لقيام أي دولة هنالك مثلث معروف وقديم الفهم ايضا ألا وهو الشعب ،الارض والحكومة فلا تقوم دولة بدون شعب ولا تقوم بغياب الحكومة تقود هذه الدولة وتدير اموره ولا تقوم ايضا بغياب الارض كما كانت مشكلة اسرائيل التي توفر وجودها بوجود ارض فلسطين واختفاء دولة بغياب ارض فلسطين أما نظرتنا للأمور الان فأن قيام الدولة لا يعتمد على الامور أعلاه فقط يضاف لها النظام والطاقة والاقتصاد فالنظام يتضمن العدل والقضاء والقوانين التي فيها خدمة كيان الدولة وأما الاقتصاد فهو الشريان الرئيسي لديمومة الدولة فبدونه انهارت الدول واختفت وهناك دول قائمة بسبب اقتصادها والامثلة كثيرة هنا.
دائما ما يكون في العالم سياسات وخطوط عريضة واضحة هذا ما وصل اليه العالم الحديث من تطبيق منهجية واضحة يليها التخطيط الجيد لكي يبقى تكامل البناء المرافق الى السياسية التي يجب أن لا تضرب البناء فأغلب الدول الحديثة تكون سياستها الخارجية مرتبطة بسياستها الداخلية يلحق هذا المبدأ بتخطيط جيد لخطط بناء وترقية ممنهجة وحسب ما يتطلبه النمو الحضري والاقتصادي من أنكماش وتوسع وحسب الانتاج القومي والدخل العام فلا يجوز معاداة دول ليس لنا بمعاداتها لا ناقة ولا جمل ولا تخدم كما يحدث الآن في العراق لا يعلم من هو عدوه ومن هو صديقه وهل هو رأسمالي أم أشتراكي هل هو ضد حركات التحرر أم معها هل هو مركزي الحكومة أم هو متعدد والكثير من التناقضات الناتجة من الذين كتبوا الدستور بعجالة وتهور ومزاجات طائفية ورؤى ضيقة ناتجة من الكبت الطائفي والقومي على مدى اكثر من ثلاثة عقود متجاهلاً فئات أخرى في العراق ظن من كتب الدستور بأنها أكتفت من تحقيقها للمكاسب خلال العقود السابقة ولذلك ولد لدينا دستور مشوه أعرج له أكثر من رأس وأكثر من وجه قابل للتفسير والتحوير وحتى من شرع هذا الدستور وعلى مختلف مستوياته التنفيذي والتشريعي والقضائي غير مقتنع به لدرجة نسمع بأن وزراء يتجاوزون عليه الى نواب وحتى الى قضاة وروؤساء أقاليم ومحافظات.
في هذا المبحث سنأخذ موضوع مهم ناتج عن أخطاء يجب توضيحها الى القارئ والمتفحص تجاهلوها القائمون على السياسة في العراق وكذلك المخططين له إلا وهو مكون رئيسي لبقاء الدولة الدولة العراقية التي وصلت الى حدود الفناء وعنصر من عناصرها الاساسية وهي الطاقة وكيفية استدامة الدولة العراقية. فكلنا يعرف أن مصدر العراق اليوم واقتصاده يعتمد بشكل قد يصل الى 99% من قيمته على النفط ووصل الحد الاعتماد في انتاج الطاقة على النفط والغاز ايضا وانا متأكد لو كان النفط يؤكل ويشرب لأستعاضت الحكومة العراقية عنه بدل الطعام وبحيث وصل الحد الى الاعتماد عليه اليوم وبشكل لا يصدق حتى في بناء محطات توليد الكهرباء الجديدة في محافظات الوسط والجنوب واعتمادها بشكل كلي على النفط والكازولين والغاز لأنتاج الطاقة (نصف هذه مصادر معتمدة على الاستيراد صلاً؟؟؟) مع العلم أن من يقوم بأتخاذ قرار بناء هذه المحطات وحسب رأي الشخصي لا يرغب سوى الهروب من واقع كون العراق خالي من عنصر الطاقة ناهيك عن بقية العناصر الاخرى ويريد أن يقنع ابناء تلك المناطق ولو لفترة وقتية لأسكات التذمر الشعبي والتغطية على العجز الحكومي على كافة المستويات الخدمية للأنسان العراقي ولكن هنالك أيضا تجاهل للتخطيط السليم والبعيد المدى وبصورة قد تكون متعمدة يحاسب عليها القانون وبشكل صريح “الاساءة الى المال العام” ولو سألنا القائمين في بحوث النفط الدولي على ان النفط لوجدنا أتفاقهم على أن النفط سينضب في خضون اقل من 50 الى 100 عام القادم في احسن الاحوال وهذا واضح وجلياً لدينا وبما تقوم به الدول العظمى بالاحتفاظ بمخزواناتها الاستراتيجية فها هي أمريكا والصين ورغم وجود مكامن نفطية ضخمة فهي لا تتجرأ على استنزافه لكونه ثروة للأجيال القادمة على العكس من سياسة حكوماتنا هو استنزاف الثروات الاجيال القادمة ما بين نفط وقروض آجلة التسديد. هذا من جانب أما الجانب الثاني والمخفي في هذا الامر هو ان هذه الكلف ستنتهي وتذهب ادراج الرياح بنهاية التغذية لهذه المحطات مع العلم أن كلفة هذه المحطات قد تجاوزت المليارات الدولارات مع العلم ايضا ان كلفة بناء المحطات النووية لتوليد الطاقة الكهربائية اصبحت مقاربة لهذه الارقام والمثال حاضر هنا لدولة الامارات العربية من الشروع ببناء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية من خلال المحطات النووية كذلك أظهر بحث أجرته حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة أن إنتاج كيلو واط/ الساعة من الكهرباء في محطات الطاقة النووية يكلف أقل من ثلث كلفة الكيلو واط/ الساعة في محطة تعتمد على احتراق النفط مع العلم أن هنالك 29 بلداً حول العالم يستخدم الطاقة النووية الآمنة والصديقة للبيئة لتوليد الطاقة الكهربائية ولكن الغريب ما في الامر عندما تناقش المسؤولين في العراق حول مشروع المحطات النووية لتوليد الطاقة الكهربائية في العراق ستجدم لا يفقهون الفقه بحيث يتصورون بأن هذه المحطات هي عبارة عن قنابل نووية وليست محطات والدليل ماحدث في اليابان بلد الزلازل ولم نسمع انفجار محطة رغم الفيضانات الاخيرة التي ضربت اليابان المعتمد بحدود 30 % من طاقته على هذه المحطات وهذا مشابه لأغلب الدول العالم. أن أستخدام النفط وأستنزافه واستنزاف هذه الثروة بشكل متصاعد مع وجود مؤشرات فساد قائمة على مستوى الحكومي وشبهات فساد في تصدير النفط على مستوى الاقليم في شمال العراق ومستوى فساد آخر على مستوى الحكومة المركزية يدل على مؤشرات غامضة باستزاف هذه الثروة “نهب” مع العلم والكل على دراية بأن مجال التقدم في العراق يقارب مستوى الصفر وأن مستوى الفقر في أعلى مستوياته تلاحقه البطالة بأعلى مستويات في العالم ولم يمر على مسامعنا هناك من يقف بوجه هذا المد الجائر على ثروة الاجيال لجيوب الحكام الان من جهة والعمولات الضخمة والاسعار الخيالية لبناء هذه المحطات وعلى مسمع ومرئ العالم والقضاء العراقي “المشكوك” مع العلم أن وجود نائب عام مطالب بالحق العام هو ضرورة توقف هذا التدمير الشامل للبلد ومستقبله. والحلول تكمن في الاعتماد وتطوير مصادر للطاقة غير النفط والاحتفاظ به ولو بشكل من الاشكال والعمل بشكل جدي لتطوير الجانب الصناعي والزراعي لزيادة الدخل القومي للعراق وهذا يناقض ويصدمنا بواقع لموازنة لهذا العام حيث اخذت الزراعة والصناعة مجتمعتين 2% من الموازنة. تطوير بدائل الطاقة ومنها المشاريع الهيدروليكية المنتجة للطاقة الكهربائية كالمخازن المائية والسدود التي تتعدد منافعها ما بين الزراعة والسياحة وتوليد الطاقة. الاعتماد على بدائل زيادة الدخل الحالي كالسياحة الدينية والاثرية تسبق هذه الخطوة ترميم الوضع الداخلي. لذا لربما أن هذا المقال أو المبحث ليس في وقته ولربما سابق لوقته ولربما مـتأخرفي وقته ولكن يجب التنبه الى أن أبنائنا ستغيب عنهم مصادر الطاقة وأن هذا البلد متجه الى هاوية اذا ما لم يتكاتف أبناؤه ليقفوا مد الجاهلين وعديمي التخطيط في أدارة الدولة وهو واجب أنساني وأمانة يجب صيانتها وقبل زوالها وهذا المبحث الاول من سلسلة صناعة الاخطاء.