ليس بوسع أحد أن يزعم بأن تقارب العراق مع نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، مفيد للعراق ويصب في مصلحة شعبه، خصوصا بعد أن صار واضحا بأن العراق ومنذ عام 2003، حيث بدأ النفوذ الايراني ينتشر فيه، لم يلاقي إلا الشر والسوء والمآسي والمصائب، وإن توجيه أصابع الاتهام في الکثير من المسائل والقضايا السلبية السائدة في العراق الى النظام الايراني ليس من باب الصدفة أو التخمين وإنما يعتمد على الادلة والمستمسکات، ذلك إن الدور والنفوذ الايراني في العراق قد تجاوز کل الحدود وصار مثيرا لکل أنواع الشبهات.
المشاکل والازمات المختلفة التي يعاني منها النظام الايراني والتي أوصلت أغلبية الشعب الايراني الى حافة الفقر والبٶس والحرمان، إنما هي بسبب أن هذا النظام لايقوم بصرف أموال وموارد الشعب الايراني کما يجب بل إنه يصرفها على مخططاته ومراميه ومشاريعه المشبوهة التي تخدم توجهاته ومصالحه الضيقة المتنافية تماما مع توجهات ومصالح الشعب الايراني، ولاريب من إن نظام يقوم بهکذا تعامل سلبي مع شعبه لايمکن أبدا أن ينتظر أحدا منه الخير في تعامله مع شعوب أخرى، ولذلك فإنه ليس في دوره أو نفوذه في العراق من أي خير للشعب العراقي بل والعکس تماما.
النظام الايراني الذي صار معروفا بأنه يقوم بإستغلال الاراضي والاجواء والمياه العراقية من أجل تحقيق أهدافه ومآربه، لکنه لم يکتف بذلك فهاهو يستغل إسم العراق في تهريب نفطه الى جانب قيامه بإستنزاف الاقتصاد العراقي بصورة وأخرى، لکن المضحك المبکي، إن عملائه ومرتزقته في العراق لايزالوا يصرون إصرارا ملفتا للنظر على إن العراق هو المستفيد من النظام الايراني وإنه لولاه لسقط العراق في يد داعش، وکأنهم يتصورون بأن الشعب العراقي قد نسي بأن إدخال تنظيم داعش الارهابي للعراق کان بمکيدة خبيثة للإرهابي قاسم سليماني من أجل التهيأة لإعادة الفاشل نوري المالکي لولاية ثالثة من جهة، ومن أجل تقوية وترسيخ النفوذ الايراني الذي صار يواجه خلال عام2014 رفضا عراقيا متزايد، والذي يعزز ويٶيد هذا الاعتقاد هو إن النظام الايراني کان أکبر مستفيد من دخول داعش للعراق.
اليوم وبعد أن وصلت المواجهة الامريکية ـ الايرانية الى ذروتها مع الاخذ بنظر الاعتبار بأن الدور والنفوذ المشبوه في العراق من جانب النظام الايراني هو أحد أبرز أسباب ذلك خصوصا وإن طهران دأبت على إستغلال العراق کمنفذ ومتنفس للإلتفاف على العقوبات الدولية وإفراغها من تأثيراتها، الى جانب إستخدام هذا النفوذ من أجل المناورة به داخليا لأن الاوضاع الداخلية الايرانية وخيمة جدا وحتى إن إعتراف قادة ومسٶولين إيرانيين بتزايد الاحتجاجات وتصاعد دور منظمة مجاهدي خلق على الساحة الايرانية وتمکنها من تشکيل معاقل الانتفاضة التي صارت توجه ضربات عنيفة لمختلف مراکز ومٶسسات النظام، لکن من المهم والمفيد جدا أن يکون هناك مسعى وطني عراقي لتحييد العراق على الاقل في الصراع الدائر بين واشنطن وطهران وليس جعله ورقة بيد ذلك النظام وإن ضرورة الابتعاد عن النظام الايراني قد صار مطلبا وطنيا لامناص منه أبدا.