موسكو تهدف إلى إرغام واشنطن على القبول بها كشريك في إدارة العالم!
يتعاظم النفوذ الروسي بسبب إستمرار الأزمة السورية وتصديرُ تداعياتها إلى دول المنطقة !
المخابرات الروسية تُسهل مهمة ذهاب المقاتلين الشيشان إلى المحرقة السورية!
لموسكو مصالح إستراتيجية عميقة في إستمرار الأزمة السورية وتصديرُ تداعياتها إلى دول الجوار، بهدفِ خلقِ أزمات إقليمية جديدة ، وفي نفس الوقت تجد ضرورة بإنجاح مبادرتها التي اطلقتها لحل أزمة الكيماوي ” المفتعلة” في سوريا! .
فمنذ إنهيار الإتحاد السوفيتي انكفأت روسيا على نفسها وتراجع نفوذها الذي كانت تتمتع به في السابق ، على الرغمِ من سعي القادة الروس للعودةِ ببلادهم إلى مركز صناعة القرار وإدارة الأزمات ، وذلك لا يتمُ إلا من خلال أن يكون لموسكو نفوذٍ مؤثرٍ بالقضايا الرئيسية في الشرق الأوسط ، (عملية السلام وإقامة الدولة الفلسطينية ، الملف النووي الإيراني ، مكافحة الارهاب ، نشر الديمقراطية ) ، تلك هي خلاصة المواضيع الرئيسة التي ترسم ملامح الخارطة الجيوسياسية للمنطقة ، وتخلفُ موسكو في لعب دور فعال في تلك القضايا بسبب السيطرة التي تفرضها كلا من الولايات المتحدة الأميركية والغرب على تلك الملفات وإدراتها وصناعة القرارات الخاصة بها من خلال مجلس الامن والأمم المتحدة والمحافل الدولية الآخرى.
فكان لا بد لروسيا الطامحة إلى لعب دور أكبر في الشرق الأوسط ، أن تجد مساحة لها من خلال البحث عن أزمات جديدة من اجل ان تلعب دورا رئيسا فيها ، وبالتالي يتعاظم نفوذها إقليميا ودوليا ، ثم تتقاسم مع واشنطن والغرب جزءا من إدارة ملفات المنطقة والتي تؤهلها بأن تعود إلى موقع الصدارة في صناعة القرار الدولي.
وضحت الصورة آخيرا! ، بعد ان وجدت روسيا في تداعيات الازمة السورية ممراً يأخذها إلى واجهة العالم من جديد بصناعة القرار وإدارة الأزمات ، حيث بدأ النفوذ الروسي يتعاظم يوم بعد آخر على المستويين الإقليمي والدولي، خاصة بعد المبادرة التي اطلقتها بشأن وضع الترسانة الكيماوية السورية تحت إدارة وإشراف دولي ، والإتفاق الأميركي الروسي المشترك بذاك الخصوص .
حري بالذكر وفق تلك القراءة التحليلية أن روسيا تعمل على إطالة أمد الازمة السورية وتصدير تداعياتها إلى دول آخرى بالمنطقة من اجل الدخول كلاعب إقليمي ووسيط دولي على خط الأزمات التي تعصف بالدول العربية ! ، من جهة آخرى تسعى إلى إنجاح مبادرتها بشأن الكيماوي ، لحين التوصل إلى إتفاق مشترك مع واشنطن يقضي بتقاسم النفوذ الإقليمي معها ، فتتخلص عند ذلك ، وفق سيناريو معين ، من حليفها السوري بشار الأسد ، وهي قد هيأت لذلك الموقف مقدما عندما أعلن كبير موظفي الرئاسة الروسية ” الكرملين ” سيرغي إيفانوف ان بلاده ستتخلى عن الاسد في حال شعرت أنه “يُخادع” بشأن ترسانته الكيماوية ! .
تتلخص مصالح روسيا الإستراتيجية في تداعيات الازمة السورية بالوقت الراهن بأمرين أساسين ، الأول هو تخلص روسيا من عبئ المقاتلين الشيشان بذهابهم إلى المحرقة في سوريا ، والأمر الثاني وهو الهدف الذي تسعى إليه موسكو منذ زمن طويل ، تحقيق مكاسب سياسية إقليمية تُعيد الدب الروسي كلاعب مؤثر في الساحة الدولية ، وقطبا متساويا مع العملاق الاميركي في إدارة العالم، وتقاسم نفوذه.
بنهاية المطاف ، تهدفُ السياسة الروسية إلى إرغام الولايات المتحدة على القبول بروسيا كشريك أساسي ولاعب حقيقي في القضايا الرئيسية للشرق الأوسط .
وقد نشهدُ وفق ذلك السيناريو، عودة المعسكر الشرقي بقيادة روسية ، ما سيؤدي بطبيعة الحال إلى عسكرة المنطقة والعودة بها إلى عهد المعسكرات والتبعية للمحور الشرقي أو الغربي!.
هذا السيناريو إن تحقق فأن الصراع الأميركي – السوفيتي السابق على مراكز صناعة القوة والتفوق الاقتصادي والنووي سيعود من جديد إلى الساحة الدولية !.
[email protected]