22 ديسمبر، 2024 8:02 ص

صندوق الإسكان العراقي.. إن العهد كان مسؤولا..

صندوق الإسكان العراقي.. إن العهد كان مسؤولا..

قال تعالى: وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا..  الاسراء 35
العهد بين الأطراف من الأمور المهمة التي ينص عليها ديننا الحنيف. وليس للإنسان أن ينقض عهده مهما كانت الظروف أو تغييره إلاّ بتراضي أطراف العهد. ومن ينقض العهد يعتبر ناكلاً ومخلاً ولا يمكن الاعتماد عليه في أي أمر آخر.
لسلامة الاتفاقات بين الأطراف يجب أن يكتب بينهم كاتب بالعدل وأن يشهد على عليه أطراف محايدين ويؤخذ بنظر الاعتبار كل الاحتمالات الواردة مثل حالات الوفاة أو العوق.
الاتفاق ممكن أن يكون بين شخص أو آخر أو بين المواطن والدولة. كان يقترض المواطن مبلغاً من الدولة بشرط اعادته بحسب ضوابط معينة يتم بيانها مسبقاً والتوقيع عليها من قبل الطرفين. شروط الاقتراض توضح مسبقاً وتكون الأطراف (المواطن والدولة) ملزمين بتنفيذ هذه الشروط بعد الموافقة عليها. حيث أن الالتزام بالاتفاق من قبل المواطن دليل على احترام المواطن للدولة والتزام الدولة بعهدها مع المواطن دليل على احترامها للمواطن والعكس صحيح.
صندوق الاسكان العراقي الذي يقرض المواطن العراقي مبلغاً لبناء عقار ما بدأت منذ تاريخ 8 نيسان 2024 باستيفاء مبلغ مقداره 1% من قيمة القسط الواحد. يفاجئ المواطن وهو يدفع مبلغ القسط الشهري لهذا الصندوق بأن هذه النسبة تستقطع منه دون علم ودون مبرر. الدولة تقرر أن تستوفي مبالغ إضافية من المواطنين على غير الاتفاق المبرم بين المواطن والدولة. حيث أن القرض هذا كان من المفترض أن تكون خالية من الفوائد. إلا أن المبالغ الإضافية التي تحمّل على الأقساط إنما هي فوائد واضحة تدخل في باب الربا بتسميات أخرى. هكذا فإن إخلال الدولة بالتزاماتها تجاه المواطن العراقي يزيد الهوة بين المواطن والدولة ويزحزح الثقة بالدولة وعهدها والتزاماتها تجاه المواطنين. إنه إخلال صريح وتجاوز واضح على حقوق المواطنين لا يمكن تبريرها بأي شكل من الأشكال.
إن ما يحدث في صندوق الإسكان العراقي من تجاوز على المقترضين إنما هو دليل صريح على مدى الاستهانة بالعهد بين بين الدولة والمواطن. فليس من حق الدولة إطلاقاً استيفاء أي مبلغ مهما كان بسيطاً من المواطن بقرارات كيفية غير مبررة لا سيما وأن المواطن قد وقع اتفاقاً مع الدولة يلزمه على دفع مبلغ معين حسب مقدار القرض الذي استلمه من الدولة. أما الزيادة عليه فهذا أمر يجب على الدولة الانتباه إليه واتخاذ الإجراءات اللازمة لتعويض المواطنين وتقديم الاعتذار لهم.
كما أن المواطن ملزم أمام الدولة، فإن الدولة كذلك ملزمة أمام رعاياها. عليها ما على المواطنين من واجبات والتزامات. ليس للدولة أن تخلق الأسباب التي تؤدي إلى تحميل المواطن أموالاً إضافية دون وجه حق. وإلاّ فإن الأمر سوف يكون في عداد التحايل على المواطن واستغلاله أبشع استغلال.
المواطن وإن كان ضعيفاً أمام الدولة إلاّ أنه مواطن والدولة ملزمة بتقديم الخدمات له والتي جاءت من أجلها أصلاً. فلو لا المواطن لا تكون هناك دولة ولو لا الرعية ما كان الراعي موجوداً. هكذا فإن المبالغ التي تم فرضها على المواطنين المقترضين من صندوق الإسكان إنما هي استخفاف صارخ بقيمة المواطن المقترض من صندوق الإسكان العراقي. الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى زعزعة الثقة بين المواطن والدولة ويسوق المواطن إلى الربا من خلال استيفاء مبالغ إضافية دون أن يكون ذلك في الحسبان.