23 ديسمبر، 2024 3:39 ص

هناك من يقول ان الشخصية العراقية ازدواجية حادة المزاج متقلبة الاهواء كتقلب فصول السنة نحتت الكوارث والمصائب هذه الشخصية وجعلت منها كائنا لا يبالي بما يحدث حوله، لا يأبه للسارقين إن سرقوا او ما يفعله اللصوص والقتلة، أصبح لا يهتم حتى ولو باعوا الوطن.
شخصية تمتزج بها كل مكونات العنف والتشكي والحزن، لا يعرف معنى ثقافة الاعتذار، أما المتشككين في رأينا هذا فندعوهم إلى مشاهدة مشهد تمثيلي واحد للكاميرا الخفية ليروا بأنفسهم مدى العنف والغضب التي تعتري هذه الشخصية حتى بعد أن يكتشف أن هذا مجرد موقف تمثيلي. واذا ضحك بالصدفة فأنه يختتم ضحكته المشكوك بها بمقولة(ضحكة خير ياربي) خوفا من المجهول او ربما لاعتقاده أن القادم أسوأ.
ابتدأت هذه (الهلوسة) من الكلام وانا استعرض شريط ذكريات مرت في طفولتنا عندما كنا نتصنع الهدوء والأدب أمام معلمنا لكي لا ينعتنا بالمجانين، كنا نتسمر أمام التلفزيون (ابو اللمبات) ونحن نشاهد جولات المصارعة للمصارع (عدنان القيسي) وهو يحسم انتصاره بصيحة على منافسه (فريري) وكنا نستمتع بهذه النزالات رغم أنها كانت حركات تمثيلية للضحك على عقولنا البريئة كما يدعون.
كانت ابنة الجيران تمثل كمية الشرف الذي يحمله أبناء المحلة في الحفاظ على سمعتها وشرفها. كنا نسمع عن عصابة (ابو طبر) والتي يقولون انها من صنع أجندات سياسية في تلك الفترة والتي ارعبت أهل بغداد وجعلت العائلة تتناوب فيما بينها لحراسة البيت، خلقت هذه العصابة رعبا في شوارع بغداد جعلتها حديث الرأي العام بالرغم من أن جرائمها لا تعدو كونها جرائم عادية في عالم الإجرام، كنا نضحك ونحن نسمع استعدادات أهلنا لصد اعتداءات هذه العصابة الغاشمة ولم ندرك انها سوف تكون قطرة في بحر عصابات (ابو طبر) يومنا هذا الذي أحرق مدن بأكملها وجعلها قبورا لساكنيها، عصابات (ابو طبر) اليوم التي استباحت كل شيء واي شيء وسرقت قوت اطفالنا ومستقبل أبنائنا، عصابات جعلتنا نتحسر على الماضي ونندب الحاضر الذي أصبح كابوسا لا ندري متى نستيقظ منه. تذكرت كل ذلك وراودتني ضحكة ممزوجة بحزن وألم ولأختتم ضحكتي الهزيلة بمقولة (ضحكة خير ياربي) ربما خوفا من المجهول او لأن القادم أسوأ.