لايبدو أن هناك قناعة إقليمية و دولية بالحملة التي يقوم بها رئيس الوزراء نوري المالکي في الانبار، خصوصا من حيث توقيتها الذي يثير الشبهات و يدفع للإعتقاد بأن هناك ثمة ألغاز و طلاسم من ورائها.
المقابلة التي أجراها المالکي مع وکالة رويترز، والتي أشار فيها”نقلا عن معتقل من تنظيم القاعدة” الى أنه کان من المؤمل أن يعلنوا دولة في الانبار و تعترف بها دولتان عربيتان، مؤکدا بأن نمو القاعدة بهذه الصورة قد إستفاد من “غطاء الاعتصامات”، حيث نمت على أثرها تشکيلات و مؤسسات تابعة للقاعدة في کل القرى و الاقضية و النواحي ووصلت اسلحة ثقيلة، يأتي إستمرار لأقواله السابقة و تأکيدا لها، بل وان تقديم تفصيلات و شروحات بمثابة أدلة و إثباتات يريد من خلالها دحض و تفنيد الاراء و وجهات النظر التي ترى ان هناك شکوك و شبهات في توقيت التحرك الذي قام به في الانبار.
الاوضاع الامنية التي تتفاقم سوءا فترة بعد أخرى و وصولها الى حد يمکن القول معه انها أقرب للفلتان الامني، إنعکست سلبا على الشعب العراقي و أثرت عليه من مختلف النواحي الى الدرجة التي صار فيها موضوع الاوضاع الامنية في العراق حديث الساعة، صار بمثابة نقطة ضعف المالکي حيث ينطلق من خلالها خصومه للنيل منه، ولما کانت ساعة الانتخابات قد قربت وان المالکي في أمس الحاجة للبقاء لدورة ثالثة خصوصا وان خصومه و مناوئيه قد إزدادوا بصورة ملفتة للنظر خلال ولايته الثانية بشکل خاص، وهو يعلم جيدا أن ترکه للمنصب سيجعله کساحة مکشوفة أمام خصومه وقد يضيع في متاهاة من جرائها قد تکلفه أکثر مما قد يتصور، ولهذا فهو يريد و کما أفصح عن ذلك خلال مقابلته مع وکالة رويترز أن يترشح لولاية ثالثة، و واضح جدا أن مفتاح فتح باب الولاية الثالثة له هو ضمان الامن، أو کما وصف موقع کتابات(المالکي يحاول تقديم نفسه کشخصية فارضة للأمن للفوز بولاية ثالثة)، وان الذي يجري في الانبار(وما قد يحتمل أن يجري في مناطق أخرى مشابهة)، هو مسعى يبذل من خلاله رئيس الوزراء جهدا واضحا من أجل أن يبدو بمظهر المنقذ و البطل.
مشکلة رئيس الوزراء التي يجب أن يفهمها و يعيها هي أن التطورات و المستجدات التي حدثت بعد عودته من زيارته لطهران قبل أکثر من ثلاثة أسابيع، والتي أکدت مختلف الاوساط و عبر تقارير عديدة أنه قد طرح خلالها على بساط البحث موضوع ترشيحه لولاية ثالثة ولکن وفق شروط حددتها طهران و أملتها عليه، وان الذي حدث بعد عودته يتعلق بتلك الشروط، خصوصا حدوث هجوم صاروخي على مخيم ليبرتي للمعارضين الايرانيين من أعضاء منظمة مجاهدي خلق و من ثم الهجوم على منزل النائب المعارض أحمد العلواني و قتل أحد أشقائه و فرد من حمايته و إعتقاله خلافا للدستور کونه يمتلك الحصانة البرلمانية، ومن ثم تنظيم الحملة على الانبار، هذه الامور لايمکن أبدا إعتبارها محض صدفة وانما تبدو أکثر من واضحة من حيث دوافعها ومقاصدها، وان المالکي ومهما حاول و بذل من جهود لکي يضع مبررات لحملته هذه فإنه يدور في حلقة مفرغة ولاأحد يود أن يستمع لکلام يخالف المنطق و العقل و الواقع.
[email protected]