23 ديسمبر، 2024 12:40 ص

صور تستحق الوقفة وألتأمل في المجتمع العراقي

صور تستحق الوقفة وألتأمل في المجتمع العراقي

ألفرق مابين المجتمعات التقليدية و المجتمعات المتطورة هو ان ألاولى تدور حول نفسها, بمعنى أن الخلف يقلد السلف بطريقة تفكيره وقيمه وعاداته واساليب عمله وملبسه وحل مشاكل الحياة اليومية. هذه السمات التي تطبع المجتمعات التقليدية تتصف بألتحجر وبالممانعة ضد اي محاولة للتغيير أو التطوير. وقد توصم بنعوت غير لائقة أذا حاولت أن تأتي بجديد. والتغيير اذا حصل فأنه يتم بشكل بطئ جدأ. المجتمعات هذه غالبأ ماتكون مجتمعات قبلية او ذات طابع جماعي ولاتقيم وزنأ للحريات الفردية. ألامر الذي جعل الكثير من القيم ألاجتماعية و الثقافية عثرة حجر عثر أمام هذه المجتمعات للنهوض من مستنقع التخلف وولوج عصر الحضارة. ألمجتمعات المتطورة من جانب أخر تتسم بالتغير الدائم والتفكير العقلاني و العلمي  في ألادارة و السياسة و الاقتصاد بدلا من البحث عن حلول لمشاكل اليوم في ثنايا الماضي. القيم والمقاييس الآجتماعية ليست ذات قيمة بذاتها وأنما بما لها مزايا عملية. قليلة هي  المقدسات في هذه المجتمعات لكن ذلك لايمنع من وجود ضوابط و اطر مكتوبة وغير مكتوبة  تحكم علاقات الناس مع بعضها. هذة المجتمعات فردية الطابع بمعنى ان الفرد له استقلالية كبيرة وليس مجبورأ على التمسك بالقيم ألاجتماعية طالما لايسبب اذأ للآخرين.
كان لابد من هذه المقدمة كمدخل قبل استعراض بعض الصور الاجتماعية والسياسية الشائعة والقابلة للنقاش في المجتمع العراقي.
ألصورة ألاولى
لازلنا نستعمل أوصاف ومسميات غير متحظرة في تصنيف الناس. وقد تبدو لمن ليس لديه وعي اجتماعي كاف بانها عادية جدا ولاتضير احدا ولكنها في الحقيقة لها مأرب عميقة. فنقول أشراف القوم  وكأن ألاخرين صعاليك ونكرات ويقال هؤلاء من أبناء ألعوائل الكبيرة, أي عوائل عالية البنان وكأن ألآخرين عوائل صغيرة واطئة الشأن ويقال سادة القوم وكأن ألآخرين عبيدهم الخ. هذه المسميات لم تأتي عبثأ بل لغرض أضفاء الشرعية وتبرير نمط العلاقات الاجتماعية بين القوى الاجتماعية المتنفذة و المستفيدة من الوضع القائم و المواطنين ألاخرين الذين يعانون من مختلف صنوف المعاناة وشضف العيش و الاسنغلال وحرمانهم من حقهم في المشاركة الحقيقية في صنع القرار السياسى. أن هذا الهرم ألاجتماعي من المسميات وألآلقاب هو واحد من وسائل آضفاء الشرعية وحصر مراكز الدولة و القيادات الاجتماعية بيد شرائح أجتماعية معينة.فعندما يتبوء مثلآ احدهم مركزأ مهمأ  يقال بأن فلان الفلاني من عائلة كبيرة معروفة. نعم قد تكون عائلة هذا الشخص معروفة ولكن ماشأنها فهل ستقوم هذه العائلة نفسها بالمهمة التي أنيطت بصاحبنا. كثير من السياسيين ومن احتلو مراكزأ رسمية و أجتماعية مؤثرة في العراق يعودون الى عوائل معروفة ولكنهم اثبتوا بأنهم أنفسهم اقزام حقيري الخصال. فألاصل هو كفاءة الشخص الحرفية وأمانته وأخلاصه وليس خلفيته الاجتماعية.
ألصورة الثانية
وهذه الصوره لها علاقة بالصورة ألآولى …ألآلقاب ظاهرة قديمة موجودة في جميع المجتمعات بأشكال متفاوتة. كان الغرض منها هو تعريف حرفة أو مركز الشخص ألآجتماعي أو الرسمي  عسكريأ  كان أم مدنيأ. ,ألآلقاب لايمكن فصلها عن طبيعة الهرم أو سلم القوى ألاجتماعي وهي غالبأ ما تستعمل لرسم الحدود بين الناس وفرض أنماط معينة للتعامل فيما بينهم. وقد اسبغت ألقاب مبالغة بها على الملوك ولمن يمتلكون مصادر القوة والمنعة لآضفاء الهيبة عليهم وأعلاء شأنهم. لكن ألمبالغة بأسباغ ألالقاب والتفاخر بها لم تعد ظاهره عصرية. يقال مثلآ السيد دولة رئيس الوزراء الدكتور (سمعتها كثيرأ هكذا!) بدلا من رئيس الوزراء. يقال سماحة الشيخ الدكتور بدلآ من الشيخ ويقال معالى سيادة الوزير الاستاذ فلان الفلاني بدلا من الوزير ويقال سيادة العقيد بدلآ من العقيد الخ. فوضى الآلقاب هي كما لوحت عنها  أعلاه ظاهرة أجتماعية قديمة لاضير فيها أذا استعملت بدون تهويل وأذا لم تصبح وسيلة من وسائل القمع ألآجتماعي. ألمبالغة الموجودة لدينا بهذا الخصوص لها أسباب عديدة ربما, أقول ربما لأظهار ألآحترام  و لكنني أجزم بأن غالبيتها ترمي الى التزّلف أو بسبب الخوف أو العمل كما جرت العادة وألآضطرار عليها لآن ألآخرين يفعلون ذلك هي أهم العوامل عندنا لآستمرار هذه الظاهرة البذيئة التي تضفي مشروعية مزيفة للملقب بدون مسوغ معقول.
ألصورة ألثالثة
الهوية الشخصية تعرّف بأنها الخصال والسمات الفريدة التي يتصف بها فرد ما وتميزه عن ألافراد ألآخرين. أما ألهوية الآجتماعية فيمكن تعريفها بأنها الخصال والسمات التي تتصف بها جماعة معينة من الناس وتميزها عن باقي الجماعات البشرية. كانت الهويات الشخصية وألآجتماعية في القارة ألاوربية في عصر الظلمات كما نسميها نحن والعصور الوسطى كما يسميها ألآوربيين أو في عصر ما قبل الحداثة كما يسميها علماء ألآجتماع وألآنثروبولوجيا ملتصقة بثلاثة سمات: ألآولى هي العائلة أو القرابة  والثانية طبيعة العمل او الحرفة  والثالثة المكان. بعد الثورة الصناعية والتطور التقني و ألآقتصادي ونشوء المدن والتجمعات الحضرية الحديثة أكتسب ألآفراد هويات جديدة وعديدة فلم يعد للمكان أو القرابة من أهمية في هذا المضمار. ألهوية اصبحت اكثر التصاقأ بألافراد انفسهم وبما يكسبون وينجزون, بأختصاصاتهم و مراكزهم ألآجتماعية و الوظيفية الخ. عندما أتصفح قوائم أسماء عراقية, وهذا هو مربط الخيل, أجد أن الغالبية العظمى من ألآسماء مذيلة بألقاب قبلية, فهذا فلان الدليمي  و فلان ألحسيني و فلان ألشمري و فلان  العبيدي و فلان الموسوي وما أليك. ومن سياق النص فأن القصد لايخفى على القارئ اللبيب
الصورة ألرابعة
في التراث الشعبي العربي القديم يقال أن شيخأ غنيأ كان يمتلك أعداد كثيرة من ألاغنام لاحظ ان اعداد أغنامه لا يزداد بالرغم من أنه يجب أن يكون كذلك نتيجة التكاثرطبعأ. سأل الرجل الرعاة  العاملين لديه عن سر ذلك فأجابوه بأن ذئبأ شرسأ في التلال القريبة يصطاد كل ليلة خروفأ دون أن يستطيعون ردعه. سألهم عما يمكن عمله قالوا نأتي بكلاب فهي وحدها التي تستطيع أن  تضع حدأ لهذه المشكلة. بعد أشهر لاحظ الشيخ الطيب أن أغنامه أخذت تتناقص بشل سريع جدأ. جمع الرجل الرعاة وطلب تفسيرأ لما يحصل فأجابوه بأن الكلاب تحتاج طعامأ وهم يقدمون لها كل يوم لحمأ لكي لا تجوع وتهجر مراعيه. أه “اياك أعني فأسمعي ياجارة”
ألصورة ألخا … أسف أحترق الفلم!