لاحظنا جميعا منذ اليوم الأول لتحرّك العبادي والذي إتّخذ تسمية ” حزمة القرارات ” في وسائل الأعلام , وهو التحرّك الذي لمْ يأتِ بشكلٍ مرتجل بالطبع , والذي اشكّ أن كان بصيغة ردِّ الفعل المتسارع او السريع تجاه التظاهرات التي انطلقت < وهي تظاهراتٌ لم تكن مليونية ولم تكن ديمومتها بنحوٍ يومي كما حدث في مصر سابقا اثناء الأصرار على اسقاط حسني مبارك > . وتحرّكُ رئيس الوزراء الذي نلمس اولى طلائعه المتواضعة هذه الأيام والذي لم يبلغ بعد درجة الحرارة الستراتيجية لمئةِ سببٍ وسبب , قد ابتداَ بعد تكامل العناصر النفسية لدى العبادي لتتزامن حالة التنفيس عمّا يواجهه رئيس الوزراء من الحالات المتضادّة التي من حوله ! مع انطلاقة التظاهرات الأخيرة التي كانت المناسبة الأفضل للأعلان عمّا يتراكم في الصدور .!
وهنا لا اجد من ضرورةْ تستدعي إعادة عرض تفاصيل الضغوط التي يواجهها رئيس الوزراء سواءً من داخل حزبه والمرفقة ” بالتأثيرات السيكولوجية التي خلّفتها السنوات الطوال لأنتمائه لهذا الحزب ” , وكذلك الضغوطات المباشرة وغير المباشرة من احزاب التحالف الوطني التي تتقاطع مع توجهاته في سياسة الأنفتاح النسبي كرئيسٍ للدولة , فضلا عن الأمتيازات التي تقيّدت وتكبّلت لقيادات هذه الأحزاب جرّاء حزمة الأصلاحات المنطلقة بهدوءٍ محسوب .!
ومنذَ بداية اعلان السيد العبادي عن توجّهاته الجديدة في الإصلاح < والإصلاحُ يتطلّبُ هدمَ ما غيرَ قابلٍ للإصلاح ! > , وكم تبلغ نسبة المتضررين من ذلك , فقد لوحظ جليا مديات الأرباك التي انتابت نوّاب الرئاستين اولاً ثمّ الأطراف والجهات السياسية الأخرى ثانياً , فهم سرعان ما اعلنوا ” في الإعلام ” عن تأييدهم لقرارات العبادي , ثمّ ما لبث معظمهم أن تراجع عن هذا التأييد ولكن تحت مسوّغات ترتدي عباءة الدستور والأعراف السائدة , وقد جاء التقرير النهائي للجنة التحقيق التي حددت اسماء المتهمين في سقوط الموصل , ليشعل النار سياسياً ويصبّ عليها خزّاناتٍ من الزيت , والتي لابدّ لها من ظهور ردودِ أفعالٍ غير متوقعة وخصوصا بما يتعلق بالسيد نوري المالكي الذي اعتبره التقرير المتهم الأول في ذلك .
ومن بين كلّ هذا وذاك , فهنالك اطراف سياسية ” لها ثقلها على الساحتين السياسية والعسكرية ” لمْ تعلّق ولم تبدِ رأياً او موقفاً لغاية الآن في حملة العبادي هذه , ومن المؤكد أنّ هذه الجهة لو كانت مؤيدة لهذه الأصلاحات لأعلنتها منذ البداية , لكنها لمْ تشأ الإعلان عن رفضها عبر الكلمات التي ربما لاتؤخر ولا تقدم , لكنّ اغلب الظن انها تنوي ترجمة رفضها ” غير المعلن ” الى وسائلٍ اخرى غير معروفة , او لعلّها في حالة ترقّبٍ وانتظارٍ لما قد يجري من تنسيقٍ مع هذه الدولة الخارجية او تلك لبلورة موقفٍ جديد تجاه حيدر العبادي وسياسته الجديدة , ولعلّه سيجري ائتلافٌ او تحالف جديد بين كلّ الأطراف المتضررة من حزمة او رزمة الأصلاحات هذه .!