18 ديسمبر، 2024 10:52 م

فلنعترف بأن لدينا سياسيون مضارطة، وكذلك وزراء اكثر مضرطة، لأن ذاك انبثق من هذا، وفي الموازين تتساوى المناصب والاشخاص، ويكفي أن يقال عنهم ساسة او وزراء، لا فرق، فهم متساوون حتى في الضراط، لأن المنصب السياسي واحد. لكن السياسي المحنك كلما كبر منصبة ازداد ضراطه، وهي معادلة فلسفية لها مساس واساس في سياستنا الراهنة، شئنا هذا ام ابينا، فهو واقع نعيشه اليوم، وقد اتى اوكله في هذا حين.

والضراط في تاريخ العرب له منزلة خاصة، قديما وحديثاً، حتى وصل الى عصرنا هذا، ويومنا هذا، ولولا الركيزة الاساسية في قواعد الضراط، لما وصلت الينا فلسفة الضراط والتي اخذ من هذه الفلسفة معظم ساستنا واصبحوا اساتذة في هذا المعترك يشار اليهم بالبنان، حتى أن هناك اكثر من شهادة دكتوراه وماجستير منحت لطلبة في (فقه الضراط)، وقد حصلوا عليها بامتياز، وجيد جداً، واصبحوا يدرسون هذه المادة، وربما بعد سنوات تُفتتح جامعات معترف بها تدرس مادة الضراط، وبكافة انواعه وصنوفه، (والشيء بالشيء يذكر، كما يقال، فأن البقوليات تساعد في تعزيز هذه الفلسفة للطلبة الكسولين، الضعاف).

ولو راجعنا كتب التراث لوجدناها مشحونة بحكايات الضراط، وهنا نقتصر على واحدة منها، فخير الكلام ما قل ودل، تقول هذه القصة:

“أهدى بعض عمال عبد الملك بن مروان له تروساً مكللة بالدر والياقوت، فأعجبه ذلك، وعنده جماعة من خاصته وأهل خلوته، فقال عبد الملك لرجل من جلسائه اسمه خالد: اغمز منها ترسا نمتحن صلابته، فقام خالد، فغمر الترس فضرط، فاستضحك عبد الملك وضحك جلساؤه فقال عبد الملك: كم دية الضرطة ؟ قال بعضهم: أربعمائة درهم وقطيفة، فأمر عبد الملك لخالد بذلك، فأنشأ رجل من القوم يقول:

أيضرط خالد من غمز ترس***** ويحبوه الأمـــــير بها بدورا

فيالك ضرطة جلبت عنـــــاء**** ويالك ضـــرطة أغنت فقيرا

فود الناس لو ضرطوا جيمعاً *** ونالوا مثل ما أعطي عشيرا

ولم يعلم بأن الضــــرط يغني**** فأضـــرط أصلح الله الأميرا

فقال عبد الملك : أعطوه أربعمائة درهم، ولا حاجة لنا في ضراطك”.

ولأجل هذه الفلسفة، لا زال العديد من ساستنا متمسك بها ولا يريد أن ينفك عنها، وعليه فهم يتفلسفون كيفما يشاءون، خصوصاً اذا ظهر احدهم من على شاشة تلفاز، فاخُذ ضراط للصبح.

ملاحظة: نحن قريباً على ابواب انتخابات مجالس المحافظات، والكل بحاجة الى مزيد من الضراط، ونصيحتي أن لا تقصروا في ذلك.