23 ديسمبر، 2024 1:20 م

صورة من الشوارع و التقاطعات !

صورة من الشوارع و التقاطعات !

صغير في السن إلى درجة يصعب معها تصديق خروجه من المنزل بمفرده، يحمل في يده علبة من العلك، وهو على خلاف سائر الأطفال في وجهتهم الصباحية، لا يستطيع الكلام، ولا يروج سلعته ولا يصر على أن يشتري منه أحد! يبدو كأنه لم يتمكن بعد من تركيب حتى الجمل البسيطة، أعتقد أنه يبلغ من العمر4 او5 سنوات، يمشي على قارعة الطريق فيما تآكلت أكمام قميصه الذي ارتدى فوقه سترة رقيقة. يقف هو حائراً إنه أصغر سنًّا من أن يكون قد اكتسب أي خبرة ليتعايش مع صرامة هذه الحياة، اسمه في هذه الدولة مواطن، في الحقيقة هو مسجَّل في سجلاتها، لكنه ليس كذلك! إنه لا أحد. وما بين الطفل اعلاه ومن هم مقاربون لعمرة في غسل زجاج السيارات، أو بيع البضائع مثل: المناديل والحلوى وغيرها من الامور تكتمل لوحة الشوارع و التقاطعات. التسول ظاهرة قديمة عانت و تعاني منها المجتمعات البشرية على مر العصور تجتاح هذه الظاهرة اغلبية الدول، وتشير الدلائل الى وجود مافيات تنظم المتسولين وتشرف على فعالياتهم في الاستجداء وابتكار الوسائل مثل استخدام الأطفال والمعوقين والمعتوهين لجباية الأموال بطرق غير مشروعة، حتى وصل الحال بهم الى تقسيم المناطق بينهم كإقطاعيات و المؤسف هو فشل المؤسسات الحكومية طيلة سنوات في لجم ظاهرة التسول والحد من اتساعها. وما بين من يتسول لإيجاد لقمة العيش لعائلته وبين من يتسول تحت امرة العصابات المنتشرة في بغداد حيث هو خزين لهذه العصابات حتى يبلغ من العمر ما يسمح له بالقيام بمهام اكبر من التسول يبقى الطفل صاحب القصة اعلاه يعاني الامرين في تامين ما يسد رمق حاجة عائلته. جدير بالذكر ان قانون العقوبات العراقي النافذ رقم 111 لسنة 1969 اولى اهتمام بهذه القضية في خانة الجرائم الاجتماعية وذلك في المواد (390_391_392 ).
التحذير التالي إلزامي هو أن المجتمع يواجه خطر عميق ويمكن تسميته الانهيار الاجتماعي.