لا ادري ما السر وراء ان يكون شعبنا مجبول على عبادة المرء واضافة الوهية تجعل الاخير بمرتبة العبادة والتقديس لحد تقبيل التراب الذي يمشي عليه والتبرك بملابسه وتكريس فكرة لينقله الى احلامه وهذا حال يضيف لنا دراية كافية باليأس من نهوضنا فما تمر حقبة مليئة بالثورة والهيجان والوثبات لاجل ازالة حاكم بعد ان يلقننا درساً بالموت والفقر والتخلف نرفعه لنأتي ببديل نصنع له الف محراب ليصلي بنا بعد ان نتفنن في تقديم الهدايا والاضاحي والنذور لادامة زخم قوته وبطشه حتى ينال منا في كل شيء.
وان كان هناك ادلة تحمل ذلك فقراءة التاريخ تشير الى ذلك وفي اقل تقدير لـ 100 سنة خلت اي منذ بواكير قيام الدولة العراقية 1921 وليومنا هذا.
ففي ظل الحكم الملكي حكمت العراق 59 وزارة كانت 14 وزارة منها لنوري السعيد تخللها الحياة الاجتماعية بعبودية المجتمع للاقطاع وكبار الملاك والتجار والقدسية لجلالة الملك المعظم في ظل حقبة من الجمود والتخلف في كل مرافق الحياة الى ان جاءت لحظة 14 تموز والتي لا ندري لو استمرت اكثر من 4 سنوات ماذا يجري حيث الزعيم الاوحد الذي صنع الشعب له صورة فوق القمر واطلق عليه اكثر من 40 لقب وان لم اكن قد ادركت تلك المرحلة بشكل واعي الا اني ومن خلال تجليات قراءتي اقول ان تلك الاربعة سنوات انها قدمت شيء ولكن اقول ان ما يقدم للشعب لهو واجب وطني وحين ادركت الحقبة الصدامية حدث الذي حدث اذ اصبح صدام هو نبي الشعب المبعوث الجديد وعلى الرغم من فاشية نظامه وعنفه الا ان الشعب اوضح عبادته واسفافه في الولاء المطلق له ولحكمه واسرته حيث تسابق الشعراء والادباء ورجال الدين وشيوخ العشائر رجال نساء للاطراء عليه فما ان يبنى جسر وتفتح زريبة خيل او يحتفى بميلاده حتى تأخذ الايادي ترسل التهاني والتبريكات ويتسابق شيوخنا الافذاذ للهوسات والكولات حتى تتساقط (العكل) الواحد تلو الاخر ويجتمع شعراء السوء على تأليف القصائد التي تبجل صدام وحكمه حتى ظننا ان صدام سيبقى طوال العمر جاثم على صدورنا ولكن الارادة الامريكية وبفضل التهويل من قبل عملاء المخابرات الاجنبية للدول الغربية والمجاورة حتى سقط صدام ورحنا نمني انفسنا بولادة جديدة.
وتمر الايام واذا بنفس الوجوه تعود تصنع لنا قادة وحكام قد يكونوا اسوأ من صدام لولا قصر الفترة الزمنية التي تمر بها وها هي الانتخابات تمر علينا ونحن نصنع لدولة دكتاتورية يتشابه بها غالبية القادة.
فالدولة تقاد من دكتاتورية من نوع جديد الواحدة لا تختلف عن الاخرى الا بثقافة كيفية تسقيط الاخر ليزول ويأتي بديله ولنا ان نتفرس في كافة شخوص القيادات اسألكم بالله من منهم ليس دكتاتور يريد ان يتسلق حتى يضع اطنابه على الكرسي ليؤبده لاحفاده.
اذن هذه هي ثقافتنا رئيس الوزراء يريد البقاء دوماً ورئيس الجمهورية والبرلمان والوزير والمدير العام والمحافظ ووكلاء المراجع الدينية وشويخ العشائر وائمة الجوامع ومؤذنيهم الكل يريد البقاء وهم ماضون لانهم وجدوا ضالتهم في شعب لا يعرف لغة الرفض وان رفض يأتي بدكتاتور جديد وياليته يبني ويعمر ولكن من اجل كرسيه يأخذ العراق طابو وملكية دائمة .. اعان الله هذا الشعب وايقظه من سباته.