لم اعرف جاسم إلا قبل شهور فقد كان كاسبا مجدا يسعى في رزق عياله ويدور على الأزقة والشوارع بدراجته الصدئة ومكبر الصوت ذو البطارية …بائعا للعب الأطفال و أخواتها من مسدسات ونفاخات وعجلات وأباريق ومداسات بلاستكية صدرتها لنا الجارة الإسلامية إيران بعد إن توقفت عجلة ألصناعه هنا وعجزنا عن صنع نفاخة الهواء والطر شي وحتى حب الشمسي.
أشد ما يشدني لجاسم هو اعوجاج لسانه واختلاف لغته وتشدقه بالفصحى المضحكة شأنه شأن سياسيي الصدفة وحراميي ألنطفه . فيقلب الكلمات انقلابا لايشبهه إلا انقلاب لوري على الطريق السريع.لتا ثرة اشد التأثر بتصريحات المسئولين النارية واستخدامهم كلمات ومصطلحات يعجز المرحوم سيبويه عن فكها وإعرابها وتعريبها .
صوت جاسم ولكنته جعله مصدر إقبال على بضاعته ودعاية مجانية لشرائها وأصبح سكان الإحياء الفقيرة يتحرقون شوقا لمجيئه وسماع عباراته الفخمة الرنانة التي تتيح لهم فسحة من الضحك والتندر وسط ضنك الحياة وقساوتها وشظف العيش ومرارته.
فعبارة تصدر مع حشرجة من سماعة جاسم ..مثل تعال (لبالونات جاسم الهوائية ) …و(أباريق جاسم البيئية) و(نعول جاسم الجبلية ) ..تثير موجه من الضحك خصوصا من ربات البيوت الذين لم يألفن هذه اللغة العجيبة في وسط بيئة متردية من العشوائيات وبيوت الحوا سم. .
جاسم يختلف عن ساسة هذه البلاد مزدوجي الو لاءات وذو الثلاث جنسيات فهو يحمل قلبا كبيرا لوطنه ومواطنيه ويقيم صداقة ديدنها الحب والوفاء مفعمة بطيبة فطرية وروح مرحة صافية ..وكثيرا ما يقدم بضائعه مجانا حينما يكسر قلبه بكاء طفل أو حسرة يتيم.وهو عفيف البصر وعفيف اليد والقلب ..وكثيرا ما تستدرجه بعض الأنفس الأنثوية الخائنة بساعات الصباح الأولى للاستغواء والرذيلة إلا إن عفته وطهارته تأبى إن يخون ملح وزاد الوطن وان يبيع نقطة الحياء وغيرة العراقيين .قائلا وبلغته السنسكرتية على خونة هذه الأرض من أنهم (كائنات نتنياهوية ) !!! و يقصد رئيس وزراء إسرائيل ونتانته وأجرامه .ويصف مافعلوة هؤلاء الأوباش بعراقنا العزيز من نهب وسلب (بالمقروبات الانكشاطيه ).اي المكروبات التي تقشط جلودنا وتلهف لحمنا .
تشبيهات ولغة جاسم في حياته اليومية وفي تبضعه وندائاتة ألهمت الكثيرين بابتداع قاموس للغتة الغريبة ونوادر عباراته .حتى أطلق علية جاسم (بطاطا) او جاسم (مقروب ) وهو كنيه عن تفحصه للخضار والفواكه وتسميتها بالفصحى .إلا إن لقب جاسم (الابريقي )هو اللقب الأكثر شهرة والقريب إلى قلبه لالتحام هذا الإناء البلاستكي الملون (بالملا لي ) و بالتشطيف والطهارة والتبرء من النجاسات في وطن يعج (بالسبيندية والسر سرية والحرامية ).
ويقال إن زوجة جاسم قضت أسبوعين مطرودة في دار أهلها عندما طلب منها جاسم بلغته الابريقيه غداءا من (الطماطم والبطا طا ) والتي لم تفهم منه شيئا فاجابتة تندرا :
(أنهجم بيتك ابو الفوح تحجي أنكريزي ).
ففسرها جاسم وحلل معناها بأنها تصغير وازدراء بحق بعض الساسة والبرلمانيين وبحق شخصه الابريقي المعظم نالت من وراءه شر طرده.