22 ديسمبر، 2024 6:04 م

للبحر مذاقه الخاص، وأكثر مذاقاته الفة،
أولئك الناس اللذين اختاروه خبزهم اليومي.

الصورة الأولى

في حضرة الولي ” بدو” **

في زاويةٍ قربَ البَحرِ
وجَناح القريَة (عُمران)
يَسهرُ قربَ ضَريحِ الوَليُّ ” بَدْو ”

جَذرٌ من نَبَضاتِ القَلبِ
اختَبَأَ الليلَة في أسئلَتي
أين الصّدَفاتُ البرّيَةِ للأسماك؟
أين الصّدَفاتُ البرّيَة؟
أينَ …
وأينَ…
يدقّ الطَبلٌ فتكحله
وجدا انّات المزمار
يرعشُ جفنٌ في رقصته.
أرمَلَةٌ تُغمِضُ عينَيها، قُربَ المَوقِد
تدعو أن يسترها الله بِظِلٍ آخَر.

طَيرٌ يَبحَثُ في أوجهنا
عن اُلفَتهِ
فَيُغَطينا دُفءُ الهَمسِ
وحِكايات اليوم القادم

الصورة الثانية

صيّاد

إلى مُضيِّفُنا ” علي صالح ”

عَبَثاً يُفاجِأه النُّعاسُ، فَيَنتَشِر
انفاس عشب في الطَّريق
تغوصُ أقدامُ الطّفولَةُ في المَدى
والشَّيبُ يَفتَحُ بابَهُ
شُهُباً
وريحاً
وابتداء

يقرأ سورةَ البحرِ ـ الشّراعِ
ونجمَهُ الصَّيفي ـ تَوبَته
ونَبضَ شِباكِهِ، ملحَ التَّعرُق
واهتزازَ الليلِ، والأنوار…
ويعودُ يلتَمسُ الصَّباحَ
ليلتَقي باليابِسة

عُمرانُ كَم كانَت حبيبَتُه الجميلة
والأليفَةُ كالسَّماء
راقَبَتهُ مرَّةً
فافتَضَ أصدافا على أيدي الصِّغار

الصورة الثالثة

جولة في قارب الطفولة

حينما اهتزَّ بنا القارِبُ فجراً
دثرَتنا اُلفة الأصوات والضِّحكُ البريء
صافَحَتنا سُحبُ الأسماكِ، وابتَزَّت
طَعامُ الصَّيدِ منا
ضَحَكَت أصغَرُها قائلَةٌ:
سرَّني هذا التَعارف
وهواياتي اصطيّاد الأصدقاء

يتهجّى زَغَبُ الموجِ ـ الرذاذُ ـ
أحرُفَ الريحِ ويتلوها عَلينا
صَدَفا أو حَجَراً أو …
بلل الفانوسُ أوراقي الصّغيرَة بالضِّياء

غامضا كان دوارُ البحرِ
والصمتُ مريب
أحمَدٌ وجهكَ مُتعَب! ***
واعتلال الصوت سرجٌ للذهول
سحبٌ غطَّتَ يَديهِ بالبُروق

وهُناك …
حَيثُ ـ عُمران ـ تُغَطّي معصَمَ البَحرِ
استَحَمَ الجَبَلُ الأجرَدِ قُربي
وبقى حيناً يَرشُ الماءَ في وَجهي
ويَغطِسْ..
حينما فاجأنا ديكُ الغمام
فنمى برعُمَ نورِ
وانحني فوق الشِّباك
والمدى ضاءَ باسرار ِالنهار

قَمَرٌ يطرِقُ أبوابَ الطّفولَة
فتنامُ البصرة الخجلى حَزينَة
في إناءٍ مِن رَصاص

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــ كنا قد دعينا لرحلة صيد في بحر العرب على قارب احد صيادي السمك.
وكما في اهوار العراق، فان رحلة الصيد تبدا في الهزيع الأول من لليل حتى الفجر.
*عمران = قرية صيادي الأسماك ـ التي ينتمي اليها مُضيِّفُنا ـ على خليج عدن
**بدو = مرقد ولي من أولياء القرية
**احمد= احد الزملاء اليمنيين في المعهد الذي كنت احاضر فيه