23 ديسمبر، 2024 2:56 ص

ليس حبا بالمالكي فالرجل عليه المئات من الملاحظات التي تراكمت وأوصلت البلد الى ماهو عليه الآن ؛ لكن هزيمته في ظل هذه الأجواء ستؤدي بالنهاية الى طمس هيبة الدولة وتمادي الطوائف في المستقبل ؛ هزيمته على يد مجموعات متطرفة ذات صبغة طائفية معينة على رقعة جغرافية محددة سوف يتكرر مشهدها عدة مرات مع أية حكومة جديدة حتى لو كانت منزلة من السماء وراعية لكافة المفاهيم الإنسانية

من الذي يضمن إستمرار الحكومة الفاضلة التي تتشكل بعد هزيمة المالكي ؟ فالناس في العراق بدأت تبحث عن الهوية الطائفية لكل شخص يتصدى للحكم في العراق ولذلك سوف نبقى أمام دوامة لاخروج منها فالإتيان بشخصية سنية سوف تخرج عليها مجموعات شيعية متطرفة تسقطها بنفس الطريقة التي إسقطت فيها حكومة المالكي وهكذا يستمر العراق بلا حكومات محترمة

المطلوب هو الوقوف مع المالكي على رغم مواجعه التي سببها للعراقيين فالعراقيون الشرفاء يقفون في النهاية الى جانب الدولة المدنية التي طالما تغنوا بها ولازالوا يقدمون الدماء من أجل رؤيتها ؛ هذه الدولة المدنية المنتظرة تتعرض الى الإختطاف ويتسلق على متنها المرتزقة ويحرفون عجلتها عن المسير في الطريق الصحيح

لو عمل المالكي على تأسيس جذور الدولة المدنية القائمة على أسس المهنية لما تعرض الى ماتعرض اليه ولو إستمع الى مايقوله دعاة المدنية لما حصل الذي حصل ؛ الغالبية العظمى من الذين إعتمد عليهم المالكي خذلوه أشد خذلان وأخرجوه بهذه الهشاشة التي لم تصمد أمام مجموعة قليلة لاتتجاوز أعدادها العشرات

الدولة المدنية التي نتمنى رؤيتها سوف تتلاشى بهزيمة المالكي على يد هذه المجموعات القذرة وأعتقد إن نار المالكي أفضل بكثير من جنة داعش ؛ إنتصار داعش أو حصولها على موطئ قدم في إحدى المحافظات العراقية يؤدي الى حرب أهلية كارثية سوف تحرق البلد اكثر بمئات المرات من محارقه الحالية فإذا كنا نتشائم من أصوات المفخخات الحالية والتي بدأت مسامعنا تعتاد عليها فإننا سوف لن نشهد فيما بعد إلا المجازر البشرية والذبح البشري المعلن في شوارع بغداد وأزقتها

المسألة أكبر بكثير من خلافاتنا النقدية مع المالكي ؛ الأزمة تضعنا أمام خيارات صعبة أحلاها هو الحفاظ على حكومة نوري المالكي أما الخيارات الأخرى فهي القبول بحكومة داعش أو حكومة البعث أو الحرب الأهلية .
[email protected]