الاوضاع في الکثير من نقاط العالمين العربي و الاسلامي، تتجه بصورة أو بأخرى نحو الفوضى و العبث و الفلتان الامني، خصوصا عندما نجد بأن الاختلاف و التناحر بين مختلف الاطراف و الاطياف و القوى العامة لشعوب عديدة من المنطقة، قد وصل الى ذروته مما قد ينذر بحصول تداعيات غير محمودة العواقب.
الاوضاع في مصر و دول المغرب العربي، ماعدا ليبيا، إتجهت بشکل او بآخر نحو التهدئة و صارت تحت السيطرة تماما، لکنها في دول المشرق العربي وعلى وجه الخصوص العراق و سوريا، أبعد ماتکون عن السيطرة و تتجه للتعقيد و المزيد من التأزم، وعلى الرغم من المحاولات الدولية و الاقليمية الجارية من أجل تهدئة الاوضاع و تسويتها في دمشق و بغداد، لکن ليس هنالك من بإمکانه التفاؤل بحسم الامور إيجابيا خلال الفترة الحالية، بل وان هناك من يتشائم أکثر فيطرح توقعا يغرق في التشاؤم و الضبابية.
القضية التي تدفع بالاوضاع في العراق و سوريا نحو حافة الخطر، هي الظلال الطائفية المهيمنة عليها، تلك الظلال التي باتت معروف و واضحة تماما وليس بالامکان إنکارها، ولاسيما وبعد أن صار الخطاب الديني ذو المضمون الطائفي يطغي على الخطاب السياسي في العراق و سوريا، وعلى الرغم من أن النظام الايراني يصر على ان لادور له بشأن مايجري في العراق و سوريا من تصيد بإتجاه الحرب الاهلية او الطائفية، غير أن مختلف الادلة و القرائن تکذب طهران و تثبت بأنه وراء معظم التطورات السلبية و انه لوحده من يدفع بالاوضاع نحو المفترق الطائفي.
الضغط و الدفع بإتجاه الاحتقان الطائفي، هي سياسة إعتمدتها طهران و عملت في هداها وان لم تعلنها، بل وإن السيناريو المشبوه الذي دخلت داعش الى العراق و إستولت على مساحات شاسعة منه، أکد العديد من المراقبون و المحللون السياسيون بأن طهران کانت تقف خلفها، خصوصا وإنها”أي طهران”، کانت تعاني وقتئذ من أوضاع صعبة في العراق حيث کان يتصاعد الرفض الشعبي لها و لتابعها نوري المالکي، فسعت من خلال سيناريو دخول داعش ضرب أکثر من هدف بسهم واحد، وعلى الرغم من إن هذا السيناريو قد فشل في إعادة المالکي لولاية ثالثة، غير إنه مهد السبل لتعزيز و توسيع و ترسيخ نفوذ و هيمنة طهران على العراق و جعله اللاعب الاهم فيه، والانکى من ذلك إن دور المالکي و بعد کل تلك”التي و اللتيا”، عاد للظهور مجددا مصحوبا بجعل الميليشيات التابعة لطهران تشکيلات رسمية ضمن الجيش العراقي، والحق إن صناعة الفوضى التي تقوم بها طهران في المنطقة عبر اللعب بورقة الطائفية، تهدف في نهاية المطاف الى جعل بلدان المنطقة ضعيفة و تسقط في ناهية المطاف بيدها، ولذلك فإن الحديث عن داعش هو حديث أولي و جانبي لاأهمية له من دون تناول الموضوع الاساسي و الاصلي الذي يعود و يرجع إليه أي نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و حليفه أو بالاحرى تابعه النظام السوري، ولم تخطأ إطلاقا زعيمة المعارضة الايرانية مريم رجوي، عندما وصفت النظام الايراني بعراب داعش، فهي الحقيقة بعينها.
[email protected]