في حادثة غريبة لم نشهد لها من قبل مثيلاً تتعلق بقيام محافظ الأنبار السابق صهيب الراوي بدفع مبلغ مقداره مليار وستمئة مليون دينار عراقي مقابل شموله في العفو العام الذي أصدره مجلس النواب العراقي، وموافقة الراوي على دفع هذا المبلغ يعني أن الرجل يقر صراحة بالسرقة، كما يقر بسرقة أضعاف المبلغ المسترجع منه، والأكثر ألماً أن جهته السياسية تسترت عليه ووفرت له الحماية طيلة المدة التي سبقت شموله في قرار العفو عن طريق توفير سكن له، خمسة نجوم في المنطقة الخضراء بعيداً عن سلطات الدولة على الرغم من ظهوره العلني برفقة الشخصيات التي وفرت له الحماية.
الشيء الإيجابي الوحيد في هذا الشأن هو استرجاع بعض مما أهدره السيد صهيب الرواي في مدة إدارته القصيرة للمحافظة، وغير ذلك فإن العملية برمتها مرفوضة وستفتح البابِ على مصراعيه أمام الفاسدين للخلاص من التهم التي وجهت لهم أو التي ستوجه لهم مستقبلاً، والأمر بات ميسراً على من يسرق مئة مليار دينار في مدة توليه المسؤولية أن يفلت من العقاب عن طريق إعادة بعض مما اختلسه للدولة، وقد يكون ملياراً، مقابل شموله بالعفو على وفق نظام ( (ادفع تسلم)،
)، في حين يستثمر المبلغ الباقي في الإمارات أو الأردن أو تركيا أو يودعها في البنوك الاوربية ويستلم فوائدها شهرياً ويؤسس حزباً سياسياً ويرشح للانتخاب ويستأجر مقرات لحزبه ويوزع بطانيات وأرصدة موبايل ومدافئ، ويشتري ذمم بعض وسائل الإعلام ويدفع للشعراء وشيوخ العشائر، وحين يفوز في الانتخابات يبدأ الحديث عن القيم والمبادئ والأخلاق.
وفي ضوء ذلك لا بد من العمل بمبدأ الظرف المشدد عن طريق تشديد العقوبات المتصلة بالفساد ومظاهره وأنواعه ومضاعفة الأموال التي تثبت التحقيقات أنها أُهدرت من قبل المسؤولين في مفاصل الدولة العراقية وتضمينها وعدها من الأموال الممتازة في طريقة استرجاعها، فضلاً عن عدم شمول المزورين والمختلسين بأي عفوِ مهما كانت الظروف لا بالعفو العام ولا بالعفو الخاص.
إن شمول محافظ الأنبار السابق بقرار العفو بهذه الطريقة هي إهانة للشعب العراقي ولتضحياته وخيانة لشهدائه الذين قدموا أنفسهم قرابين لأجل الوطن وتأتي بعض الاحزاب السياسية لتتستر على من سرق أمواله.