7 أبريل، 2024 9:34 ص
Search
Close this search box.

صورة العراق عما قريب

Facebook
Twitter
LinkedIn

يبدو ان خصلتي الانتماء والولاء مازالتا العنصرين البارزين، والسِمتين الظاهرتين، اللتين تعلوان ولا يعلى عليهما، في ردود أفعال مسؤولينا وساستنا المتبارين في الحصول على مراكز قيادية وحقائب وزارية في التشكيلة الحكومية الجديدة. وقطعا الانتماء والولاء ليس للعراق، وليس للذين ضمخوا أصابعهم بالحبر البنفسجي، بعد تحديهم كثيرا من التهديدات والمخاطر، فالولاء شطّ بعيدا عن هؤلاء، والانتماء يلوِّح بكل جرأة تصل حد الصلافة، معلنا ان آخر المستفيدين من التغيير المزمع هم العراقيون.
فقد عمل رؤساء الكتل على دفع مرشحيهم للتشكيلة الوزارية وفق مقاييس لاتخدم الوزارات ولا المؤسسات ولا الهيئات ولا حتى استعلامات الدوائر الحكومية، فالمهنية كانت تغط في نوم عميق أثناء انتقاء الكتل مرشحيهم، كذلك الكفاءة شدت رحالها بعيدا عن موازين الكتل، إذ دُفعت أسماء المرشحين وفق نظرية الـ (گوتره). كما لم يكن لفقرات الدستور حضور واحترام، لاسيما فيما يخص عناصر مسجلة ضدهم أعمال ضد المواطنين، والمزورين والمتهمين بمواد سبق ان أقر الدستور انها لاتجيز للمدانين بها تسنم مواقع قيادية، فضلا عن المتهمين بجرائم جزائية وإرهابية، وأخرى تندرج تحت طائلة الفساد بأنواعه وأشكاله وأصنافه.
قبل ربع قرن كان صدام حسين يأتي بالشخص غير المناسب، الذي لايفقه شيئا غير التلفظ بعبارة (نعم سيدي) وقد يكون حاصلا على الشهادة الاعدادية على أبعد احتمال، ويريه من المغريات المادية مالم يكن يحلم بنيلها بتاتا، ليوزره وزارة حساسة تتطلب ممن يأتزرها مواصفات ومؤهلات علمية، ويتمتع بشخصية قيادية، فضلا عن سيرته وسلوكه وتاريخه المهني وحتى الشخصي والعائلي، وبذا يضمن (السيد الريس) ان الوزارة أخذت طريقها الى الحضيض، وتدنى العمل بمؤسساتها وهيئاتها إداريا وانتاجا، وبقيت اسما على غير مسمى، وهذا ماكان يرسم اليه ويخطط له ويعمل كل شيء من أجل تحقيقه.
وبسيناريو ساذج يقيل هذا الوزير بعد حين بسبب او دون سبب، ويأتي بغيره بذات المواصفات المتدنية، فيكمل مشوار سابقه في صنع الخراب ونشر الفوضى والتخلف ومظاهر الفساد في وزارته. ومن المؤكد أن الحال في التسلسل الهرمي للوزارة يصبح بفعل وزراء كهؤلاء تسلسلا ليس له اول ولا آخر، فتنتقل عدوى سوء الإدارة الى المديرين العامين فالمعاونين فالمديرين فالموظفين، وهكذا سار الحال الى ان استحال حال البلاد الى رقعة جغرافية على سطح الكرة الأرضية، بعيدة عن مسيرة باقي الأمم في الرقي والبناء والعمران، ومحاصرة داخل إطار معزول عن العالم، وكأنها في كوكب آخر، وهذا ما رسم له مخطط (السيد الريس) حين قال: (من يريد أن يستلم العراق منا فسنسلمه ترابا).
هي تجربة يعيها جيدا كل ساستنا في العراق ويذكرونها التفصيل الممل، سواء الذي ركبوا موجة السلطة وأبحروا في تيار الجاه والسلطان، ام الذين يتطلعون الى نيل مركز مرموق في سدة الحكم، ويسعون الى الوصول اليه بشكل او بآخر!.
وباستقراء بسيط لما كان وما سيكون، تتضح مآلات الأمور، ويسهل التخمين في مكانة البلد ووزاراته وبأي درك ستقبع فيه بعد حين، مادام النهج المتبع في الاستيزار نهجا نفعيا، ومادام المتسلطون فيه نفعيين، وليس لمصلحة العباد والبلاد حساب ضمن حساباتهم، فماذا تكون النتيجة غير التدني والتدهور في إدارة الوزارات وعملها! وسيأتي يوم تعاد فيه كل سيناريوهات العقود الأربعة الماضية، لكن..! بشخوص جدد.. وأسماء جديدة.. وسيكون عراقا جديدا أيضا، وستكون حتما.. سقوطات جديدة.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب