19 ديسمبر، 2024 8:21 م

أصدرت منمة الشفافية الدولية (TI) يوم الثلاثاء الماضي 21/1/2017 ، مؤشرها السنوي الخاص بالفساد، حيث أكدت فيه على: (أن الفساد شجع على ظهور داعش), وقبل أن نأتي على ذكر ما جاء فيه، دعوني أخبركم عن ماهيّة هذه المنظمة.

الشفافية الدولية : هي منظمة دولية غير حكومية، معنية بالفساد. وهذا يتضمن الفساد السياسي وغيره من أنواع الفساد. وتشتهر عالمياً بتقريرها السنوي (مؤشر الفسادCPI – ) وهو قائمة مقارنة من حيث إنتشار الفساد حول العالم. مقر المنظمة الرئيسي يقع في برلين – ألمانيا.
ومما جاء في مؤشرها للفساد هذا العام “أن مجموعات مثل تظيم الدولة الإسلامية – داعش – وجماعة بوكو حرام، تستخدم الفساد لتجنيد عناصرها، وتقدم نفسها على أنها البديل عن السلطات الفاسدة”.

وأشارت المنظمة في تقرير أعدّه فرعها البريطاني، بعنوان “التحول الكبير : الفساد وظهور التطرف العنيف”، أن الحركات المتطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية، تزدهر عندما يفقد الناس ثقتهم تماماً بمن يتولون الحكم، وعندما يستفيد المسؤولون من بؤس الغالبية الكبرى من الناس، وعندما تستغل الشرطة بدلاً من أن تحمي، وعندما تحتكر أقليّة الفرص الاقتصادية”.

وبعد حديثها عن أن داعش استفاد من الفساد للإنتشار في العراق وليبيا ونيجيريا، أكدت المنظمة أن “التصدي للفساد يجب أن يكون الأولوية المطلقة”، داعية حكومات الدول الغربية إلى المساعدة في ذلك.

وجاء في التقرير أن “كثيرا من الحكومات الغربية تفضل القيام بمحاولات للتأثير على أو لتعديل سلوك حكام مستبدين فاسدين تعتبرهم بديلاً عن عدم الاستقرار… لكن الحكومات الفاسدة في نهاية المطاف هي التي تصنع الأزمات الأمنية اللاحقة”.

هذا نزر يسير مما جاء في هذا المؤشر، مع “تحفظي” على بعض ماورد فيه من تبرئة لحكومة الولايات المتحدة وعدم تسمية بعض الدول الداعمة للإرهاب، ومن تلاعب بالألفاظ. لكن ما يهمني فيه، هو الكلام الصريح بخصوص العراق، وبعض ساسته الفاسدين، الذين كان لهم دور مباشر بإستفحال تنظيم داعش الإرهابي.

تزامن هذه التقرير، مع انتشار صور في مواقع التواصل الإجتماعي، لنحر المقاتل العراقي البطل الملازم أول (أبو بكر السامرائي)، على يد داعش الإرهابي، الذي خطف مع مجموعة من رفاقه الجنود، في أطراف كربلاء المقدسة من جهة صحراء النخيب، والذي شابه في نظراته المتحدية للعدو الشهيد (مصطفى العذاري) الذي قُتل وعُلِّق على جسر في الفلوجة قبل سنتين.

رغم أن العراقيين المتعاطفين مع هذا الشهيد وغيره، ركزوا على نظرة الشموخ والتحدي في عينيه، إلا أن قلبي يعتصر ألماً، لعلمي أن مقتله كان سببه الفساد، وعدم الإهتمام بمقاتلينا المرابطين على الحدود وعلى السواتر ذوداً عن حياض الوطن، وعدم التعامل بجديّة مع التهديدات الإرهابية، والمناشدات من قبل المقاتلين.

مقتل السامرائي يفضح الفساد المستشري في مفصل مهم من مفاصل الدولة، ألا وهو وزارة الدفاع، والتي ترك مقعد وزيرها شاغراً لمدة طويلة، أبو بكر السامرائي ومصطفى العذاري وغيرهما الكثير، هم ضحايا الفساد، وتم بيعهم للإرهاب من قبل بعض الساسة المتصدين للمسؤولية الأمنية.
وما يحزنني أكثر، أن هذا المسؤول الفاسد الذي قبض ثمن بيعه لهؤلاء الأبطال، أن أتخيله ينفق هذا الثمن في إحدى لياليه الحمراء إكراماً لإحدى الراقصات.

المجد والخلود لشهدائنا، وحشرهم الله مع الحسين وأنصار الحسين (عليه السلام)، رغم الجراح، ورغم الحزن، لكن أنا واثقٌ بأن هذا الشعب سيصحوا، وينتفض، ويغير واقعه المرير، في المستقبل القريب… والعراقي قادر… وكلّي أمل.

أحدث المقالات

أحدث المقالات