7 أبريل، 2024 6:56 م
Search
Close this search box.

صيام رمضان بين الماضي والحاضر

Facebook
Twitter
LinkedIn

مقالات متسلسلة (التسلسل الثالث)
كانت النساء تجهز وجبة الافطار وعملها اشبه اي وجبة عشاء عادية لان انواع الطعام لم تكن متوفرة كما ذكرنا سابقا وكانت اغلب العوائل تعتبر وجباتها الرئيسية هي مادة البرغل ومشتقاته او وجبة من الرز ولم تكن وجبة اللحوم متوفرة دوما لان في كل قريه يوجد قصاب واحد ويقوم بذبح احد العجول بين الحين والاخر وحسب طلب وقدرة اهل القرية على الشراء.. كنا نذهب احيانا الى نهر دجلة القريب من قريتنا وخاصة في موسم الصيف للسباحة في النهر ثم نعود عصرا متعبين عطاشى رغم اننا كنا قرب نهر دجلة وكنا نترقب وقت غروب الشمس بفرحة لا توصف لان الجوع قد انهكنا والعطش بسبب الصيام وحتى لا يفوتني ان اذكر ان من الاكلات الموجودة في كل رمضان في الماضي هي وجبة العدس واحيانا وجبة من الطرشانه او ما تسمى في مصطلحاتنا ((القيسي)) وربما يستغرب هذا الجيل عندما نتكلم عن الاكل والنوع الواحد في وجبة الفطور لكن القناعة والايمان بان رمضان هو شهر للعبادة وللطاعة الربانية…
كانت النساء تقوم بتجهيز مادة الخبز اما في الساعات الاولى من النهار او كما يسمونها برد الصباح او احيانا قبل الفطور بوقت قصير على ذلك التنور الطيني وتجد رائحة خبز الحنطة تفوح بعطرها الى الجيران….
بالنسبة للمدارس كان الدوام طبيعي جدا ولا يوجد عطلة الا يوم الجمعة وربما المدرسة باكملها من هيئة تدريسية وطلاب تجدهم صائمون هذا الشهر الفضيل
اما في المدينة وحسب ما كنا نسمع من كبار السن فكان هناك مفارز من الشرطة لملاحقة الاشخاص الذين يفطرون بصورة علنية وكذلك واحتراما لهذا الشهر فان جميع المطاعم في المدينة يتم غلقها ما عدا ربما مطعم واحد تمنحه الدولة الإجازة الرسمية…
كان ابناء القرية يجتمعون بعد صلاه العشاء وهم يمارسون لعبه شعبية تسمى ((المحيبس)) ويشكل فريقين بينهم وتجد اصوات الشباب الذين يقومون باللعب عالية عندما يفوز احدهم ويصرخ بكلمه ((بات))..
ويبقى رمضان وجوعه وعطشه الشديدين عندما يأتي في موسم الحصاد فكان الله في عون اهل القرى والارياف فتجد الرجال يذهبون الى حقولهم لحصاد محصولها وبالطريقة اليدوية ثم تقوم النساء بجمع ما قاموا بحصاده وحمله على ظهرها وايصاله الى مكان يجمع فيه المحصول ويسمى ( بيدر) وكانوا يقومون بعملية عزل الحبوب من السنابل بطريقة بدائية من خلال الة تسمى (جرجر) تسحبها الحيوانات التي تدور حول البيدر لسحق المحصول وبعدها يتم تصفية الحبوب عن الشوائب وبما ان موسم الحصاد يكون في فصل الصيف فان الصيام اثنائه يرافقه عطش شديد وتعب لا يوصف وكان الله في عون الحواصيد الصائمين في تلك الايام والسنين…
رحم الله زماننا الذي عشناه قبل اكثر من خمسين سنه وها نحن اليوم نعيش زمانا اخر…
رمضان كريم اعاده الله علينا وعليكم بالخير والبركة..

 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب