عكست الاحداث الدموية للتظاهرات ،في محافظات شمالنا العزيز كردستان العراق والتي كانت تمثل حالة الامان والرخاء الوحيدة في العراق،حالة الفوضى الخلاقة التي انطلقت من العراق لتعم العالم كله، وليس كردستان او الدول المجاورة للعراق ، والفوضى الخلاقة الشعار الذي اطلقته ادارة المجرم بوش الابن على عمليات غزو ألعراق وإشاعة الديمقراطية الامريكية فيه ، وها هي ديمقراطية امريكا تضرب اطنابها انهارا ،من الدماء العراقية الطهورة وارتالا من ملايين المهجرين والمهاجرين خارج ألعراق الى المنافي والشتات والمجهول ،مع تسلط احزاب طائفية وقومية تنشر الطائفية وتحكم بالحديد والنار ،والعراقي بين مقتول ومهجر ومعتقل ونازح ومخطوف ،هذه هي الصورة الابشع لديمقراطية امريكا في العراق بعد الاحتلال،والتي سلمت العراق كله للفوضى الخلاقة ما بين داعش، وميليشيات طائفية ايرانية الدعم والإشراف والتمويل والتسليح،ولكن ماذا بعد هذه الفوضى يا ترى ..؟ما يجرب في المنطقة والشرق الاوسط هو نتيجة طبيعية لتلك الفوضى واحدى ابرز افرازاتها الخطيرة ، والتي ادخلت المنطقة كلها في دوامة العنف والحرب الاهلية الطائفية وبعدها الحرب العالمية الثالثة ،التي حذرنا منها بمقال قبل عدة اشهر ،نعم اليوم يعيش الشرق الاوسط والعالم حربا عالميا بمعنى الكلمة ، فما هي شكل هذه الحرب وما هي تداعياتها ونتائجها على العراق والمنطقة ، سنحاول استدعاء الاحداث ،ونعيد وضعها على الخارطة السياسية وفي سياقها التاريخي المقبل ،لكي نستطيع تصور هول الصدمة وقوتها على الواقع ،ان ما نراه من سعير روسي محموم باتجاه اشعال الحرب العالمية وبإصرار عجيب ، لاقتناص الفرصة التاريخية لإعادة نفوذها وهيمنتها في المنطقة ،وهي فرصة قد لا تتكرر بسبب دخول المنطقة والعالم في نفق الفوضى السياسية والاجتماعية التي تشهدها منطقة الشرق الاوسط بعد اخراج العراق من التوازنات الاقليمية والدولية،هو رد فعل طبيعي لفشل الاستيراتيجية الامريكية والمشروع الامريكي في الشرق الاوسط ،لذلك استغلت روسيا/بوتين هذا الفشل لتعيد نفسها قوة لا تقهر وتعيد التوازنات والقطبية الثنائية في العالم ، وما استعراض قوتها وصواريخها وطائراتها ومدمراتها وفرقاطاتها في سوريا ، الا دليل على اعطاء اشارة ورسالة لادارة اوباما تؤكد فيها انها ماضية دون رجعة الى احياء القطب الاخر ، وهكذا وصلت بوارجها وطائراتها سوريا ،بحجة الحفاظ على نظام الاسد والقضاء على الدواعش الاسلامية المتطرفة ، كالجيش الحر والنصرة واحرار الشام وتنظيم الدولة وكل من يعارض الاسد ويطالب بإسقاطه ،حتى لو كانت امريكا وحلفاؤها ،اذن المنطقة كلها الان على كف عفريت روسي يصر على اشعال الحرب كما قال بوتين للرئيس الفرنسي هولاند في نيويورك بالحرف الواحد ،دون خوف من احد ، في وقت تعلن ادارة اوباما عن ضرورة التنسيق المشترك في محاربة داعش ،والذهاب الى الحل السياسي في دعم المعارضة السورية المعتدلة ،ويقصد بهم الجيش الحر والفتح وأحرار الشام ، إلا ان روسيا لا تفرق بين نصرة وجيش حر وتنظيم داعش ،حيث تضعهم كلهم في سلة واحدة هي الارهاب ومعارضة الاسد ، وهي في حقيقتها غير ذلك تماما ،هدفها السيطرة والهيمنة وتحقيق مصالحها الاستيراتيجية بعيدة المدى في سوريا كموقع جغرافي لا يمكن لروسيا التخلي عنه حتى لو قامت الحرب ، اذن الموقف الامريكي يبدو ضعيفا جدا امام الاصرار الروسي ،وموقف العالم الان كله يتجه الى مناصرة روسيا وتدخلها في سوريا او الانضمام الى تحالفها الرباعي ، وهذا ناتج من فقدان العالم عموما والدول العربية خصوصا ،الثقة كلها في امريكا وإداراتها ،نتيجة فشلها في غزو العراق وتعميم الفوضى الخلاقة فيه وفي ألمنطقة بدل الديمقراطية التي اوهمت وكذبت على العرب بنشرها في العراق وفرضها بعد اسقاط نظامه الوطني ، وقتل الملايين من ابنائه وتدمير بنيته ونشر الطائفية بين نسيجه الاجتماعي وإشعال الحرب الطائفية فيه بفوضى خلاقة بشعة ، هذا اذن هو حصاد امريكا في العراق،فكيف سيكون حصادها في سوريا والشرق الاوسط ،بعد التدخل الروسي في سوريا وإقامة التحالف الرباعي والخماسي والسداسي ،بالتأكيد هناك خياران لإدارة اوباما الان احلاهما مر ، الاول الانحناء لعاصفة بوتين بالتنسيق معه في محاربة داعش ومشتقاته في كل من سوريا والعراق ،مع الاحتفاظ بنظام الاسد ، او ارسال قوات برية ومحاربة داعش في العراق وتحقيق نصر على الارض بعد اخفاقات وهزيمة جيش المالكي والعبادي من المدن وتسليمها لداعش ، بمعنى اخر ،اعادة العراق لوضعه الطبيعي وطرد الميليشيات الوقحة الطائفية تزامنا مع القضاء على داعش وهزيمتها في العراق ،وتحقيق مصالحة حقيقية وفرضها على الاحزاب الايرانية التي تأخذ اوامرها من ايران ، ان صورة الفوضى الخلاقة في العراق ،هي صورة مصغرة لما سيعم الخراب والدمار في الشرق الاوسط والعالم ،اذا ما اصرت روسيا وحلفائها ،على مواجهة امريكا وحلفائها، في حرب عالمية ثالثة وهي محتملة وحتمية كما يبدو لحد هذه اللحظة ، عندها ستكون الفوضى الخلاقة التي ارادتها ادارة المجرم بوش للعراق ستعم العالم كله ، وأول من يكتوي بنارها هي امريكا ومصالحها ومستقبل سمعتها التي ستكون عندئذ في الحضيض،بعد هزيمتها امام التحالف الروسي من جهة وأمام تنظيم داعش من جهة اخرى ،اي هزيمة برأسين ، وعندها سيقع المحظور،الذي تطبل له الدول المتفرجة ،وهو تقسيم المنطقة وإدخالها في اتون الحرب الطائفية الاهلية لأمد بعيد جدا ،ولكي نختم مقالنا ،حول الاحداث في كردستان ، ونفضح الدور الايراني التخريبي واليد الايرانية الواضحة في اشعالها لإكمال تدمير العراق من اقصاها الى اقصاها اشباعا لشهوة الانتقام الصفوي المجوسي لحقد تاريخي قريب ، نقول ، ونحن اول من فضع وأعلن ان من وراء احداث السليمانية واقضيتها، هي ايران وعملاؤها في كردستان ،زعيم كتلة التغيير نوشيروان وجلال طالباني وحزبه، وما اجتماعات قاسم سليماني وزيارته الى اربيل لعدة مرات من العام الماضي وقبل اسابيع الا تمهيدا وتحريضا لهذه ألتدخلات والهدف منه ،هو اكتمال السيطرة على العراق ، والضغط على حكومة الاقليم والبرازاني شخصيا ،للرضوخ للمطالب الحكومية في بغداد والانحناء لها ، وما قطع الرواتب والموازنة وغيرها ،من الاجراءات الحكومية ضد كردستان الا لإخضاعها الى حكومة المركز ، الاصابع الايرانية واضحة في احداث السليمانية ، وهي مرشحة الى التصعيد مع الاسف،لإحداث المزيد من ألخراب وإحراق كردستان الامنة لا سامح الله ،ارضاءا لأجندة ايران ،هذه هي الصورة الخلاقة التي تريدها ادارة اوباما للعراق الان تنفذها لها ايران بعد الاتفاق النووي معها ،وقلناها ايضا ان عصرا جديدا سيبدأ في المنطقة بعد هذا الاتفاق ،وهاهو العصر الامريكي الجديد يعم المنطقة هو عصر الفوضى الخلاقة وتداعياتها المرعبة على العالم والشرق الاوسط …