23 ديسمبر، 2024 12:33 ص

صناعة الأمل والارتقاء بالوطن

صناعة الأمل والارتقاء بالوطن

الانتهازية هي السياسة والممارسة الواعية للاستفادة الأنانية من الظروف مع الاهتمام الضئيل بالمبادئ أو العواقب التي ستعود على الآخرين. وأفعال الشخص الانتهازي هي أفعال نفعية تحركها بشكل أساسي دوافع المصلحة الشخصية. وينطبق المصطلح على البشر والكائنات الحية والجماعات والمؤسسات والأساليب والسلوكيات والتوجهات.

من أين يأتي الانتهازيون

الانتهازي قد يأتي من أي طبقة في المجتمع ومن عموم الفئات ، و لكننا يمكن لنا أن

نحدد أكثر الفئات الاجتماعية التي يظهر منها الانتهازي :

1 – الفئة الوسطى : و هي بيئة جيدة لنمو هذه الظاهرة ، ففي زوايا هذه الفئة شرائح فئات كثيرة تعيش بطرق غير مشروعة تقوم حياتها على اقتناص الفرص التجارية والاحتكار و الصفقات و السمسرة و الوساطة و المحسوبية و الصداقات مع الشركات الأجنبية ، لذلك فإن همها الوحيد أن تلتصق بالطبقة السياسية الحاكمة وأن تنسج معها علاقات ودية بشتى الوسائل الأمر الذي يجعلهم يدخلون الحياة السياسية لحماية مصالحهم الخاصة .

2 – الفئة المثقفة : و هي مصدر مهم لظهور الانتهازية لأن المثقف في الوسط المتخلف غالبا ما يستغل ثقافته لتحقيق مآربه الشخصية ، و هذا لا يعني بأن الثقافة العامة هي التي تخلق الانتهازية بل هي عامل مساعد ومهم لمن تتوافر فيه الروح الانتهازية ، وذلك لأن البعض من هذه الفئة يحاول أن يحقق مصالحه بواسطة دخوله النشاط السياسي أو النشاطات الأخرى فمثلا : الموظفون الملتفون حول الوزير أو المدير ويتملقون ساعين وراء الترقيات و التنفيعات ، و أيضا فئات من الشعراء والكتّاب الذين يستعملون أقلامهم للمديح و الثناء أو للذم والقدح حسب ما تقتضيه المناسبة أو المصلحة .

3 – الأحزاب الثورية و المنظمات الشعبية : و يعود السبب في ظهور هذا المرض في الأحزاب الثورية و المنظمات الشعبية إلى الضعف الأخلاقي لدى بعض الأفراد الذين يشكلون كوادر الحزب أو المنظمة الشعبية ، وإلى عدم تلقي التربية العلمية و الثورية بشكل صحيح نتيجة عدم اقترانها برقابة صارمة على السلوك و الممارسات و الأخذ بالاعتبار المحسوبيات والولاءات الشخصية الضيقة ، مما يؤدي إلي نتيجة حتمية هي فقدان سيطرة القيادة على كوادرها إن لم تكن مشاركة لها في تحقيق مثل هذه المصالح .فالأحزاب و الحركات عندما تنتقل من حالة المعارضة و الاضطهاد إلى حالة النصر واستلام السلطة تكون معرضة لانبثاق الميول الانتهازية الكامنة لدى بعض الأفراد الذين ناضلوا في صفوفها ، ولكن ليس الانتصار هو الذي يخلق ذلك بل الضعف الخلقي وعدم توازن الشخصية ، و الأمثلة كثيرة على الأفراد المنحدرين من طبقات فقيرة و عملوا في صفوف الأحزاب الثورية و أصبحوا في غاية الانتهازية بمجرد أن اصبحوا مسؤولين ، كما أن المنظمات الشعبية تعتبر أيضا وسطا ملائما لظهور الكثير من الشخصيات الانتهازية في صفوفها.

فَلكي نجيد صناعة الأمل والارتقاء بالوطن الى أعلى درجات الرقيّ، لابدّ من رفض الانتهازية بكلّ أشكالها التي تدفع باتجاه إنشاء مجتمعات موبوءة، كتلك التي أسس لها وصنع ابن تيمية الحراني بمجموع أساطيره وأطروحاته الوثنية وتسافلها الى درجة انتهاز الفرص الخبيثة، لبثّ الفرقة والشقاق بين أبناء الوطن الواحد، وباسم الدين المارق والخلافة المزعومة ، بادّعاءات قذرة لا تمتّ لتعاليم الإسلام الحنيف بصلة، المبنية على الصراع الطائفي الذي لا يريد له أئمة التيمية أن ينتهي ، بجرائمهم التي أنتجت الخطاب الطائفي والأيديولوجي المحرّض.