انتشرت في الأونة الأخيرة ظاهرة كثرة المشايخ في الاوساط العشائرية والزعامات في الاوساط السياسية، كلاً يدعي انه أمير زمانه وحكيمها.. تعدد الزعامات في الساحة العراقية فقدت كلمة الزعامة والشيخ معناها، مما ادى إلى ظهور متطفلي المشيخة والزعامة بالتالي أدى إلى ضياع البوصلة في تشخيص أبسط القضايا ومعالجتها بالطرق الصحيحة، لهذا اصبحت الاراء متضاربة فيما بينها، وكما يقال السفينة التي تكثر فيها الملاحين نتيجتها الغرق.
بشار بن برد شاعر عاصر العهدين الأموي والعباسي، قُتِل بأمر من الخليفة مهدي العباسي بسبب أبيات شعرية، أستخف بوضع الدولة حينها، بداية تشكيل الخلافة العباسية لكثرة مدعي الخلافة، سيما أحد أُمراء بني العباس أبراهيم الذي كان يعرف مغنياً، نصب نفسه خليفة للمسلمين، لم يتمكن حينها دفع المستحقات الشهرية لبلاطه فاقترح ان يسمعهم شيء من المقاطع الغنائية، لهذا هجاه بشار بن برد بأبيات
ضاعت خلافتكم ياقوم التمسوا خليفتكم بين الزق والعودِ.
في يومٍ ما دخل أبي الحسن موسى إبن جعفر “عليه وآله السلام” على الخليفة هارون العباسي، بادر اليه مستقبلاً له وأجلسه بقربه وكرمه غاية التكريم واثنى عليه وسأله عن حاله وعن أحوال بني هاشم، بعد حوار طويل دار بينهما، هَمَ الإمام “عليه السلام” بالخروج، نهض الرشيد من مجلسه ومعه ولده المأمون، وسارا معاً إلى ان اوصلا الإمام إلى باب القصر ولزما زِمام وركاب جواده وودعاه، تعجب المأمون من فعل أبيه مستغرباً منه، قائلاً انك لم تفعل هذا مع خواصك كيف بك فعلت هذا مع الرجل، رد عليه الرشيد قائلاً: بني ان هذا الرجل من أهل بيت النبي “صلى الله عليه وآله” وأنه احق مني بالخلافة، فرد عليه ولده ولما لم تتنازل له بها، رد عليه أجننت، لو نازعتني أنت عليه لاخذت الذي فيه عينيك.
الملك عقيم، نشبت حرب بين الأخوين المأمون والأمين حرب ضروس من أجل المُلك، نتج عنها مقتل الأمين على يد أخيه المأمون، أخوين خرجا من صلب واحدٌ اقتتلا من أجل السلطة، كيف هو الحال في احزاب السلطة في العراق؟
مضى على اجراء الأنتخابات النيابية في العراق أكثر من ثلاثة شهور، أجريت بعدها حوارات ولقاءات قائمة على قدم وساق ولم يتوصل الساسة إلى قاسم مشترك أسمه الوطن، السبب في ذلك يعود إلى ركنين رئيسيين، الركن الاول كثرة مُدعي الزعامة في الكتل السياسية على اختلاف مسمياتها وأنتمائاتها مما يعيق توحيد الموقف والرؤى في اتخاذ القرار، لان احدهم يُشَرِق والآخر يُغَرِب، والركن الثاني تركوا الوطن بعيداً عن حساباتهم، وأختلفوا في المكاسب لهذا وذاك متمسكين بها على حِساب الوطن ومقدراته فالملك عقيم لا يعوض.. لو كانت حواراتهم من اجل الوطن لما تأخر اعلان تشكيل الحكومة إلى هذا الوقت، والا ليس من المعقول أختلفوا في البرنامج الحكومي الوطني الذي يسهم في إزاحة أهآت الوطن والمواطن وتركوا المكاسب لعيون الشعب.