18 ديسمبر، 2024 10:10 م

ضرورة إبتعاد العراق عن طهران

ضرورة إبتعاد العراق عن طهران

من الواضح إن معرکة طرد داعش من الاماکن التي إستولى عليها و إنهاء سطوته ستقوده في النتيجة الى عمليات إرهابية هنا و هناك، کما إنه من المٶمل أن تمتهي قضية الاستفتاء لشمال العراق على الرغم من کل التعقيدات التي ترافقها ولکن من الواضح إنه لاخيار سوى الرکون للغة العقل و المنطق و العودة بالاوضاع الى طبيعتها، وهذا ماينتظره الجميع کون الاکراد جزء من الشعب العراقي و ليس من السهل إلغاء تأريخ مشترك طويل بسبب ظروف و أوضاع طارئة، لکن المشکلة التي ستبقى تلقي بظلالها على العراق کله و هي بمثابة بٶرة إثارة و خلق المشاکل و الازمات، هي مشکلة النفوذ الايراني الذي للأسف البالغ نجده يتعاظم رغم کل الاوضاع و الظروف وهو مايدل على إن هناك مخطط إيراني خاص يعمل من أجل ليس المحافظة على النفوذ الايراني فقط وانما توسيعه و تطويره أيضا.
العراق بما يعانيه من مشاکل و أزمات مستعصية، نجد إن معظمها يتعلق بصورة أو بأخرى بإستشراء و إستفحال النفوذ الايراني الذي جعل من الولاء لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و لمرشدها الاعلى معيارا للتفاضل و منح المناصب و المراکز، إذ لايمکن أبدا أن يصدق عاقل بأن الکفاءة و الامکانية و القدرات هي أساس إختيار المسٶولين للمناصب بل إن الولاء لإيران و مرشدها کان و سيبقى الاساس، وهذا بحد ذاته ماکان و سيبقى السبب الاهم لإنتشار و إستحال الفساد في العراق بالصورة الحالية التي تزکم الانوف، وبطبيعة الحال، فإن النظام الايراني لايهمه أبدا قيام عملائه بسرقة و نهب أموال و ثروات الشعب العراقي بقدر مايهمه و يعنيه نفوذ، بل وإن إنشغال المسٶولين و الشعب بقضايا الفساد هو أفضل بکثير من توجيه أنظار الشعب العراقي الى النفوذ الايراني و آثاره و تداعياته السلبية على الاوضاع في العراق کله.
بدء إنفتاح العراق النسبي على محيطه العربي، يعتبر بمثابة خطوة إيجابية و مفيدة للشعب العراقي في الاتجاه الصحيح، لکن هذا الانفتاح سيکون محدودا و غير فاعلا مالم يتم تحديد النفوذ الايراني و الحد من دوره و تأثيره السلبي، وهذا أمر يمکن تحقيقه من خلال العمل على توعية الشعب العراقي و تعريفه بالخطورة الکامنة وراء النفوذ الايراني الذي أراد و يريد العراق بمثابة جسر و سلم له لتحقيق أهدافه و غاياته، ومنذ عام 2003 ولحد يومنا هذا لم يستفد العراق شيئا من إيران وانما کان دائما هو الطرف الخاسر و الطرف الذي يعطي و يعطي لهذا النظام دون أن يأخذ منه شيئا مفيدا سوى التطرف الديني و الارهاب و عسکرة الشباب و سرقة براءة الاطفال و بث ثقافة العداء للنساء، وإن الفعل الجماهيري فيما لو کان هناك مد وطني متزامن معه کفيل بحفر رمس النفوذ الايراني و دفنه، علما بأن هذا النظام لم يعد کما کان بل إنه في أضعف حالاته و حتى إن تهديداته التي يطلقها في الاونة الاخيرة هي دليل على ضعفه و خوفه خصوصا وإن مجزرة صيف 1988 التي إرتکبها بحق 30 ألف سجين سياسي، قد وصلت للأمم المتحدة ومن المٶمل أن يصدر في المستقبل القريب قرار إدانة بحق هذا النظام لهذا السبب وهو ماسيفتح الباب على مصراعيه‌ للعمل من أجل جرجرة قادة و مسٶولي النظام الايراني أمام الجنائية الدولية لمحاکمتهم کمتهمين إرتکبوا جرائم ضد الانسانية بالاضافة الى إن الامريکان أيضا بدأوا ينتهجون سياسة جديدة ضد إيران تختلف عن کل السياسات الامريکية الاخرى طوال ال38 عاما الماضية، ومن هنا، فيجب أن يکون هناك ثقة کاملة بأن هذا النظام في طريقه الى التضعضع ويجب أن لانسمح له بالاستقواء على حساب العراق و العمل من أجل الابتعاد عنه.