25 ديسمبر، 2024 4:41 ص

صناعة الأزمة …. دماء الشيخ ومراهقي السياسة

صناعة الأزمة …. دماء الشيخ ومراهقي السياسة

ما إن انجلت الغبرة عن أخبار مقتل الشيخ السويدان حتى عصفت التصريحات عصفاً بشاشات التلفزة، وبنبرات انتقامية تصعيدية غير مدروسة وطنياً ولا أخلاقياً ولا ظرفياً، وما زاد الطين بلة هو تسرب مقطع الفديو في مواقع التواصل الإجتماعي (الفيسبوك ) الخاص بوقفة التشييع الذي كشف حجم الانفلات التام في مشاعر الكره التي تنفث عند كلّ حادثٍ وحدثٍ سمومَ إشارات للمتهم الحاضر الغائب!!! والعقاب الكاسر الذي تم تحديده سلفاً، ومن أكثر الأمور تعساً في هذا الموضوع هو أن شاهدها نائب رئيس الوزراء الذي يمثل افتراضاً قمة السلطة التنفيذية وذوق الدولة العام باتجاه تنفيذ العدالة والركون للقانون، لا للثأريات والإتهامات والتصرفات غير المحسوبة، فهي إما أو أن تكون حشمة النائب و”كارزماه” تهدر دوما كسابقتها في حادثة خيم الفلوجة، أو أن تكون علامة السكوت الرضا !!!!! وهنا تكمن المصيبة، أما الهرولة إلى لعبة التعليق والوعيد بالانسحاب، فهذه باتت لعبة مكشوفة لا تنطلي على الناس كسابقاتها، حتى آل الأمر لما هو عليه اليوم في غرب العراق.
 وبالعودة للحادث على الجميع أن يبحث عن المستفيد من مقتل شيخ عشيرة ورمي جثته في منطقة جلُّ سكانها من مكون آخر لا تنتمي له الضحية، وهنا الإشارة قد تبدو واضحة لبصمات الفاعل الذي يريد إلباس الجريمة لباس الطائفية والمذهبية؛ لغايات يدركها الجميع، تبدأ بالتأجيج والاستنكار وتنتهي عند حدود التحصيل لمكاسب سياسية إضافية يروم فاعلها كسبها في المستقبل القريب والمستفيد الوحيد هو ذلك السياسي الذي خسر أرضه وعرضه وجمهوره محاولاً استعادة كل ذلك عبر خلق الأزمات والعزف على دماء الشركاء، راكلاً كلَّ الثوابت والأعراف الوطنية والأخلاقية والسياسية، فلم نسمع دعوات( لضبط النفس، ولتفويت الفرصة على المغرضين، والتأني في ردود الأفعال غير المحسوبة) برغم الظروف العصيبة التي يمرُّ بها البلد ورغم قوافل الشهداء ورغم التداعيات الإقتصادية ورغم أزمة المهجرين ورغم التسويف الدولي اتجاه حرب العراق مع عصابات داعش ورغم كل ذلك ،أخيراً، وجد بعض السياسيين الحل الأمثل (بالانسحاب) لمعالجة كل هذه الأزمات والجريمة التي هي محل البحث والحقيقة وبالتنصل والهروب من المسؤولية الوطنية والواجب المقدس الذي طالما كانوا بعيدين عنه، جاعلين من مكاسبهم الفئوية والطائفية فوق كل اعتبار فها هي الفرصة قد نزلت عليهم من السماء بطبق من دم الشيخ سويدان، وسيصبح قميص عثمان حجراً سيصيب الكثير من الأهداف، أولها: الجيش العراقي والحشد الشعبي الذي ما انفككتم ــ وفي أي فرصة تسنح لكم ـــ بطعنه والنيل من تضحياته الجسام وانتصاراته التي بانت ثمارها تحصد، وثانيها: هي فرصة لزيادة سقف المطالب الفئوية الضيقة كثمن للعودة من الانسحاب “المفبرك” وثالثها: مصالحة طبقة تستلذ بالخطاب الطائفي و”العنتريات” الفارغة، وهذه الحالة تدلُّ بشكل جلي وواضح للمراهقة السياسية وهشاشة الأرضية التي يقف عليها هؤلاء السياسيين الذين يتعكزون عليها عبر عشر سنوات انجلت من التباين في المواقف والرؤى واستغلال الحوادث العابرة؛ لنشر الفوضى وتضبيب الجو السياسي.
 إن المرحلة التي يمرُّ بها العراق اليوم تتطلب رجالاً حقيقيين لا فزاعات ومهرولين ولا إمعات، فالحسُّ الوطني الصادق والخطاب السياسي المعتدل هو السبيل الأضمن للخروج من كل هذه المشاكل التي بات أغلبها مفتعل بفعل فاعل؛ ولغايات رخيصة على حساب الدم العراقي المتدفق في جذور هذا البلد الكبير، أرموا حماقاتكم وتصرفاتكم الصبيانية التي أزكمت أنوف الناس.. أثبتوا مرة أنكم وطنيون حقيقيون وشركاء نزيهون.. برهنوا لجماهيركم أنكم أصحاب مشروع وطني يحتوي كل العراقيين دون استثناء.. اخرجوا من كوابيسكم وتبعاتكم التي ذُبِحَ بها الشعب، وابْتُلِيَ بها الوطن ..كفاكم من العويل الكاذب والتظلم الفارغ والإدعاء بالتهميش الذي خدعتم الناس به سنين، حتى أصبح “داعش” يجثم فوق رؤس الأبرياء الذين بثثتم في نفوسهم طوال عشر سنوات عقدة الطائفية، ونصبتم خيماً لحرق البلاد وعند وقوع الواقعة وليتم عنهم وجوهكم، وأسكنتموهم خيماً جرداء كوجوهكم الخالية من الرحمة والضمير فمن أنتم ومن تمثلون حقاً ؟!

أحدث المقالات

أحدث المقالات