7 أبريل، 2024 12:05 ص
Search
Close this search box.

ضرورة الجمهورية الرابعة

Facebook
Twitter
LinkedIn

عشر سنين مرت على التغير وبداية الطريق نحو الديموقراطية, حيث كان يفترض إنتقال عائدية القرار الى الشعب بواقعية عملية لا إفتراضية مزوقة. ولهذا تميزت هذه الفترة بالتجارب والتخبط العشوائي و بالأضطراب السياسي والأمني والتراجع الخدمي وغياب التخطيط التنموي السليم.وكانت محصلة التجارب هدر أموال لا تعد ولا تحصى و ضياع عشر سنين من عمر الشعب وأجياله المنتظرة والمتأملة خيرا . كان من المفترض أن ينتقل بها العراق نقلة نوعية الى الرقي والتطور والأكتفاء الذاتي, ومن ثم الأنطلاق الأقتصادي والتنموي نحو العالم,كأمة عظيمة مقتدرة.
وسبب إتسام هذه الفترة بفترة  التجارب هيَّ أن من تَولوا الأمر ليسوا بذوي خبرة وإختصاص . ولم تكن عندهم تجارب سابقة. ومن كانت عندهم الخبرة والتجربة إستُبعدواعن أي دور, لا بل إستُبعدوا حتى عن الأستشارة, بسبب تزمت إنفعالي لا عقلاني إتسمَ بها الساسة الجدد عديمو الخبرة والكفاءة والتجربة. فراح هؤلاء يزجون البلاد بتجارب لا يعرفون نتائجها. فكان ما كان وحصل ما حصل. والشعب دافعٌ الثمن, من تعثر وخراب وفقدان أمن لسوء الأدارة وتمكن أناس  مشكوك في ذمتهم من أموال البلد وثرواته.
الشعوب تتعلم من تجاربها .وهذه التجربة على ما فيها من إيجابيات لا يمكن تجاهلها, من حرية الكلمة نسبيا,وديموقراطية ناقصة عرجاء مشوهه, الى تحسن معاشي لطبقة كبيرة من المجتمع ,إلا إن هدر مال عام وضياع أرواح وتعطل النمو كان الطابع العام لهذه الفترة العصيبة.إذن لا بد من تدارس الأسباب, وكيفية تجاوز هذه المحنة بأسرع وقت وبأقل الخسائر. فما هي الطرق السليمة والوسائل الناجحة؟
ولنسأل أنفسنا سؤالا صريحا وبجرأة جادة: هل يستطيع هذا البرلمان وهل تستطيع هذه الكتل السياسية المتصارعة صراع الديكة أن تسير بنا بطريق الخلاص وتصحيح المسار؟ وإن كان هذا البرلمان وهذه الكتل غير مؤهلة وغير قادرة والعراق من سيء الى أسوء فما هو الحل؟والى متى تبقى هذه الكتل تتناحر وتتصارع ويكيد بعضها للآخر والكل منشغل كيف يخرب, وكيف ينتصر على الآخر, وكيف يجني ما يستطيع جنيه من المال العام. والشعب فاغر فاه مذهول من هول  صدمته بهؤلاء الذين تورط وخرج للإنتخابات مجازفا بالأرواح وأعطاهم الأصوات.ولكنهم خذلوه بهذا الشكل المخزي.وجروه الى وضع لا يقبله عاقل.
هل يا ترى  ما تطرحه هذه الكتل من حلول ومن وسائل مجدي؟ و هل الأجتماع المرتقب منذ أشهر والذي يسعى له السيد الطالباني سيؤول الى ما يريده شعب العراق؟ أم إن ربت الأكتاف وبوس اللحى وتناول ما لذَّ وطاب ومن ثمَّ تصريحات خائبة ووعود كاذبة هو ما سيفضي إليه هذا الأجتماع؟ ويبقى وضعنا وحال شعبنا محلك سر.أو الى الوراء على الأغلب.
فأي إجتماع هذا تسبقه شروط وإشتراطات, كتنفيذ قرارات أربيل مثلا؟ فهل يعرف الشعب شيئاً عن قرارات أربيل ؟وهل هي دستورية وفق دستورهم السرطاني المتورم الملتهب القابل للأنفجار, وتفجير العراق وشعبه؟ وهل الشعب يرتضي إتفاقية أربيل؟
إن كان هناك أمل بفائدة من هذا الأجتماع فمن المسلمات أن يكون بلا شروط وبنيةٍ صافية وبروح وطنية لأنجاحه, لا بمخططاتٍ وتوجيهاتٍ من دول جوارٍ مريضة بروح الطائفية العمياء ومقت العراقيين وتريد بهم الشر.
بالتأكيد إن من مسببات ما نحن فيه من وضع كارثي هو حداثة التجربة الديموقراطية في بلادنا, وغرابتها على العراقيين وساستهم.و إن سوء التصرف الأمريكي المحتل في العراق, وسياسة أمريكا المبنية على أوهام وصور مزيفة لحقيقة ومشاعر العراقيين, وخُدع تعرضت لها أمريكا من ساسة مخادعين كان مرماهم السلطة وما في العراق من موارد ,هو مسبب مهم جدا.
كل المؤشرات والدلائل تشير الى إن لا الحكومة ولا الكتل السياسية ولا مجلس النواب قادر وكفؤٌ للتصدي لأخراج العراق من محنته .إذن لا فائدة من هذا الأجتماع المرتقب ولا رجاء منه ولا أمل فيه.وما هو إلا مضيعة للوقت وإلهاء للشعب وتأخير يؤدي الى خراب أكبر وفساد أعم وأشمل.
فما هو الحل إذن ؟
 الحل في مؤتمر تأسيسي لبناء وتأسيس  الجمهمورية العراقية الرابعة.
وقد يتساءل البعض لماذا الجمهورية الرابعة ومن أين جاءت التسمية وما هي هذه الجمهورية؟
فأقول إن العراق كان ملكيا دستوريا والحكم فيه ليبراليا تقريبا بمجلس نواب ومعارضة, وإن كانت هناك مثالب كبيرة في هذه الللبرالية وممارسات قمعية للقوى الوطنية..أطيحت الملكية بإنقلاب عسكري في 14 تموز عام 1958 ومن هنا بدأ الحكم الجمهوري فكانت الجمهوريات كما يأتي:
1-جمهورية الأنقلاب العسكري بقيادة المرحوم عبد الكريم قاسم التي إنتهت يوم 14/2/1963 التي لم تتقدم خطوة بطريق إقامة دولة مؤسسات الحكم المدني ولم تؤسس للديموقراطية وكانت بداية الصراع السياسي الدموي والتي فتحت باب حمام الدم الذي دخل به الشعب العراقي ولكن لا يجوز لنا أن نلغي ما قدمته هذه الجمهورية من مكاسب للفقراء وتشريعها قانون الأصلاح الزراعي وقوانين النفط  وفك الأرتباط بالأحلاف العسكرية.
2- جمهورية الخوف والحروب والمقابر الجماعية التي إنتهت يوم 9/4/2003 التي زرعت الرعب وشنت الحروب وصادرت الحريات.تخللت هذه الفترة برهة قصيرة حاول فيها المرحوم عبد الرحمن البزاز تأسيس دولة ليبرالية حديثة ولكن القوى العظمى منعت هذا وأجهضت العملية.
3/جمهورية الدم والخراب والضياع والفرهود التي بدأت في 9/4/2003 والمستمرة لهذا اليوم.جمهورية فيها هامش من حرية الرأي وتحسن الحالة المعاشية لفئة من الشعب. ولكن ليست كما يريد العراقيون ولم تحقق ما  ما يصبون إليه . وبلدهم يمتلك الموارد المالية والقدرات البشرية التي تحسده عليها شعوب الأرض وهو محروم منها.
لذا ولكي نتجتاز هذه المحنة لا بد من مؤتمر يؤسس للجمهورية الرابعة.  جمهورية الأمان والبناء وحرية الكلمة وتساوي الفرص وتأمين مستقبل الأجيال القادمة . يكون المتصدون له طبقة جديدة من السياسين يمثلون شرائح المجتمع العراقي, بعيدا عن الطائفية والعرقية ليضع دستور جديد للعراق. يلغي الدستور الحالي المتبني والمؤسس للطائفية والعرقية والمحاصصة. يكون فيه العراق دولة رئاسية رئيس الجمهمرية فيها هو رئيس الوزراء ويُنتخب إنتخاباً مباشراً من الشعب.وتكون الدولة إتحاديةً بؤسس واضحة المعالم ,لا يختلط فيها الحابل بالنابل, وبصلاحيات شفافة لا مبهمة. وحكومة إتحادية تحكم العراق كافة, لا دول داخل دولة.ومن واجب مجلس النواب الحالي أن يحقق ذلك ويسعى له, بتشريعه قانونَ إنتخابٍ جديد, ليتَشكل مجلسُ نواب مقتدر لا مفكك عديم الصلاحية.فالمجلس الحالي ثَبُت فشله بالدليل القاطع والتجربة والبرهان, بعد أن إتضحت النوايا وعطل هذا المجلس تشريع قوانين هامة تحتاجها البلاد كقوانين البنى التحتية و النفط والغاز والأحزاب والمحكمة الأتحادية, هذا المجلس كرس الطائفية وشوه وجه الديوقراطية وجعلها ناقصة عرجاء بقانون الأنتخابات الذي مكن لكتل لا يهمها شيء سوى مصالحها أن تهيمن على البلاد وتضر بمصالح الشعب.مجلس إنبرت كتل هامة فيه لتتصدي والأعتراض على بناء البلد وتوفير مساكن ومدارس ومستشفيات و تسليح الجيش وتوفير فرص عمل.هذا مجلس يجب أن يُحَل لا بل يَحل نفسه فهذا أكرم له وربما سيغفر له الشعب يوما عمّا فعله بالبلاد. 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب