24 ديسمبر، 2024 4:01 ص

ضد  اعدام  محمد وفاطمة

ضد  اعدام  محمد وفاطمة

لا نهدف بمقالنا هذا الى التذكير باوضاع الحزب الواحد والرأي الواحد والقائد الواحد التي كان العراق يعيشها طيلة اكثر من ثلاثة عقود امتدت حتى سقوط النظام عام 2003 وما آلت اليه تلك الدكتاتورية من كبت وحروب وضحايا ، ولا نريد هنا الخوض في تفاصيل الصراعات  والاقتتال الدموي الاهلي بصوره الدينية الطائفية والسلطوية في العراق بعد سقوط ذلك النظام وما آلت اليه  تلك الصراعات الميليشياوية من ضحايا ومصائب وانحدارات خطيرة في المجتمع العراقي مثلما ادت الى مقتل اكثر من 500 صحفي واعلامي وصاحب رأي مسالم  خلال العقد الماضي ، كما اننا لا نريد هنا تسمية  اوضاع مماثلة من تصارع الميليشيات الدينية والسلطوية  والدكتاتوريات الناشطة في كبت حرية التعبير لاصحاب الفكر والرأي المسالم في معظم دول الشرق وفي مقدمتها جميع الدول العربية والاسلامية دون استثناء ، سواءا تلك الدول العربية التي شملها الربيع العربي ام تلك التي ما تزال تنتظر دورها  المحتوم في التغيير عاجلا ام آجلا  وكذا جميع  الدول الاسلامية الاخرى  الغير عربية والتي هي بحال ليس بأفضل من حال الدول العربية  ، الا اننا نريد في مقالنا هذا التأكيد بصورة جازمة بان لا مستقبل ولا حياة كريمة للانسان في هذه المجتمعات العربية والاسلامية ما لم تلغى كل القوانين والانظمة والاصول الرسمية والمجتمعية التي تحاسب أوتمنع أو تعيق الانسان من حق التعبير عن افكاره او آرائه بشكل عام ولاسيما ما يتعلق منها بمعارضة او نقد النظام السياسي او الديني .
حرية التعبير في كل المجالات دون استثاء ودون أية حدود مقيدة  هي حق سلمي وحضاري واساسي من حقوق الانسان ، ولا يمكن حرمان الانسان منها لأي سبب كان ، وللنظام السياسي الحاكم في اي مجتمع  مطلق الحرية ذاتها للدفاع الحضاري عن نفسه سلميا ، كما يمتلك المتدينون بشتى اديانهم ومذاهبهم كامل حرية الدفاع او التعبير عن ما يرونه في صالحهم ، الا ان الامر المهم هو ان لا تتم معاقبة او محاسبة اي صاحب رأي عن رأيه طالما انه لا يجبر أحدا على الايمان بفكره او رأيه .
قبل نهاية  القرن الماضي تجاوزت اغلبية البشرية كليا المرحلة التي كانت تجيز لنظام الحكم او السلطة الدينية اتباع  اساليب منع او كبت او عقاب كل صاحب رأي او فكر معارض للنظام السياسي او السلطة او الموؤسسة الدينية ، لا بل ان اغلبية البشرية تجاوزت مرحلة محاسبة اي صاحب رأي او فكر ينتقد عقر الفكر او المعتقد الديني ، ولتصل البشرية الى مرحلة الحدود المفتوحة واللامتناهية لكل الاراء والافكار البشرية طالما انها تعلن سلميا دون اجبار الآخرين على اعتناقها ، ولعل وصول المجتمعات الغربية لتلك المرحلة او ما يقاربها يعد احد الاسرار المهمة لاضطراد التطور والازدهار الانساني الفكري والعلمي والصحي والصناعي  والاقتصادي الى درجة اصبحت فيه  هذه  المجتمعات هي  الملاذ الآمن الوحيد لكل اصحاب الآراء المختلفة من الذين لا يستطيعون ممارسة حقهم الانساني  في مجتمعاتهم الشرقية التي تأن من اوباء الظلم والتخلف والفقر والاقتتال والاصرار القوي من قبل القوى المادية السلطوية ، سياسية  كانت أو دينية  ، على الابقاء على هذه الاوضاع المشينة  باستمرار محاربة حرية آراء الآخرين .
الكاتب الموريتاني ( محمد الشيخ بن محمد ) ينتظر تنفيذ قرار الاعدام بحقه هذه الايام بسبب (جريمته ) التي كل فحواها انه اسرد في احدى كتاباته نص ما ذكر في كتب السيرة الدينية !  اما الناشط الاعلامي العراقي المعارض ( هادي المهدي ) والصحفي العراقي الكوردي المعارض ( سردشت عثمان ) فقد نفذ بهما حكم الاعدام بصيغة اغتيال في كل من بغداد واربيل عامي 2010 و2011 على التوالي ، وما زال منفذو الاغتيالين في كل من بغداد وأربيل مجهولين رغم اننا الان في 2015 !!
المدون السعودي ( رائف بدوي ) يجلد كل جمعة خمسين جلدة في ميدان عام ، وهو مسجون لمدة عشر سنوات ومعاقب بالف جلدة تقسط عليه خمسون جلدة كل جمعة وفوقها غرامة مبلغ مليون ريال سعودي نظرا لـ ( جريمته ) في ابداء الرأي المعارض للسلطة عام 2011.
الشاعر القطري المسلم والسني المذهب ( محمد العجمي ) مسجون منذ 2011 لمدة خمسة عشر سنة  لـ ( جريمته ) في قصيدة انتقد فيها السلطة .
يوم 27-2-2015  هو موعد محاكمة الشاعرة والصحفية والمترجمة والعالمة المعمارية والناشطة  المصرية ( فاطمة ناعوت ) التي اتهمت من الاخوان المسلمين زورا بازدراء الدين ، وفي نفس هذا اليوم سيجتمع شعراء وناشطون في مجال حقوق الانسان من مختلف دول العالم في مقر منظمة العفو الدولية بلندن للاعلان عن تضامنهم مع الشاعر القطري (محمد ) وللتضامن مع منح حرية الرأي لكل انسان على الارض .
 ترى كم مليون هو عدد الشرقيين  الذين يستحقون هذا التضامن وكم هو عدد المعدومين بينهم !