23 ديسمبر، 2024 12:52 ص

صور تستحق الوقفة وألتأمل في المجتمع العراقي/2

صور تستحق الوقفة وألتأمل في المجتمع العراقي/2

اود ان انوه لمن يود الاستزادة بان هذا النص المتواضع هو امتداد لمقالة سابقة وبنفس العنوان نشرت في كتابات بتأريخ 30/1/1914.
التفائل و التمني صفات متجذرة في ثقافتنا. نعم، التفائل جميل وفسحة الامل تبدد ضيق العيش ووحشة الزمن. لكن المبالغة فيهما يبعدنا عن التفكير الواقعي والعمل بجد والتصدي بحزم لتحديات وعوادي الحاضر. تذكرون جميعكم تصريحات المسؤلين و”العسكريين” بخصوص اخراج داعش خلال ساعات او ايام … والقصة معروفة. أما تصريحات المسؤولين السياسيين بخصوص “حل جميع المشاكل” والتي نكاد نسمعها يوميا فانها تبعث على الاسى والسخرية. وقصة حل مشكلة الكهرباء وتصدير الفائض منها معروفة ايضا لسيادة الوزير الابدي أياه. واود ان اذكر بان مصطلحات “مواقفنا متطابقة تماما” و “علاقاتنا جيدة جدأ” ليس لها وجود في قاموس السلك الدبلوماسي ولكنني ادعوكم للتمعن بتصريحات وزير الخارجية العراقي الحالي ابراهيم الجعفري. نعم “تفاءلوا بالخير تجدوه” ولكن بالصدق مع النفس وبالمواضبة والعمل الجاد.

التكبر والغرور المعجون بالمظاهر الفا رغة خصال وضيعة ومع ذلك فأنها متفشية بشكل مطلق بين غالبية السياسيين والمسؤولين العراقيين. ترى احدهم يجلس في الندوات او الاجتماعات العامة, بدون اي خجل, كالطاووز على كراس مذهبة وفارهة فيما يجلس خلفهم المواطنون الاخرون على كراس عادية. هذا الفصل الوضيع بين البشر لايمكن ان تراه الآ في المجتمعات المتخلفة والتي تقبل على نفسها ان يتقدمها ممن لاحياء لهم وممن لا يكنون لشعوبهم اي احترام.

الكذب وعدم الاعتراف بالفشل او حتى الخطأ والاصرار على الادعاء بالنجاح اصبحت عورات لاتثير اي اهتمام لكثرة تفشيها بين طبقة السياسيين وغيرهم في عراق اليوم. هذه الخصال خطيرة لانها تتيح مجالا للجهلة والفاشلين والمزورين بتقدم الصفوف والاستحواذ على مواقع سياسية وادارية لايستحقونها. وهؤلاء يشكلون حلفا غير مقدس لحماية ومؤازرة بعضهم البعض للبقاء اطول فترة ممكنة في السلطة. هذه النماذج لاتحب العلم والمثقفين ولاتحب الحقيقة ولاتحب الصريحين والشرفاء لذا تراهم ينتقون اعوانهم على شاكلتهم و”الطيور على اشكالها تقع”.

يذكر الباحثون في علم النفس الاجتماعي بان التربية البيتية السلطوية التي تخلو من اي احترام اوتشجيع للاطفال تؤدي الى نشوء افراد جبناء ضعيفي الشخصية وضعيفي الثقة بالنفس. أفراد كهؤلاء يتسمون بالعدوانية وبحب الانتقام وعدم تقبلهم لرأي الاخر بسبب هشاشة وضعف ايمانهم بقابلياتهم ولان الخوف يلفهم على الدوام. لست هنا بصدد الاسترسال بهذا الموضوع لكنني اود التنويه بان هذه العلة قد تكون الاكبر. العراقي ينشأ رعديدا, لايحترم نفسة, ناقص الكرامة, لانه لم يحترم ولم يعامل بكرامة ويخشى ان يكشف ولو القليل من اسراره والاعتراف بأخطاءه. المرأة تهان وتعاقب لابسط الاسباب من قبل زوجها او اخيها. الموضف يهان ويعاقب من قبل مديره فقط لان هذا رئيس وذلك مرؤس وهكذا دواليك. مجتمع كهذا, للاسف, لايستطيع مجاراة العصر واعتلاء ناصية الحظارة والتقدم.