23 ديسمبر، 2024 10:38 ص

ضجيج طائفي وأداء حكومي خاطئ وتسقيط سياسي … العراق إلى أين ؟

ضجيج طائفي وأداء حكومي خاطئ وتسقيط سياسي … العراق إلى أين ؟

ضجيج طائفي بدأ يؤثر على اللحمة الوطنية والسلم الأمني والأهلي والمجتمعي وأداء حكومي خاطئ سياسياً واقتصاديا وامنياً انعكس على واقع المواطن الذي مل الصراعات والخلافات التي وصلت إلى حد التسقيط السياسي في ظل الاهتمام بالمصالح الضيقة على حساب المصلحة العامة هذا دفع إلى  عزوف الناخبين عن المشاركة في الانتخابات على أهميتها الإستراتيجية في النظام الديمقراطي من جانب واحتمالية التغيير من جانب آخر ، هذا المشهد بكل ما يحتويه من ضبابية وتعقيد يسأل الشارع العراق إلى أين في ظل التصريحات الضلامية ، فالغريب أن أعلى سلطتين التنفيذية والتشريعية تذهب في تصريحاتها أن هذه الصراعات والخلافات ستقود البلد إلى الحرب الأهلية والتقسيم فهل أن دماء العراقيين رخيصة لكي تذهب مقابل أهواء سياسي ورجل دين وزعماء عشائر لا يفهم منهم إلى أين هذه المطالب ناهيك عن حكومة تتحاور مع الاكراد وتحقق كل مطالبهم في اجتماع وصفه البعض بأنه لم يتجاوز نصف ساعة ، في الوقت أن أزمة التظاهرات دخلت في الشهر الخامس ولا حلول فهل أن هذه سببها الحكومة بعدم تنفيذها لمطالب المتظاهرين أم أن هناك توجه لدى المتظاهرين لعدم القبول بالحوار والاستمرار في الاعتصامات لغايات وأهداف خيارات الجمعة الأخيرة إسقاط الحكومة والتقسيم والحكم الذاتي والحرب الأهلية .
اليوم المشهد السياسي معقد ناتج عن عدم الثقة بين مكونات الشعب الرئيسة الشيعي يخاف من عودة البعث وسنوات الحكم السني الذي أضاق الأغلبية الشيعية أمر صنوف العذاب لا حقوق إنسان ولا حرية رأي وتعبير ولا ممارسة لا بسط حقوقهم الدينية في ممارسة شعائرهم الخاصة ، والشيعة وتراكمات الماضي والسنة وذهاب السلطة والنفوذ والتهميش والإقصاء وانقلاب الآية فمع ظلم السنة للشيعة اليوم المكون السني يعلن أن الشيعة يظلمون هذا المكون من خلال اتهامه بالإرهاب ومساندة القاعدة والمجاميع المسلحة لذلك هناك اعتقالات عشوائية ومصادرة لحقوق أهل السنة وبذلك ليس لهم أما الانفصال وتشكيل الإقليم السني أو القتال حتى الموت وهكذا بالنسبة للشريك الكردي الذي لا يخفي مخاوفه من عودة الديكتاتورية والتفرد بالسلطة والقرار واستخدام الجيش الاتحادي المركزي في ضرب الكرد وعودة الأنفال ومجازر حلبجة هذا الشريك يحاول في كل مرة الحصول على المكاسب من خلال استغلال حالة عدم الاستقرار بين الحكومة المركزية والمكون السني وهنا هل بالإمكان حل قضية الاحتجاجات بنفس الطريقة التي تحل بها القضايا والخلافات مع التحالف الكردستاني ام القضية في حالة المكون السني اعمق واوسع استنادا الى الخوف ان المطالب لا تقف الى حدود المطالب الثلاثة عشر المقدمة الى البرلمان والحكومة والتي تقوم بحلها اللجنة الخماسية والسباعية اذ يبدو ان المطالب تذهب ان ابعد من ذلك السنة يطالبون بالحكم والسلطة التي اغتصبها الشيعة باسم الديمقراطية فحكم العراق كما يرى المكون السني لهم  والشيعة أقلية استنادا الى ملايين السنة العرب ولا حكم لهم وهذا الرأي خطير وسيذهب البلد الى مزالق خطيرة .
هذه المشكلة هل ستحل بالطرق السلمية ام ان عدم الثقة بين المكون الشيعي والسني ستؤدي الى مشاكل غير قابلة للحل بالرغم من ان فقهاء السياسة يرون بان مثل هذه المشاكل تحل بالحوار وليس بالقوة وهذا حال النظام البرلماني والذي يكون في ظل مجتمع متنوع قومياً ودينياً ومذهبياً واثنياً فالمشاكل التي يعاني منها العراق لا تسقط هذا النظام قد تسقط البرلمان والحكومة ويصار الى انتخابات مبكرة ولكنها لا تؤدي الى اسقاط النظام السياسي برمته لذلك  يَعزو محللون سياسيون كثرة الاتهامات بين الاطراف السياسية الى اسباب منها حداثة التجربة العراقية ووجود الاعلام الذي يصعد احيانا على وفق اجندات يعمل بموجبها واحيانا لحب الظهور، ويشيرون الى ان تلك التصريحات المتشنجة والمهاترات والمناكفات لا تصل الى مستوى المسؤولية التي يجب ان يعمل الجميع بموجبها. وتتبادل القوى والكتل السياسية الاتهامات احيانا وتصل الامور الى مشادات كلامية تتطور الى ابعد من ذلك وهذا ما يشهده مجلس النواب خلال جلساته النيابية.
ومنذ شهور يشهد البلد أزمة سياسية وتوترا امنيا في محافظات الانبار ونينوى وصلاح الدين وكركوك، وحتى في بغداد وغيرها من المحافظات، بعد خروج تظاهرات مطالبة بالافراج عن المعتقلات والمعتقلين واصدار قانون العفو العام والغاء قانون المساءلة والعدالة والمادة ارهاب، وتحقيق التوازن، وغيرها من المطالب. وفي كل مرة تتطور الامور ويسقط ضحايا من الطرفين الحكومي والمتظاهرين فلا الحكومة ترغب في الحل الى التصعيد لكي ينفلت الوضع للحرب الاهلية ولا المتظاهرين يرغبون بالتصعيد نعم قد يكون خطاب هناك متشنج او عمل مسلح يقود الى قتل بعض الجنود لكن الواقع المعتصمين لا يرغبون بالوصول الى حالة المواجه المسلحة مع الجيش والشرطة ، وهذا في ظل صراع واضح بين المعتدلين والمتطرفين فكما ان هناك تصعيداً في الخطاب الطائفي عبر منابر ساحات الاعتصام في عدة محافظات ودعوات الى انشاء اقاليم واستقالة الحكومة ودعوات لمواجهتها واعلان الجهاد وغيرها من الدعوات. هناك اصوات معتدلة تدعوا الى تبني الحوار في التفاهم بين الاطراف عادة اياه الحل الامثل .
هذا الصراع بين الاعتدال والتطرف هل سيدفع بالمعتدلين الى تبني خيار الحوار والسلام هذا في ظل تحفظ الكثيرين على السياسة المتبعة من قبل الحكومة وهناك سوء في ادارة الملفات السياسية والاقتصادية والامنية ، فالحكومة لشهور ترفض تقديم التنازلات الى التحالف الكردي من اجل عقد الاتفاق بين المركز والاقليم حول مستحقات الشركات الاجنبية العاملة في الاقليم ورواتب البيشمركة ناهيك عن  تشكيل لجنة مشتركة لحسم قانون النفط والغاز على أساس الاتفاق السابق الذي ابرم في شباط 2007 بين الجانبين وتعديل قانون موازنة العام  2013ومعالجة مشاكل قياديات عمليات دجلة ونينوى والجزيرة، حيث ستكون إدارة الملف الأمني في المناطق المتنازع عليها بشكل مشترك بين الإقليم وبغداد. فضلا عن الاتفاق  الجانبين للمصادقة على مشروع قانون ترسيم الحدود الادارية للمدن والمناطق والتي تم تغييرها في زمن النظام البائد ضمن سياسات التعريب وتخريب الأوضاع الأثنية والمذهبية، هذا المشروع الذي قدم من قبل رئيس الجمهورية جلال طالباني الى مجلس النواب و ادارة ملف تأشيرات الدخول والمطارات بصورة مشتركة بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية. يضاف الى ذلك تعهد تقوم الحكومة الاتحادية بتعويض ضحايا القصف الكيمياوي والمؤنفلين والانتفاضة الشعبانية والمرحلين الكورد الذين نزحوا الى دول الجوار.
الاوساط الشعبية ترحب بهذا الاتفاق فلماذا لا يصار  الى اتفاق مع من يمثل المكون السني للخروج من الازمة الخانقة قد يقول قائل ان هناك مندسين وقاعدة وبعث لا يريدون لهذا الاتفاق ان يتم هنا نقول نعم قد يكون هذا صحيح بيد ان الحكومة وبما تملك من مستشارين وسلطة ونفوذ وجيش ومخابرات الا تستطيع ان تكون امكر من الارهاب لتستطيع سحب البساط من اقدامهم وعزلهم عن هذا المكون ليكونوا منبوذين في مناطقه كما كان وضعهم ابان 2006 ، و2007  حيث لم يتمكن تنظيم القاعدة ان يتواجد في هذه المناطق اما اليوم فهذا التنظيم اصبح يجول ويصول في هذه المناطق نتيجة السياسة الخاطئة للحكومة فهي تتفاوض مع الاكراد وتقدم لهم كل مطالبهم في الوقت لم تستطع ان تقيم حوار مع المناوئين لها في المناطق الغربية واصبحت تتخبط في سياساتها حتى اصبح البلد على شفى التهديد بالتقسيم والحرب الاهلية .
هناك امتعاض ومحاولات تسقيط وخطاب طائفي مؤجج للفتنة هل يعود لحداثة التجربة العراقية ام للاعلام الذي يصعد احيانا المواقف ويؤزمها ام هو معركة انتخابية وحب الظهور وكلما كان السياسي اكثر طائفية سيكون محط انظار المجتمع الذي افتقد للنموذج السياسي الحقيقي الذي يصل بالبلاد الى الامن والاستقرار والسلم الاهلي فالناخبين قد عبروا عن عدم اهتمامهم بالنخب السياسية من خلال ضعف المشاركة في الاتخابات الاخيرة فنسبة المشاركين لم تتجاوز 50% عند المصادر الحكومية وعند منظمات المجتمع المدني لم تتجاوز 46% ، وفي بغداد النسبة لم تتجاوز 33% ، والادهى من ذلك تصريحات من اعلى السلطات ان البلد ذاهب الى الحرب الاهلية هذه التصريحات لا يراعى فيها مصالح البلد السياسية والاقتصادية بالمقابل ندعو الشركات الى الاستثمار في البلد فأي مستثمر سيقدم الى البلد واعلى مسؤول في الدولة والبرلمان يقول البلد ذاهب الى التقسيم والحرب . 
الاوضاع الراهنة في العراق صعبة ومعقدة ومخيفة في ظل غياب الحكمة باداء السياسيين وقادة البلد، لاحتواء ازمة ومعالجة طلبات المعتصمين والشيء المقلق أكثر عمليات استخدام القوة مع المعتصمين والاعتدال على القوات من قبل المندسين في ساحات الاعتصام ودخول القاعدة والنقشبندية وفلول البعث على خط الازمة حيث لا يرغب هؤلاء بالحل السلمي وهدفهم معروف ومعلوم فهل ستحل قضية المعتصمين بعد غياب صوت العقل والمنطق في زحمة الضجيج الطائفي والاعلامي فضلا عن ضجيج الاصوات التكفيرية ، هذا في ظل قناعة الجميع المشاركين بالعملية السياسية ان الحرب الطائفية لن يكون فيها رابح والجميع سيخسر فهل سيستمر العراقيون بقول كلمتهم الفصل انه لا يمكن ان نقبل من يتحدث بلغة طائفية ويدعو الى انشاء اقاليم بصبغة طائفية فالعراقيون جميعاً شعب واحد بصبغة وطنية حقيقية بعيدة عن التقسيم والتجزئة مهما اختلفت المسميات ، ام انهم سيذهبون الى تطبيق احد الخيارات المطروحة من قبل المتظاهرين  ان الخيار الأول هو استبدال رئيس الوزراء نوري المالكي بشخص آخر تتوافق عليه الأطراف، لأن المعتصمين يرون ان الحاكم اذا اخفق بمهامه يجب ان يبتعد عن السلطة ويتنحى من غير عناد او تكبر، وعلى الكتل السياسية ان تجد بديلا له لا يفرق على الهوية ويأمن الناس جانبه”. اما  الخيار الثاني الذي يطرحه المعتصمين هو تقسيم العراق وتفكيكه الى ثلاث دويلات وليس اقاليم، وهو خيار قال عنه جمهور المكون السني انه سيئ وسيضعف العراق، والذهاب الى هذا الخيار لان  الحكومة لا ترضى بأن يكون لها شريك من أي مكون من مكونات الشعب العراقي اما الخيار الثالث هو أن يحكم السنة انفسهم بانفسهم  فيما يسمى بنظام الألوية والأقاليم، وهو نظام يعمل به اكثر من 41 بالمائة من دول العالم كدولة الإمارات العربية المتحدة، ويبقى علم العراق واحدا وعملته واحدة، ولكي تحكم كل محافظة نفسها بنفسها، ويكون القضاء والامن وغيره من داخل المحافظة ويرى المعتصمين ان الداعين الى تنفيذ هذا الخيار ارادوا ان يحافظوا على وحدة العراق على اساس ان نظام الأقاليم هو تقاسم للسلطة من الناحية الإدارية وليس تقسيما جغرافيا اما الذهاب الى الخيار الرابع هو المواجهة والحرب،  وهذا الخيار حتى هيئة علماء المسلمين الذي يقودها حارث الضاري استهجنه ورفضته وهو اقسى الحلول هنا أي الخيارات ستطفو على السطح في ظل تمني الشعب العراقي ان تكون الحلول سلمية للمحافظة على العراق من التقسيم الذي يعيش فيه كل الاطراف سنة وشيعة وكرد وتركمان واقيات اخرى ،  لانه  لا يمكن تشكيل الاقاليم على اساس طائفي او مذهبي، اذ سمح الدستور بتشكيل الاقاليم على اساس جغرافي اداري ووفق سياقات واجراءات محددة  وبذلك سيكون هناك موقفا وطنياً من عشائر وشخصيات وطنية في المحافظات التي تشهد التظاهرات ترفض رفضا قاطعا، تقسيم العراق الى دويلات صغيرة، كما ترفض تشكيل الاقاليم على اساس مذهبي وطائفي .