23 ديسمبر، 2024 4:00 م

‘صناعة الهة  كاريزما تابو الطوطم ‘ عبادة الفرد في العراق

‘صناعة الهة  كاريزما تابو الطوطم ‘ عبادة الفرد في العراق

عبادة الفرد في الشرق عامة  وفي العراق خاصة تعد  ظاهرة خطيرة الطوطمية هي ثقافة  مركبة من الأفكار والرموز والطقوس تعتمد على العلاقة بين جماعة إنسانية وموضوع طبيعي يسمى الطوطم، والطوطم يمكن أن يكون طائر أو حيوان أو نبات أو ظاهرة طبيعية أو مظهر طبيعي  او زعيم روحي  مقدس مع اعتقاد الجماعة بالارتباط به روحيا والطوطم يتصف بالتابو والتابو هو المحرم أي خط أحمر لا يقبل المجتمع تجاوزه بغض النظر عن مدى كون (التابو) مبررا أو حتى متناسقا مع القوانين والشرائع ومن المحرمات السياسية في الأنظمة الاستبدادية او المجتمعات المتخلفة انتقاد الزعيم أو الثناء على نظام آخر مخالف فكريا. والزعيم يتسم بالكاريزما  والكاريزما مصطلح  أصله يوناني تعني الهدية أو التفضيل الإلهي، فهي تشير إلى الجاذبية الكبيرة والحضور الطاغي الذي يتمتع به بعض الأشخاص، هي القدرة على التأثير على الآخرين إيجابيا بالارتباط بهم جسديا وعاطفيا وثقافيا، سلطة فوق العادة، سحر شخصي ، شخصية تثير الولاء حيث  أن هناك عوامل تجعل الشخصية كاريزمية وهي الإحساس العميق بمشاعرها الذاتيةو القدرة على تمرير المشاعر نحو الآخرين و المناعة ضد الكاريزما الخارجية لكون  الزعيم البديل الثائر ضد الطوطم   ينتمي إلى الشعب فإن الشعب يرفضه كل مرة بحجة أن أصحابه لا يمتلكون دماء زرقاء مثل الأرستقراطيين ويثور الشعب كل مرة على الزعيم البديل  لأن شروط عبادة الفرد لا تنطبق على الزعيم البديل  للشعب، فازعيم البديل الذي يأتي من الشعب  لا فرق بينه وبين الموطن البسيط  – سوى في تحوله بعد حين إلى نوع من التسلط بحكم الاستيلاء على  السلطة فهم يعرفون هذا الزعيم البديل  ويعرفهم ويعلمون تمام العلم أنه لا يختلف عنهم، بينما الزعيم البديل  هو زعيم  لا يعلم عنه المسحوقين سوى أنه متميز بصورة ما عليهم وهو امر يعيق أي ثورة او محاولة لكشف حقيقة كذبة الطوطم وبالنتيجة يعيق أي تغييرثوري تقدمي في العراق ان صناعة كاريزما الزعيم  مهمة وسائل الإعلام والمنظمات الجماهيرية المتنوعة وتشكيلاته القمعية العسكرية. والتي سخر من أجلها المال والسلاح والاعلام فضلا عن ولاءالرجال والتخادم مع اجندات اجنبية وشيحة انتهازية وصولية راسمالية طفيلية تمكنت عن طريق السرقة والقتل من اجل تكون قيادات الزعيم الأوحد  فضلا عن المورث التقديسي لعائلة الزعيم والبعد الغيبي للارث المذهبي من قداسة مطلقة وتبعية عمياء لرجال الدين لدى اغلبية العوام الجهلة المرتبطين عاطفيا جعلت من الزعيم رمزا مقدسا ومنقذا اوحدا. ومن شخص لا ميزة له عموما حصلنا على بطل عبقري تاريخي استثنائي لا مثيل له. والرجل (هو  مجرد رجل عادي طبعا) هو المنتَج الوحيد لصناعة الكاريزما التي يجب أن تسخر كل أجهزتها ومعاملها لتأكيد وحدانيته وفرادته وتعاليه، وفي الوقت نفسه أن تغرس في أذهان جميع الرعايا أن عبقرية الزعيم طبيعية مبرأة من كل شائبة صنعية، وأنه كان فذا منذ طفولته. لا تكف هذه الصناعة عن إنتاج هذا الكائن الخارق، وعن تأكيد أنه غير مصنوع  كغيره وغير مخلوق كغيره ، “علة ذاته” في استحقاقه للزعامة ضمن استحقاق الهي انفرد به واستعداد لايوجد عند غيره . بل هو صانع وخالق مستقلا لزعامته وقراره ان لم تعلن الوهيته رسميا . لا يدين لأحد وكل شيء يدين له. لا ريب أن نموذج السيادة لإلهية هو النموذج الأصلي للقادة الكاريزميين في إطارنا الثقافي العراقي حيث تستمد  الشرعية هنا على دعاوى لادليل عليها من  الخارق والاستثنائي وعلى دعاوى المعجزة لذا فان  االزعيم دون غيره هو  جدير بالحكم والزعامة والقيادة وحده لأنه، وحده، العبقري الفذ و المعجزة الاستثنائية الخارقةولذا فان لهذا الزعيم كل الشرعية مضادة للقانون والعرف والسلوك الأخلاقي العام  تكوينيا. وهو  يعني المزيد من تدمير العرف الاجتماعي  والأخلاق العامة القانون،لان  القائد وكل ما يخصه لا ينضبط بقانوناو شرع  او عرف او سلوك ولا يخضع لاي قاعدة او قيد اجتماعي  من أي نوع كان لانه هو القانون والشرع والعرف . ولأنه لا شريك له وليس له مثال، فإن كاريزما القائد لا تقبل الغير . لا يسع أحدا أن ينافسه او يكون بديلا عنه  إلا من هو بضعة منه في  الحكم السلالي يجد أصله في أن حاكمية الحاكم غير قابلة للتعميم بالانتقال الى الغير  لكونها خارقة وإعجازية واستثنائية. وجوهرية. أعني لصيقة بكيان ااسرة  الحكم وعنصره، لا يكون  لغيره ابدا ولو بتجارب مكتسبة. لذا فان  الحاكمية السلالية الاقطاعية ، تنتقل اسريا عبر الدم إلى النسل. لان السلالية الوراثية  هي تطورحتمي  للشرعية الخارقة للقانون والعادة لذا لامجال لاي دخيل من عامة الناس بالوصول الى الزعامة . وإنه كما لا نحصل من الشوك على العنب، لا نحصل من الحكم الاقطاعي السلالي على دولة مؤسسات وطنية. وعززت الزعامة السياسية للزعيم الأوحد التي  لا شريك لهاو ظهور شخصيات  طفيلية تمكنت من تكون طبقة راسمالية وشريحة مالية نافذة عن طكريق سرقة المال العام في العراق  لاحاطت نفسها بمرتزقة القتلة الماجورين  وتوسعت في النفوذ في المجالات الاجتماعية ألاخرى (فنية، دينية، إعلامية، ثقافية،…).فضلا عن التخادم وتبادل المنافع مع القائد الزعيم ماليا ونفوذا اجتماعيا ودعاية إعلامية   من جهة مقابل حصانتهامن الغضب الشعبي بسبب من فسادها  من قبل القائد وهذه الشريحة تحركت عليها اجندات اجنبية خارجية استفادت من هذه الظاهرة في تمزيق الشعب العراقي ومنع أي محاولة حقيقة لبروز قيادات بديلة تقود التغيير  للأمر صلة وثيقة بتحولات اقتصادية، يتمثل جوهرها في تكون طبقة مرية جديدة من احباب القائد الكاريزمي الأوحد واعوانه واتباعه المقربون واسرته. هذه الطبقة الطفيلية الجديدة  جنت ثرواتها بالولاء والتملق  للقائد الى درجة الخضوع المذل له  وهي طبقة راسمالية استثنائية، طبقة “أشراف” أو أرستقراطية جديدة، لا يقبل نموذجها التعميم للغير خارجها . وشرعية هذه الطبقة تقوم على الكاريزما الجمعية للقائد . وما تضمنه من حصانة بسببها . والكاريزما هذه المصنوعة من قبل  وسائل حكم وإعلام ورجال دين. تصنع إضافة الى القائد الاستثنائي الأوحد  اتباع  نافذون، أحرار نسبيا قياسا بباقي الشعب المحروم من الحرية والقرار ومن اهم أدوات الدعاية السياسية هي الادوات التي يستخدمها قادة وأنظمة سياسية بهدف تسويق مشاريع سياسية أو الإقناع بأيديولوجيات أو بأشخاص يصبحون بمرور الوقت فوق الشعوب تكمن اسرار نجاحها  في  إن عملية الدعاية السياسية تشبه عمليات غسل الدماغ  في الهدف النهائي وهو السيطرة على الجموع والاستحواذ على مزيد من الأتباع الذين يحتاج إليهم القائد السياسي عبر عملية تنتهي به “إلى ما يشبه إله يوناني ينسب الأتباع إليه الخوارق” ولكن الخديعة لا تستمر طويلا. من خلال الإيهام بالفرص الكبيرة للنصر فيلجأ المترددون إلى الانضمام إليه وتأييده. ومن هذه الأساليب أيضا التحدث إلى البسطاء بلغة تتوافق مع مستوى ثقافتهم وحدود ومن اكثر أساليب الدعاية تأثيرا إذ يرتبط ذلك بإثارة الكراهية لأعداء أو خصوم وهذا مفيد في “اختراع كبش فداء يتم توجيه الاتهام إليه بأنه مصدر جميع الشرور” ويؤدي هذا الأسلوب الدعائي إلى زيادة تماسك الجمهور المستهدف وتخليصه من الإحباط. ان  ‘صناعة الهة  كاريزما تابو الطوطم ‘  في العراق لايمكن القضاء عليها من خلال صناعة البديل عن الزعيم لانه سيكون استبدال وثن باخر بل لابد من صناعة نخبة واعية منظمة بشكل يساعدها على ان يكون لها دور لوبي ثقافي ضاغط يعمل زيادة على الوعي الشعبي للتخلص من عبادة الفرد.