23 ديسمبر، 2024 2:43 م

ضرورة الاندماج السياسي..التيار الصدري وحزب الدعوة

ضرورة الاندماج السياسي..التيار الصدري وحزب الدعوة

ليس عيبا استيراد النماذج والتجارب السياسية الدولية بكل حيثياتها والياتها وسياقاتها المعمولة بها هناك,ولكن العيب في التشويه والتلاعب بأسسها,وإسقاط التعديلات والترقيعات المحلية عليها,فلو  كان في هذه العقول خيرا في تعديلاتها لما استوردت تلك الأفكار الغريبة أصلا!
الأنظمة والتجارب الديمقراطية الدولية الناجحة ,هي تلك التي تتوزع جماهيريها على عدد قليل(لا يتجاوز الاثنين أو الثلاثة) من الأحزاب الوطنية,التي يكون جوهر أفكارها وبرامجها السياسية هي توفير حياة الرفاهية للمواطن,أي بمعنى أخر إنها غادرت منذ نهاية الحروب العالمية(استقلال الولايات المتحدة ,ونهاية الحرب العالمية الثانية,وانهيار الاتحاد السوفيتي أو انتهاء مايسمى بالحرب الباردة)الأيديولوجيات الفكرية وفلسفاتها العتيقة, تحت غطاء العولمة الكونية الجديدة,
لذلك تعد دول التشرذم السياسي دول فو طور المراهقة السياسية,منقسمة داخليا ,ولن تقوم لها قيامة في المستقبل إن بقيت تحت هذه البلاءات,
إلا من خلال الاندماج السياسي المتدرج,كما حصل بشكل بدائي في كردستان العراق (على الأقل لحد هذه اللحظة بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي ,والتعامل بعقلية موحدة مع الحكومة المركزية).
الشهيد محمد صادق الصدر ابن مدرسة الدعوة الإسلامية(والحركة الإسلامية عموما),وهو المرجع الوحيد الذي أعلن من خلال انتفاضته الجماهيرية في العراق,انه الوريث الشرعي للدعوة الإسلامية في العراق والمنطقة,التي بدأت مع الشهيد الأول محمد باقر الصدر (قدس سرهما الشريف),
أما الأخطاء التي قد تعلق على التيار (الذي ظهر تأثيره بشكل علني بعد سقوط النظام البعثي البائد),فهي أخطاء طبيعية لا تخلوا حركة أو حزبا أو تيارا منها,
والسياسة في الدول المتناقضة اجتماعيا تحتاج قياداتها إلى تجارب طويلة حتى يستقيم أمرها ,وتتضح لها بعد عملية الغربلة طرق العمل والتخطيط واتخاذ الخطوات الجدية الناجحة(هناك عدد ممن يسمون بصحابة الرسول ص ,ومنهم من قاتل تحت ألوية الإسلام, انحرفوا بعد وفاته ,ويعدون في بعض المذاهب من أهل الفسق والفجور )
إن فكرة الاندماج السياسي المقصود منها توحيد أو تقارب الأفكار والبرامج وحتى أراء ووجهات نظر القيادات السياسية النزيهة, وعلى وجه الخصوص بين التيار الصدري وبعض قيادات حزب الدعوة المبعدة أو المنعزلة عن مهزلة الحكم الحالي,فهذه القيادات(قيادات الدعوة ونحن لانتحدث باسمها ولم نسمها بالطبع, ولكنها رغبات شخصية استشفت أفكارها من خلال بعض اللقاءات والأحاديث التي دارت مع تلك القيادات) كانت ولا تزال لديها اعتراضات كبيرة حول أداء ونزاهة بعض أقرانهم ممن يمسكون بمقاعد البرلمان ومجالس المحافظات وكراسي الحكم الأخرى,
لديهم تحفظات ومؤشرات وملفات مهمة وخطيرة حول طريقة صعود بعض البعثيين إلى مواقع متقدمة في الحزب,وكذلك عن سر الإثراء المفاجئ للبعض,وصعود الخيوط والأنماط القبلية والعشائرية في مناهج وأساليب عملهم متجاهلين قواعدهم الجماهيرية, الخ.
وقد كانت مسألة إعادة انتخاب الأمين العام للحزب مرة أخرى ,خلاف ما كان متوقعا,حيث كانت القيادات التاريخية في الحزب ,واغلب قواعدها الجماهيرية مقتنعة بضرورة فصل هذه الموقع أو المنصب عن أي موقع تنفيذي أخر,وهو خطأ وقعوا فيه جميعهم في البداية,ولكنه كان ضروريا لإقصاء الجعفري الذي أهمل الحزب وقيادته بشطحاته الكثيرة(عندما أصبح رئيس للوزراء ,والذي حاول منفردا مرارا وتكرارا ان يستحوذ أو يندمج مع التيار الصدري دون فائدة),
ولكن تكرار تجربة صدام حسين (عندما كان نائبا) عندما استحوذ على الحزب والدولة معا,أمر فيه سذاجة وقلة خبرة ودراية ,أو لنقل كانت تحت قاعدة للضرورة أحكام!
القيادات التي نعتقد إنها خجلة من الدخول في عملية البحث والتشاور أو التحاور( حول هكذا موضوع تاريخي ,الغاية منه أخلاقية ودينية بعيدة عن الاصطفافات السياسية الملتوية) ومفاتحة التيار الصدري في مسألة الاندماج,الذي يمتلك قاعدة شبابية مهمة,تحتاج هذه المهمة إلى مقدمات مشجعة من قبل زعيم التيار الصدري وبعض قيادات التيار النزيهة,
توكل مسألة الإعداد لمثل هذه اللقاءات إلى اللجان المنبثقة عن كلا الطرفين لبحث فكرة الاندماج, تعمل على تشجيع قيادات الدعوة(في الداخل والخارج)للمشاركة البناءة في عملية التقويم السياسي لمسيرتي الدعوة والتيار الصدري في الحكم,على اعتبار إن تلك القيادات الرافضة لمسيرة الدعوة الحالية هي شبه مجمدة أو منفصلة أو مقصية من قبل الطرف الأخر(أي من قبل الطرف المشارك في الحكومة حاليا),
علما إن أهم اعتراضات تلك القيادات حول أداء الحزب في الحكم (وكما ذكرنا سابقا),هو تلوث سمعة البعض من المنتفعين من المناصب الحكومية,وفساد آخرين استطاعوا ان يغرقوا وظائف الدولة العراقية بأقربائهم الفاشلين ,وحشرهم حشرا في المواقع الحساسة(الداخلية- الدفاع -السفارات -والوزارات الأخرى-علما إن بعضهم إما كان بعثيا او مزورا للشاهدة, وفيهم من كان أمي لا يقرأ ولا يكتب,وآخرين لا يستحقون تلك المناصب),ولهذا تجد مسألة إعادة انتخابهم سواء كان في انتخابات مجالس المحافظات أو البرلمان شبه مضمونة (لان قوائم التوظيف الحكومي كانت تسلم إليهم,فمارسوا أبشع صور التقسيم للمجتمع العراقي ,وبكل أطيافه دون استثناء)
إن التذكير بمخاطر المنطقة وماتحمله الأيام القادمة من أجندات خطيرة, تلوح رايتها عبر حدودنا الدولية المفتوحة,ستعصف بالجميع دون استثناء,ولن تستطيع الكتل السياسية المتحاربة حاليا,والمتنافسة فيما بينها حول مصالحها الفئوية والشخصية, ان تصد رياح الشر تلك إن هبت على بلادنا من الدول المجاورة,
ومن هنا تكون مسألة  الحذر والتفكير الجدي بالكوارث  السياسية المحتملة الوقوع,من الأولويات والضرورات الوطنية الملحة التي لا تحتاج إلى تأخير أو مجاملة,فمثل تلك الخطوات يمكن لها ان تكون بادرة وبذرة خير على طريق تشكيل حكومة أغلبية برلمانية قادمة(نتمنى على بقية الكيانات والحركات إن تبحث أيضا مسألة الاندماج فيما بينها ,ولكن ليس على غرار الاندماج  الانتخابي الدعائي,الذي يحصل قبيل موعد الانتخابات),لا تستثني احد بما فيهم بعض الشخصيات الإسلامية والوطنية (المتقلدة لبعض المناصب حكومية) التي لم تتلوث أياديها بآفة الفساد الحكومي.
إن الديمقراطية نظام سياسي مدني حديث ,لا تحتكر فيه السلطات والمناصب الحكومية,إنما تكون الفرصة متاحة للجميع ,بما فيهم أبناء القرى والأرياف المهملين!