19 ديسمبر، 2024 3:17 ص

صورة عدن بين رجلين

صورة عدن بين رجلين

عرفت عدن منذ طفولة الجغرافيا وميثولوجيا الجنائن والكنب السماوية ، ثم تخيلتها في قصائد الشاعر الفرنسي  آرثور رامبو يوم نزل في ميناءها وهو في طريقة الى مصوع والحبشة ليبيع السلاح الى رؤساء القبائل الافريقية في حروبها فيما بينها ، ثم عرفتها في حكمها اليساري وحكايات الكثير من اصدقائي الذي اختاروها كمنفى وحضي الكثير منهم بجوازها عندما كان هناك  قحطان محمد الشعبي · سالم ربيع علي  · عبد الفتاح إسماعيل · علي ناصر محمد .

وبالرغم من هذا فأن عدن هي خيال البحر في تخيل فسحة الكتابة ومن بعض بوابات الغموض والنأي في ذلك الجنوب الذي اراد ان يصنع له سمة حضارية بعيدا عن ممالك القات والصراعات القبلية في مدن مملكة سبأ الشمالية.

الآن وهدن تشتعل في أتون الحرب الأهلية وقد دمرت بنيتها التحتية وعجر الى جيبوتي وجزر القمر شعبها المثقف تأتي الي صورة صديقين عزيزين هم من نتاج ذلك النتاج الاسطوري للمدينة العريقة ، وقد تشرفت بمعرفتهما في اجمل خصوصيتين يمتلكانها هم الادب والعلم ، وتلك الخاصية لا تجتمع إلا عند أناس ينتمون الى المدن الذي يصنعها الخيال وخليقة الرب وما يمنحه البحر لساكني سواحله.

الأول شاعر تتكئ على روعة حسه الكلمات بموسيقى شعرية غريبة تشعر أنها تحمل توارث خواطر الحضارات القريبة وبعيدة العربية ــ الهندية ــ الانكليزية وأقصد هنا صديقي الشاعر ( شهاب محمد عبده غانم ) هذا الشاعر الذي تفتح قصائده بوح روحي في زهد المفردة اليومية الصارمة والتي ينتقيها من معاجم موهبته فتأتي وهي تحمل عطر الموهبة وعمق الفكر وفرادة الرجل الذي يسكنه في الاشتياق ليالي الخليج ( دبي ) أولها ليحاول ان ينسج في مقاصد الحلم ثوب القصيدة الحكمية والممتلئة بالموسيقى والفكر والتجارب ويضيف اليها موهبة في الترجمة والدراسات الادبية الرصينة .

لهذا فأن الافتخار بامتلاك علافة مع الدكتور شهاب غانم هو فخر لثقافة روحي عندما تصلني كتبه مرصوفة بدالية حياته وامكنته واحزانه ومراثيه واناشيده المغناة بتلك العذوبة الصوفية المتحدة مع ايقاع الحرف وضوء دانة البحر القابعة في اعماق الخليج.

الرجل الثاني ، قامة عالية ، يسكنها عطر الابداع والايمان ، وبين الطب والادب يسجل الرجل اساطير ساحرة من الوعي ونبوءات الكاتب الحاذق والذي يسير بموهبته ورصانته في اروقة التواريخ بدءا من الخليقة الاولى وحتى العولمة الحالية. وأقصد هنا صديقي الثاني الذي اعتبره المعلم والكاهن هو الدكتور ( محمد علي البار ) الذي اعده مثالا كبيرا للتواضع والطيبة والكبرياء الروحي مع قامة تحمل لقب العلامة وكأنه يعيد الرؤية التي حملها الامام الغزالي : العلامة من يرى في العلم ما في قلبه قبل عقله.

ولأن القلب هو سر الحياة في نبضه .يشكل وعي الدكتور محمد علي البار صورة الحقيقة التي يصنعها الفهم والبحث والتحقق ومداواة الناس ،وهذا من العظمة ان يكون الانسان مشافيا للأخرين وفي نفس الوقت مؤلف كتب.

صورة عدن غي هذين الرجلين هو صورة الابداع لقامتين تقفان في شموخ الرؤى لتسجل لتأريخ المكان ( عدن ــ دبي ــ جدة ) تواريخا من حلم الانتماء والوفاء للأمكنة في هيبتها وقدرتها على منحنا المزيد من الالهام والتأليف واعادة صياغة روح المعلقات وقداسات مغارات الزهاد من جديد.

التحية لهما …( شهاب محمد عبده غانم و محمد علي البار ) صورة لذلك الاستشراق الجميع في الحياة الثقافية لبلديهما ولعلاقتي الحميمة معهما….!

أحدث المقالات

أحدث المقالات