22 نوفمبر، 2024 6:55 م
Search
Close this search box.

ضرورة الأوهام الجميلة التي تنقذنا من جحيم الواقع

ضرورة الأوهام الجميلة التي تنقذنا من جحيم الواقع

أين تكمن مصلحتنا في إدراك الحقيقة ..أم الهرب منها بواسطة : الخمر والمخدرات والفن ، أو إبتكار مجموعة من الأوهام الجميلة وتمضية العمر معها ؟.. في معظم الاحوال ومحطات العمر الواقع لايطاق بل هو جحيم و من حق الأوهام علينا إنصافها في بعض الأحيان ، فهي لها وظيفة تعويضية علاجية مخدرة يحتاجها البشر .. الجدية نتاج العقل والحسابات المنطقية ، و إقصاء للخيال والمجاز ، ومنع التمرد وكسر الروتين ، صحيح ان العقل طرف في مهزلة الحياة ، لكنه الطرف الأضعف والأقل فائدة للإنسان قياسا الى ما توفره الأحلام والأوهام في جعلنا نعيش في عالم نحن نشيده بخيالاتنا التي تسعفنا بتسويات وتطمينات وبدائل تعوضنا عن قساوة الواقع .

أشتاق الى أوهامي كثيرا بعد عملية تصفية الحسابات مع الواقع بحكم تقدم العمر ، وفضيحة نسبية العقل وفشله في تحقيق العدالة على الأرض ، وإكتشاف سجون الجدية في الحياة بإعتبارها بنت العقل ، أشتاق الى :

– أشتاق الى أوهام القراءة .. يوم كانت قراءة رواية أدبية تجعلني أعيش اياما وأسابيع متماهيا مع أحداثها وأبطالها ، و منتشيا لدرجة السكر بقراءتها ، ويوم كان قراءة كتاب فكري مهما كان بسيطا يشعرني بإضافة شيئ ما ومتعة فكرية هائلة .

– أشتاق الى أوهام الكتابة .. حينما كنت أفرح بالخربشات والأسطر البسيطة التي أكتبها ، وأسرع بها الى الاصدقاء لإطلاعهم عليها وكأني أنجزت شيئا هائلا .

– أشتاق الى أوهام مشاهدة أفلام السينما والإندماج مع أبطال الأفلام ، والإعجاب بالممثلات .. أين ذهبت تلك الاجواء السحرية !

– أوهام الحياة الدينية .. يوم كان مجرد الصلاة في المسجد ، وقراءة القرآن .. يدخلني في أوهام وجود الله والقرب منه و الفوز برعايته وحمايته وبركاته ، ونيل وعد الجنة ، كان الدين يمنحني القوة المزيفة ، والأمل الكاذب ، ويسقيني خمرة الروح لتهدأت مخاوفها وتطمين إحباطاتها بالتعويض سواء في الدنيا أو الآخرة .

– أشتاق الى أوهام السفر .. ورغبة إكتشاف العالم .. والمغامرات العاطفية والتسكع في طرقات الغربة وتسجيل اليوميات والمذكرات .

أوهامنا نتاج الجهل والنقص والحرمان ، وضغط سجون جدية الجانب العقلاني في الحياة .. وأبناء لندن وباريس كذلك لديهم أوهامهم ، وفي النهاية العمر يجري ويتسرب من أيدينا ونستفيق على حقيقة ورطة الحياة ومهازلها وغياب معناها ، الواقع لايطاق حينما تفتح عينك كل يوم وتصطدم بعشوائية الوجود وعدم وجود مبرر له ، ولا أثر للإله ، وأنانية الإنسان وعدوانيته ، وانك سائر بشكل حتمي نحو الموت!

أحدث المقالات