23 ديسمبر، 2024 1:25 م

ضائعون بين الإخوان والديكتاتورية

ضائعون بين الإخوان والديكتاتورية

لقد طال إنتظار الشعوب العربية لرؤية اللحظة التاريخية التي تقضي على قض وقضيض الحكام العرب الذين جروا البلدان الى متاهات كبيرة تسودها عوالم الإنحلال والفقر والتعذيب والإنتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان ؛ لقد غاب مفهوم الإنسان ولم يتذكر الحكام إنهم يحكمون مجموعة من المواطنين بل تعاملوا معهم كدمى لاتسمع ولا تتحرك ولا تتكلم
لله الحمد إستطاع الشهيد محمد بو عزيزي أن يلهم الشعوب العربية ويقدم لها خدمة عظيمة وجرعة شديدة المفعول لقيام الثورة المنشودة ؛ ثارت الشعوب العربية المنكوبة وأسقطت الطغاة وأظهرت حقيقتهم وهشاشتهم ؛ لقد كانوا ضعفاء وأن الصورة المرسومة في أذهان الشعوب عن قوتهم بانت للعيان ولم يستطع اي حاكم منهم أن يصمد بمعنى الصمود الحقيقي بوجه الهبة الشعبية
الهبة التونسية برهنت على إن الشعوب أقوى من الطغاة وإن الحاكم مهما كانت قوته فسقوطه أسهل من شرب الماء لو تحركت الارادة الشعبية من أجل إسقاطه
لقد كنا كمواطنين نحلم بقيام دولة العدل والمساواة والحرية لكننا للأسف أصبحنا نترحم على بعض الحكام بسبب الاخوان المسلمين وأفعالهم الشنيعة التي ظهرت للعيان
لقد عمل الاخوان على تجيير الدولة لمصالحهم الخاصة وحولوها الى ضيعة تابعة للمتأسلمين فقط وإن المستقلين والقوميات الأخرى لامكان لهم في دولة الإخوان ؛ لم يعمل الحكام الأوائل على قيام دولة التمييز ولم يعملوا على زيادة الهوة بين القوميات والمذاهب المتعايشة في ظل الديكتاتورية ؛ لقد عمل الحكام على تأجيل الصراع القومي والمذهبي ولسان حالهم يقول مادام التعايش تحكمه مصالحنا الشخصية فأهلا به لذلك إبتعدوا عن ذلك المبدأ
على رغم سيطرة الإخوان على مقاليد الحكم لم يكتفوا بالسلطة والمال بل عملوا على إثارة الصراع القومي والمذهبي وأشعلوا المنطقة بنار الحرب الأهلية ولم يسلم أي بلد من هذه المخططات الشريرة التي قامت بها حكومات الأخوان إبتداء من تونس مرورا بليبيا ومصر
لو إن الحكم الجديد الذي قام على أطلال الديكتاتورية قدم درسا بمبادئ المواطنة والمساواة وإحترام حقوق الإنسان لما رأينا أعوان الأنظمة السابقة يعودون الى الحكم من جديد ويحصلون على أعلى الأصوات ويدخلوا من الباب بعدما خرجوا من الشباك
ماكان للسيسي أن يستلم رئاسة الجمهورية المصرية لو إن محمد مرسي عمل وفق الأسس الصحيحة البعيدة عن الفئوية والمصالح الحزبية الضيقة وماكان للسبسي أن يصل لحكم تونس لو إن حركة النهضة وغنوشها ومرزوقها عملوا على تأسيس حكم العدالة والمساواة بين التونسيين
نحن كمواطنين مستقلين أصبحنا بحالة من الضياع الشديد فلا نثق بحكم الإخوان ولانثق بأعوان الأنظمة السابقة ولازالت معاناتنا مستمرة ولم تتوقف ولاأعرف متى نشهد اللحظة التاريخية التي نرى فيها قيام دولة العدالة الحقيقية .
*[email protected]