17 نوفمبر، 2024 1:42 م
Search
Close this search box.

صِدام الفضاءات السيبرانية وإختراق البيانات !

صِدام الفضاءات السيبرانية وإختراق البيانات !

نعم لقد كنت أعلم يقينا بأن تكنولوجيا المعلومات تتغول تصاعديا وتتوحش بإطراد بعد أن فقدت أو شارفت على فقدان بوصلتها لتغرد خارج سرب الضوابط والقوانين والأخلاق والاعراف والتقاليد كليا ولاسيما مع اتساع رقعة المعارك السيبرانية ،ونطاق الاستخدامات الالكترونية حول العالم بشكل مرعب وغير مسبوق إلا أنني ولا أخفيكم سرا لم أكن أعلم قبل حجب تطبيق” تيليغرام” للمراسلة عراقيا بأنه تطبيق روسي الأصل يتخذ من برلين الالمانية مقرا له أطلق عام 2013 على يد الأخوين الروسيين نيكولاي ،وبافيل دروف !
وفيما لاتزال الأراء متناقضة ومتباينة حتى الآن بشأن أسباب حظر هذا التطبيق المهم في العراق بين قائل بأن الحظر مندرج ضمن العقوبات الدولية المفروضة على روسيا، وأن التطبيق أصبح مرتعا للهاكرز والكراكرز ووسيلة لقرصنة الحسابات وابتزاز النساء تحديدا بعد قرصنة صورهن وبياناتهن الشخصية وتهديدهن بها، الى قائل بأن حجب تطبيق “التيلغرام” ناجم عن تهديد يتعلق بالأمن الوطني وحفاظا على البيانات الشخصية للمواطنين الى قائل بأن ” التطبيق متورط بتسريب بيانات ومعلومات حساسة تستخدم من قبل جهات تخرق القانون العراقي للتجارة بالبيانات بعد سرقتها من القواعد الرسمية للدولة” أو أن الإغلاق جاء بأوامر امريكية لحصر البيانات العراقية بالهواتف والأجهزة والتطبيقات الذكية الامريكية أسوة بما يجري حول العالم دونا عن نظيراتها الروسية كـ ” تيليغرام “،والصينية “تيك توك ” وهواوي و”زد تي إي” و”ديهوا” و”هيكفيجن” و”هايتيرا” ومعظم أجهزة أندرويد المباعة في الصين ، فيما تضيق الأخيرة الخناق على منتجات آبل وآيفون وأيباد الامريكية ، الى قائل بأن عدم التزام ادارة تيليغرام بالشكاوى والابلاغات الكثيرة التي تصلها تباعا ،وكأن التطبيق سائب تماما و يعمل من دون ادارة تذكر هي السبب ” بحسب رويترز ، وهكذا دواليك وافرح يا مارك زوكربيرغ ،ويا أيلون ماسك، فلقد خلا لكما الجو والفضاء السيبراني فبيضا واصفرا !
حلف شمال الأطلسي (الناتو) وفي الثلث الأخير من 2022 سبق له وأن فتح تحقيقا في إختراق بيانات وثائق عسكرية سرية لها علاقة بالحرب الاوكرانية تبيعها مجموعة قراصنة عبر شبكة الإنترنت.بينها بيانات لشركة (إم بي دي إيه ) للأنظمة الصاروخية وقد جاءت الفضيحة بالتزامن مع فضيحة أخرى حول عقد مبرم بين شركتي امازون وغوغل بقيمة 1.2 مليار دولار لتوفير خدمات سحابية إلكترونية من خلال مشروع (نيمبوس) التجسسي لصالح جيش وحكومة دويلة الاحتلال الصهيوني وبما يسمح وبعد التنسيق مع كل من فيسبوك وانستغرام وتويتر بممارسة رقابة مشدّدة على المحتوى الفلسطيني وحجبه عن العالم وحذف كل ما يوثق جرائم الكيان المسخ على خلفية استخدام كلمات مفتاحية بذريعة أنها “منشورات تحريضية مخالفة لمعايير النشر ” ما أسفر عن تقديم مديرة تسويق منتجات غوغل التعليمية أرييل كورين ،استقالتها من عملاق محركات البحث وفقا لـ تي ار تي !
ولايختلف الحال مع برنامج (بيغاسوس) وهو برنامج تجسس تطوره وتبيعه شركة “إن إس أو غروب” ومقرها إسرائيل وقد استخدم في اختراق هواتف مسؤولين ونشطاء ومعارضين وصحفيين حول العالم حيث يمكن البرنامج صاحبه من الوصول الكامل إلى كاميرا المستهدف وجميع مكالماته وبياناته وبريده الإلكتروني بحسب منظمة “هيومن رايتس ووتش”.
ولاشك أن ملايين الاختراقات المماثلة حول العالم ماهي الا حلقة في سلسلة طويلة ابطالها هم الهاكر والكراكر وأبرزهم (البلاك هات هكر) وأصحاب القبعات البيض والرمادية وكثير منهم خبراء في التقنيات والمعلوماتية مع اختلاف دوافعهم وأهدافهم بين العثور على ثغرات أمنية وجني الأرباح والتحدي والتخريب ونشر البرامج الخبيثة وتعد جماعة “أنونيموس” أو (المجهولون) التي تأسست عام 2003 ويظهر قراصنتها بقناع (جاي فوكس ) من أشهر المخترقين في العالم !
ويبدو أن الحرب على تيليغرام الروسي قد جاءت بعد الحرب الشعواء التي تشن في كل من الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الاوربي على تطبيق (تيك توك) الصيني المثير للجدل بزعم مخاطره على الأمن السيبراني وسرقة بيانات المستخدمين والتجسس على الموظفين الحكوميين ، فهذا التطبيق الذي أطلق عام 2016 صينيا قبل عام من إطلاقه دوليا في 2017 يعد أحد أكثر التطبيقات نمواً ويستخدمه أكثر من مليار و200 مليون شخص شهريا في 150 دولة فيما تم تنزيله أكثر من 3.5 مليار مرة ويحظى بمتابعة اوربية وامريكية واسعة النطاق .
أمريكا حظرت تيك توك لتأمين البنية الرقمية الامريكية وحماية أمن الشعب الأميركي وخصوصيته بزعمها وفقا لوكالة أسوشييتد برس ، أما أوربا فتضيق الخناق على تيك توك ، لحماية هواتف موظفيها و بيانات مواطنيها وفقا للمفوضية الاوربية .
أما صحيفة التايمز البريطانية فتعزو قرارات الحجب والتضييق على تيك توك الى اتنتشاره الواسع ومنافسته التجارية الحادة فضلا على المشاكل الأمنية والاجتماعية التي يثيرها زيادة على تصميمه لجمع المزيد من المعلومات الشخصية مع قدرته للوصول إلى المعلومات دون الحاجة للاتصال بالشبكة على حد وصف الصحيفة البريطانية ، فيما عزت شركة الأمن السيبراني الدولية الأسباب الى ضعف أدوات التتبع في التطبيق الصيني المملوك لشركة (بايت دانس ) والتي أعربت عن خيبة أملها لعدم التواصل معها قبل فرض الحظر ولأن القرارات الأخيرة تستند إلى مفاهيم خاطئة وفقا ليورو نيوز.
فهل ستتوسع دائرة الحروب السيبرانية ونطاق المشاريع التجسسية الالكترونية ..أم أن العالم سيلجأ الى إبرام معاهدة للحد منها على غرار معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية؟

أحدث المقالات