ترميم بيت قديم بخارطته ومواد بناءه:
* العلاقة الوثيقة بين السياسة والأمن، فان اتخاذ اي موقف سياسي من قبل حكومة الاقليم او القيادة السياسية من قضية معينة خاصةً إذا كان ذات بُعد إقليمي او دولي فإنه يؤثر على الجانب الامني، منه مثلاً موقف الاقليم من تشكيل الحكومة العراقية الاتحادية والدخول في تحالفات وتوقيع اتفاقات مع كُتل معينة بشكل لا يكون مريحاً لدولة من الجوار ،كهجوم ايران بالصواريخ على اربيل العاصمة في ١٣/٣/٢٠٢٢ والتي كانت تحمل رسائل كثيرة، ولكنها كانت تهديداً للامن الاقليم قبل كل شيء.
هذا يمثل دليلاً على قوة الترابط بين السياسة والأمن، والمبدأ العام في السياسة عدم وجود صديق او عدوٍ ثابت، هذا يلقي بظلاله على الجانب الامني.
* مستوى ترابط الصف الوطني والوحدة في الاقليم وخاصةً علاقات الأحزاب السياسية فيما بينها التي هي في تنافس مستمر من اجل السلطة والنفوذ وتمتلك أدوات و وسائل مختلفة.
* موقف حكومة العراق الاتحادي( باعتبار اقليم كوردستان جزء منه وفق الدستور والقوانين ) من القضايا الإقليمية والدولية وعلاقاتها مع دول الجوار الإقليمي وخاصةً توركيا وإيران.
* التدخل المستمر من قبل ايران وتركيا بحجج متعددة وبأساليب مختلفة بين القصف بالمدافع والطائرات ووجود المعسكرات.
* تغيير مستوى التنسيق والتعاون الامني بين حكومة الاقليم والحكومات الاتحادية في المناطق الكوردستانية خارج الاقليم ( مناطق المادة١٤٠ من الدستور العراقي٢٠٠٥) اعتماداً على الخلافات السياسية بينهما، مما يفسح المجال امام الجماعات الإرهابية والخارجين عن القانون بزعزعة امن الاقليم.
* التغيير المستمر في اُسلوب هجمات الجماعات الإرهابية ( داعش) وكيفية عملها واستراتيجية وجودها بين مسك الارض وحرب العصابات بالضرب والهرب إثباتاً للوجود.
* التطورات والحروب والصراعات الدولية القائمة بين الدول والتحالفات والمعسكرات، التي تؤدي الى زعزعة الامن والسلم الدوليين ومن ضمنها امن الاقليم.
* التطور التكنولوجي الحاصل خاصة في المجال العسكري والأمني من صنع صواريخ بعيدة المدى والذكية بقصف المنطقة المراد تدميرها، وأدوات الاختراق الامني عن بُعد بتحديد المواقع المهمة في اي بلد بسهولة، هذا ما يؤثر بالنتيجة الى تنوع مصادر التهديد وظهور الجديد منها في كل يوم.
* التغيير في مستوى الثقافي والعلمي للعاملين في الأجهزة الامنية في الاقليم، ففي بداية تشكيلها كانت تضم عدداً محدوداً من اصحاب الشهادات الجامعية، لكن الان يضم في صفوفها إعداد كبيرة من حملة الشهادات العليا حتى الدكتوراه ويستفاد منهم كلٌ حسب اختصاصه في مجال عمله مما يسهل رسم الخطة الامنية وترميمها وتعديلها كلما لزِم الامر.
هذه الأسباب وغيرها تتطلب من الأجهزة الامنية في الاقليم مراجعة خطتها في حماية الاقليم وحفظه بين فترة واُخرى ليست ببعيدة، لتكون على مستوى المسؤلية التى كلفت بها، وان كانت بالمستوى المطلوب وأدوا مهمتها على أتم وجه دون تقصير او ملل.
هدفنا هو تحسين الأداء واللحاق بركب الأجهزة الامنية العالمية التي تترك بصماتها في حياة شعوبها بشكل إيجابي ومحل اعتزازٍ لدولهم لما يحققونه من إجازات على مختلف الاصعدة.