9 أبريل، 2024 3:49 ص
Search
Close this search box.

صيام رمضان بين الماضي والحاضر

Facebook
Twitter
LinkedIn

مقالات متسلسلة (التسلسل الثاني)
كان صيامنا طوال النهار صعب جدا وخاصة عندما يصادف شهر رمضان اثناء فصل الصيف ونحن نتقلب في الغرف الطينية ولم تكن الطاقة الكهربائية موجودة في حينها ولذلك تجد النهار في الصيف شاق جدا ويرافقه العطش منذ ساعات الصباح الاولى ولكن العزيمة على الصيام كنا نضعها في اول حسبان لنا لأننا نؤمن بان اجر الصيام عظيم ورغم صغر اعمارنا في ذلك الوقت الا ان الصيام كان بالنسبة لنا شيء مقدس وفيه نوع من الرجولة ونعتبر اي شخص يقوم بالإفطار في شهر رمضان شيء معيب وغير مقبول…
ما اجملها من عبادة كانت قائمة على الفطرة الربانية ولم تكن لغايات معينة ولم نعاتب اهلنا في وقتها على نوع الفطور لأننا كنا مقتنعين تماما بان اقدارنا في الحياة قد كتبتها لنا السماء قبل ان نخلق في الارض..
لم نكن نعرف في وقتها ما هي صلاة التراويح لأننا في قرية كما ذكرت سابقا لا يوجد فيها مسجد وكان اللقاء بعد صلاة العشاء بين شباب القرية وهم يتكلمون بمواضيع ربما مكررة يوميا ولكنها غير مملة لان التكرار احيانا افضل من الفراغ القاتل او الصمت الرهيب..
لم يخيفنا في ذلك الوقت الظلام الذي كان يرافقنا طوال ساعات الليل لأننا تعودنا عليه كما يتعود الانسان البصير المحروم من نعمة البصر..
كان شروق الشمس بالنسبة لنا يعني ولادة يوم جديد حقيقي وولادة حياة داخل ارواحنا..
كنا نحسد ابناء المدن على حياتهم التي نسمع عنها وكنا نتصور ان كل من يسكن في المدينة يعيش حياة مترفة لان بيوتهم كانت تعتبر قصور بالنسبة لنا..
لم يكن في حساباتنا التهيؤ لشهر رمضان وشراء الحاجيات والمواد الغذائية واللحوم لأننا نعتبره شهر طبيعي بالنسبة للمأكل والملبس اسوة بباقي الشهور وما يميزه هو العبادة فيه وكذلك شرائنا لبعض الملابس الضرورية قبل العيد…
اليوم اختلفت موازين القوى واختلف فيها كل شيء واصبح صيام شهر رمضان مختلف كليا عن السنوات السابقة وربما يجتمع ببعض الصفات وهي الامتناع عن الاكل والشرب فقط ولكن انواع الفطور وموائد السحور وانواع المشروبات الطبيعية والغازية والحلويات والمائدة الطويلة قد اختلفت كليا عن ذلك المنسف الذي كان يضعون لنا فيه قليلا من الرز وربما بعض الشيء من الشوربة وحتى اوقات الصيام فان الأغلبية من الناس اليوم ينام اغلب ساعات النهار ليسهر في الليل.. لقد ذهبت قدسية هذا الشهر المبارك اضافة الى الافطار العلني الموجود في المدن والذي اصبح حالة طبيعية دون رادع وكذلك الازدحام في الاسواق لشراء كل شيء من المواد الغذائية وكأَن شهر رمضان هو شهر موائد طعام وليس شهر عباده….
يتبع……….

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب