قراءةُ مئات المقالات الصحفية ومتابعة عشرات البرامج السياسية التلفازية وسماع مختلف خطباء المنابر للمذاهب الإسلامية فضلا عن مزاولة حياتك اليومية وانت تتنقل مابين الشارع والمؤسسات الرسمية والاهلية في بلاد مابين النهرين، حينها ستعلم انها جميعاً تدعوك للتغيير، هذه المفردة (التغيير) هي الوحيدة التي ينطقها جميع الناس في بلاد حمورابي، بل قد يؤرخها البعض بأنها مطلع مقطع غنائي للالهة عشتار، لكن المواطن العراقي راح يتخاصم مع نفسه اولاً ومع من يمتلك رأي آخر ثانياً، فهو حائر ما بين المشاركة من عدمها في الانتخابات العامة المزمع إجراؤها في 12 من آيار المقبل، كونه يؤمن بعقيدة التغيير التي لايختلف معه أحد فيها، فيأتي السؤال المهم هنا عن ماهية الطريقة الأسلم للتغيير (القضاء على الرشوة، رفع مستوى التعليم، ضمان الرعاية الصحية، النهوض بالقطاع الزراعي والصناعي العام والاهلي، القضاء على الإرهاب ومكافحة الجريمة، تعبيد الطرق المكسرة، توفير الطاقة الكهربائية الوطنية، تطوير واتساع شبكة الرعاية الاجتماعية) ؟
لذا تأتي الإجابة لهذا السؤال كثيرة ومتنوعة ومختلفة ما بين (المجرب لا يجرب، ضرورة انتخاب الاسلاميين، الخلاص بانتخاب العلمانيين، مقاطعة الانتخابات لإسقاط المفسدين، الازدهار على يد التكنوقراط، الخروج من دوامة المحاصصة، التكتل الوطني العابر للطائفية والقومية، اختيار الطويل، دعم القصير، القائد من يحدد، العمامة بنت أسرة الأشراف. النجاة مع صقر الجبال، حق السلطة المنتزع، من العشيرة، مُجالس الناس).
هنا اليراع لا يعرف أين يضع قطرُ حبر القلم مابين خانات الاحزاب والكيانات السياسية المرشحة للانتخابات داخل ورقة الاقتراع، ليعلق مستقبله ومستقبل أولاده برقبة اي مرشح من أي مشرب كان أو عرق او معتقد سماوي، والغريب في الامر ان نفس اليراع العراقي هذا استطاع ان يحرر المدن والقصبات العراقية من أحتلال الكيان الداعشي المجرم بحرب ضروس على مدى ثلاث سنين.
لكن كم من العمر سيستنزف من ابناء بلاد السواد ليشكل جيش جرار عرمرم على شاكلة جيش نبوخذنصر لمحاسبة المفسدين والقضاء على الفساد، وينزل بركات الاله تموز الذي اطفأ الشمس واعتق الربيع وحسر الماء الدافق، اسفاً على ماحل بضيعته الحبيبة بلاد العراق منذُ تشييع أنكيدو والى الان.
التجربة ليست برهان ان لم تملك عقل يفكر وعضد يعمل دون إتكاء او تبطر، لايحلم بغير بغداد عاصمة وغير الفرات ودجلة مشرباً، وسمراء دون نساء الاقاليم والقارات عروساً، حينها ستيقضنا قطرات ماء المطر الساقطة من شق السقف في ليلة باردة ضلماء غاب نور الكهرباء بنقطاعه من هذا الحلم الذي يسعى خلفه على يافطة التغيير.